بالتزامن مع اليوم العالمي لمناهضة التمييز العنصري، وفي أعقاب الإستطلاع الذي قام به الإئتلاف لماهضة العنصرية والذي أظهر نتائج مقلقة جدًا أهمها أنّ أكثر من نصف المجتمع الإسرائيلي (52%) على قناعة أن العنصرية في إسرائيل تفاقمت في السنتين الأخيرتين، وأنّ 79% من الإسرائيليين على قناعة أنّ هذه العنصرية موجهة ضد العرب، وأنّ كل إسرائيلي رابع (25%) اكد أن تعرض لموقف عنصري في الآونة الأخيرة، وأنّ الحل الأجد للعنصرية هو التثقيف والتربية، حيث أكد 73% من الإسرائيلين على أهمية التثقيف والتربية في محاربة هذه الظاهرة، التقى مراسلنا بالمحامي نضال عثمان، والذي يدير الإئتلاف لمناهشة العنصرية منذ سنوات، حيث تناول الحديث مظاهر العنصرية، عمل الإئتلاف في مواجهتها ومحاولة الإئتلاف في بناء مفوضية خاصة وسط تنعت حكومي غير مبرر.  

العنصرية باتجاه الفاشية، ولا تستثني أحد إذا ما تحولت لثقافة

"العنصرية في البلاد تتجه نحو الفاشية" هذا ما صرّح به المحامي نضال عثمان في بداية حديثه إلى "بكرا" مضيفًا: دائما كنا ندعي انّ العنصرية تتجه من سيء إلى أسوأ، وهذا بات أمر مقلقا جدًا، خاصةً أننا أصبحنا نلمس شرعنة من قبل المؤسسة الإسرائيلية  لمظاهر التحريض والعنصرية.

وقال: اذا نظرنا الى المعطيات والأحداث في السنة الاخيرة، نرى انه يكن هنالك فقط موجة من العنصرية من قبل اليمين الإسرائيلي، بل أنّ هنالك تنافسًا بين اقطاب اليمين في التحريض والعنصرية، هذا لم يمس المجتمع فقط كلاميًا، إنما قام بشرعنة العنصرية مما أدى إلى ترجمتها الى اعتداءاتٍ فعلية، والأحداث والإعتداء، خاصة على العرب، هي أفضل شاهد على ذلك. 

واسهب: الأمر لا يقتصر على اليمين الإسرائيلي، فهذا اليمين يتغذى من الحكومة ومن الوزراء الذين يتنافسون ايضًا في اطلاق التصريحات العنصرية، ويخطأ من يظن أن المتضرر الوحيد من هذه التصريحات هم العرب فقط، أي نعم أن نتائج الإستطلاع أظهرت أنهم الأكثر تضررًا، لكن في المقابل أظهر أن كل اسرئيلي رابع تعرض لموقف عنصريّ (25%)، فالعنصرية لا تستثني أحد لطالما تحولت إلى ثقافةٍ. 

وأضاف المحامي عثمان: ليس بالصدفة اليوم يُصادف اليوم العالمي لمناهضة لمظاهر التمييز والعنصرية، الذي خلاله يتم محاولة تطوير وبلورة خطاب من اجل مكافحة العنصرية، وهذا يعني أنّ هنالك قابليةمجتمعيّة لتبني خطاب عنصريّ وعلينا أن نعمل على وقف ومنع ذلك، وفي البلاد من الحريّ بنا بناء أوسع شراكة قادرة على التكاتف سوية من أجل محاربة العنصرية، هذه الشراكة مجتمعية وؤسساتية، يضاف إلى جهد تثقيفي، فوفق الإستطلاع الذي ذكر المجتمع الإسرائيلي على قناعة تامة تقريبًا أن التربية والتقيف تلعب الدور الأبرز في مواجهة خطاب الكراهية والعنصرية.

علينا مواجهة العنصرية داخلنا أولا ومن ثم الشارع الإسرائيلي

وأضاف المحامي عثمان مشددًا: علينا ايضًا ان نعترف بان هنالك ايضا عنصرية في مجتمعنا العربي، من غير المعقول أن نحارب العنصرية فقط في المجتمع الإسرائيلي، ولا يمكن تجزأة خطاب مواجهة العنصرية، ففي مجتمعنا العربي هنالك ايضًا عنصرية داخلية ضد ما هو مختلف، منها الطائفية والحمائلية والجندية وحتى ضد ذوي الإحتياجات الخاصة. 

وقال عثمان: حتى ندعم ونعزز خطابنا في مواجهة عنصرية الشارع الإسرائيلي علينا أن نتوحد داخليًا وننبذ كل مظاهر العنصرية بيننا. 

الإئتلاف، إنجازات وعمل مكثف 

وعن عمل الإئتلاف قال: تأسس الائتلاف لمناهضة العنصرية عام 2003 بهدف نشر الخطاب ضد العنصرية مقابل تقليص الظواهر العنصرية في الحيز العام الإسرائيلي. ينشط في الائتلاف اليوم أكثر من 40 منظمة (دون أهداف ربحية) التي تمثل وتخدم مجموعات وجماهير مختلفة في إسرائيل منها؛ المواطنون العرب، اليهود الشرقيون، ذوو الأصول الأثيوبية، متحدثو الروسيّة، طالبو اللجوء والمهاجرون الباحثون عن عمل.

"بشكل عام يوجد لدينا برامج وخطط من اجل مناهضة العنصرية، نحن في الائتلاف لمناهضة العنصرية نجحنا بتجنيد نقابة المحامين لهذا الهدف، وهذا امر هام نظرًا لمكانة نقابة المحامين الهامة، حيث يمكن التأثير بهذا التجنيد على اكثر من مسار، منها الجماهيريّ والقانونيّ، مما يعني تعديل على قوانين الكنيست التي تعتبر فضفاضة نوعًا ما عند الحديث عن محاربة العنصرية، تلك القوانين قادرة على تحديد ما هو عنصريّ إلا أنها غير واضحة على مستوى العقاب"- قال عثمان.

وأضاف على عمل الإئتلاف: نعمل ايضا مع نقابة الهستدروت العامة من اجل محاربة العنصرية ضد العمال، الأمر الذي لمسناه مؤخرًا بكثافة ويتكرر مع كل تصعيد أمني، كما أنّ هنالك شراكة ايضا مع اتحاد الطلبة الجامعيين، وهناك اللوبي لمناهضة العنصرية في الكنيست.

وأضاف عثمان: في هذا السياق لا بد من الإشارة إلى أنه ولأول مرة تقر الكنيست بان يوم الثلاثاء (22.3.16) هو يوم مناهضة العنصرية، وهذه تعتبر سابقة، من الواضح بان الكنيست بتركيبتها الحالية يستشف منها العنصرية وتحريض على العرب وعلى المهاجرين وعلى مجموعات اخرى، ورغم هذه الصعوبة نجحت النائبة العربية عايدة توما سليمان من اقرار يوم لمناهضة العنصرية، ولاول مرة في تاريخ الكنيست.

وقال: أضف إلى ما ذكر، كان لنا توجهات للحكومة لإقامة مفوضية لنبذ العنصرية، تمامًا كما يوجد هنالك مفوضية للمساواة بالعمل، ونحن فعلا بحاجة ماسة لتأسيس مفوضية لمناهضة العنصرية، حتى اليوم الحكومة لم تستجب لطلبنا لكن سنستمر في هذا التحدي حتى تحقيق مطلبنا.

وأوضح: نرى ايضا بان هنالك حاجة لتأسيس حركة مدنية واسعة في البلاد لمواجهة العنصرية، تعمل مع كل الشراكات التي ذكرتها، اضافة للاعلام، وبهذه المناسبة لا يسعني الا ان اذكر دور مؤسسة "بكرا" في مناهضة العنصرية التي لها دور كبير في العمل لمناهضة العنصرية في البلاد. ورغم كل هذا نحن بحاجة لمجموعات اخرى، حيث نعمل على تأسيس منتديات مدنية من العرب واليهود في اماكن مختلفة، تعتمد بالاساس على الناشطين والناشطات الذين تقلقهم العنصرية في البلاد، لذلك عنواننا المعركة لمناهضة العنصرية يجب ان لا تقتصر على المجموعات والجمعيات.

الثقيف المجتمعي وإطلاق حملة الكترونية خاصة موجهة للجمهور 

وفي سياق التثقيف المجتمعي والتربية على مناهضة العنصرية قال المحامي عثمان: الائتلاف لمناهضة العنصرية والمنظمات الشريكة يولون أهمية كبيرة لمسألة التثقيف في التغيير المجتمعيّ، ويؤمن الائتلاف لمناهضة العنصرية بأن التربية لا تقتصر على جهاز التعليم الرسميّ، إنما تتعلق بكل وسيلة نشر، مقولة أو فضاء يتم من خلالها تصميم عالم القيّم التي يحملها الأفراد، يشمل هذا التصريحات، غير المسؤولة والمُحرضة، التي يطلقها سياسيون ورجال دين، إعلام يعمل على تغطية الوقائع بصورة موجهة ومضللة، التربية في المنزل وفي محيط الأصدقاء، والشبكة العنكبوتية والمنشورات التحريضية التي تنشر وتعمم خلالها، فكل هذا مجتمعًا يشكل بوصلة للتربية أو ادوات للتربية، مما يجعل استعمالها الخاطئ يقودنا إلى الوضع الحاليّ الذي نعيشه اليوم. 

وقال عثمان: يرى الائتلاف لمناهضة العنصرية أنّ هنالك ضرورة لتعزيز تربية مغايرة مع استعمال صحيح للأدوات التي ذكرت أعلاه، ومن المهم التشديد أنّ التربية لتعدد الثقافات هي الأداة الموجهة التي تُمنح للأفراد لتجاوز الاختلافات الثقافية مما قد يساهم في وقف تفشي العنصرية. والتربية لتعدد الثقافات لا تعني فقط التعرف على ثقافة الآخر، إنما خلق بيئة جديدة تعكس الاختلافات الثقافية بصورة بنيوية.

وأختتم عثمان: في أعقاب المعطيات التي ذكرت أعلاه وأكدت على أهمية التثقيف المجتمعيّ، تقرر في الائتلاف لمناهضة العنصرية وبالتعاون مع المنتدى للتربية للحياة المشتركة اطلاق حملة الكترونية موسعة تعمل على نشر رسالة المنظمتين الفاعلتين في مجال مناهضة العنصرية وايضًا التأكيد على الحل- الكل يبدأ من التربية، وللإطلاع على الحملة يمكن التوجه إلى الرابط التالي: http://www.stopracism2016.com/.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]