تزامنا مع الثامن من آذار "يوم المرأة العالمي" ، نشرت جمعية عنوان العامل تقريراً عن وضع النساء العربيات في سوق العمل وتحديداً في سوق العمل الثانوي. "عاملات في الهامش": تقرير يسلط الضوء على الخروقات العديدة والواسعة التي تتعرض لها النساء العربيات لحقوقهن المحميّة وفقاً لقانون العمل في إسرائيل، بالاضافة للغياب الكبير للوعي لهذه الحقوق لدى معظم العاملات؛ التمييز الجندري اتجاههن لكونهن نساء ورؤيتهن كأيدي عاملة رخيصة ومؤقتة؛ التمييز القومي ضدّهن كونهن عربيات؛ وتقصير واهمال السلطات الحكومية المسؤولة عن تطبيق قوانين العمل.

27% فقط من النساء العربيات منخرطات في سوق العمل في اسرائيل، مقابل 65% من النساء اليهوديات. هذه النسبة القليلة لفتت في السنوات الاخيرة المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، لتعزيز انخراط هذه الشريحة في سوق العمل. الا أن معظم الثقل والنشاطات في هذا السياق تصب في مبنى فرص العمل المحدودة جدًا للنساء العربيات؛ في الخلل القائم ما-قبل-سوق العمل والذي يقلّص بشكل جدي من فرص النساء العربيات الانخراط في سوق العمل، مثل جهاز التربية والتعليم العربي؛ وفي محدودية الخدمات الداعمة للخروج للعمل، مثل أطر الرعاية الملائمة للأطفال وخدمات المواصلات العامة في البلدات العربية.

يُلقي تقرير "عاملات في الهامش" الضوء على عامل مركزي إضافي للمشاركة الضئيلة للنساء العربيات في سوق العمل وهو ظروف تشغيلهن السيئة والمهينة. تحظى هذه الظروف، والتي تستعرض بتوسّع في التقرير، باهتمام قليل كعامل يُفشل انخراط النساء العربيات في سوق العمل، بالرغم من تأثيرهن السلبيّ الكبير في كل ما يتعلّق بتحفيز النساء العربيات على ذلك.
يرتكز هذا التقرير، وهو من إعداد د. هناء حمدان-صليبا والمحامية غدير نقولا، على بحث أجري بمنهجية متضافرة بين البحث النوعيّ والكميّ، ونظر في ظروف تشغيل 61 عاملة عربية من الشمال، المثلث والجنوب، والمُشغّلات في القطاعين العام والخاص (تحديدًا في سوق العمل الثانوي). استندت المُقابلات على نموذج استطلاع بنيويّ والمكوّن من 80 سؤال لفحص قضايا عدة، من بينها: الخلفية الشخصية والمهنية؛ ظروف التشغيل وتطبيق الحقوق الاجتماعية؛ التمييز على أساس جندري؛ التمييز على أساس قومي ومدى وعي العاملات لحقوقهن في العمل. زد على ذلك، فقد أجريت مقابلات شخصية عميقة مع 10 مُحاوَرات (من أصل 61)، واللاتي تخللتها أسئلة مفتوحة أتاحت للمُحاوَرات التفسير والتوسع حول ظروف تشغيل كل منهن.
تشير نتائج البحث إلى واقع صعب تعاني فيه النساء العربيات من ظروف تشغيل مسيئة واستغلاليّة، وتشهد على ظروف تشغيل رديئة تنعكس في أجر متدنٍ، لا يصل احياناً الحد الأدنى للأجور كما ينص القانون؛ انتهاك واسع للحقوق المحميّة التي يضمنها قانون العمل في إسرائيل؛ فقدان الأمن التشغيلي؛ وظائف مؤقتة وجزئية؛ تعامل مُهين من قبل المشغلين؛ وتمييز على أساس الجنس والقومية.
يقوم مشغلي العاملات التي تمت مقابلتهن، العرب واليهود، باستغلال فظ للحالة الاقتصادية الصعبة للنساء ولحاجتهن لمكان العمل، خاصة في ظل النقص في أماكن العمل وفرص التشغيل المحدودة جدًا لهؤلاء النساء. كان من الواضح جدًا مدى صعوبة وضع العاملات العربيات من النقب، اللاتي تتعرّض حقوقهن في العمل، كما يبدو ونظرًا للنقص الشديد في أماكن العمل في منطقة سكناهن، لإنتهاكات أعمق وأوسع مقارنةً بباقي العاملات العربيات.
يعكس هذا التقرير صورة لواقع يستلزم علاجًا جديًا من قبل سلطات الدولة المعنية وخاصة تلك المسؤولة عن تطبيق قوانين العمل، بهدف تعزيز تطبيق حقوق العاملات العربيات وتحسين ظروف عملهن. زد على أن مثل هذا العلاج يسهم في رفع مكانة العاملات العربيات وحقّهن بالعمل بكرامة ولظروف عمل عادلة، فهو يشجّع انخراط النساء العربيات عامةً في سوق العمل.
يستعرض الفصل الأخير في التقرير جملة من التوصيات للجهات ذات التأثير من سلطات الدولة وحتى مؤسسات المجتمع المدني والتي باستطاعتها المساهمة في تحسين ظروف تشغيل العاملات العربيات.
وفي حديث مع المحامية غدير نقولا، مديرة فرع عنوان العامل في الناصرة، قالت " بالرغم من وجود مؤشرات لارتفاع نسبة مشاركة النساء العربيات في سوق العمل ودمجهن في فروع عمل جديدة، الا ان الصورة ما زالت قاتمة وما زلن النساء يتعرضن لانتهاكات كبيرة في سوق العمل ويتم اختراق حقوقهن بشكل كبير، بدءًا من الحقوق الاساس حتى الضمانات الاجتماعية لهن في العمل، ما يتطلب العمل الجاد والفوري من أجل وقف هذا الاستغلال من قبل المشغلين ومراقبة تطبيق قوانين العمل".
النتائج المركزيّة للتقرير:
- إلى جانب القطاعات التقليدية التي عملت بها النساء العربيات مثل جهاز التعليم والصحة، نجد في العقد الأخير ارتفاع ثابتًا في نسب انخراطهن في قطاعات العمل التي كانت في السابق أقل شيوعًا، مثل قطاع التجارة بالجملة والمفرق، قطاع خدمات الاستضافة والطعام. يمكن ردّ الارتفاع في نسبة النساء في هذه القطاعات إلى زيادة عدد المراكز التجارية والخدماتية في البلدات العربية، مما أتاح للنساء غير المتعلمات العمل في هذه الخدمات، إلى جانب الارتفاع في استعداد النساء أنفسهن العمل في مهن جديدة وغير تقليدية.
- بشكل عام، تُميّز الأدبيات العلمية العاملين في سوق العمل الثانوي كأصحاب مستوى تعليميّ متدن. إلا أن مجموعة البحث تُشير إلى عكس ذلك، بحيث أن أكثر من نصف المُحاورات، 58%، هن صاحبات تعليم فوق-ثانوي، وقسم منهن صاحبات لقب أكاديمي أول أو على وشك إنهاء اللقب. يمكن عزو الحالة الموصوفة هنا للنقص في أماكن العمل الملائمة لمستوى تعليم النساء العربيات الأكاديميات.
- يبدو الفرق كبيرا بين العاملات التي تمت مقابلتهن من منطقة الشمال والمثلث للعاملات من النقب، حيث ان الاخيرات يواجهن غياباً أكبر لأماكن عمل في مناطق سكناهن. 24% من النساء اللاتي تمت مقابلتهن من النقب يمضون أكثر من ساعة الى ساعة ونصف سفر من مكان سكناهن حتى مكان العمل، مقابل 7.5% فقط من المُحاوَرات من منطقة الشمال والمثلث.
ظروف التشغيل: فحص شروط عمل العاملات العربيات كشف إنتهاكات واسعة لحقوقهن المكفولة وفقاً لقانون العمل في إسرائيل، دليل على تقصير مؤسسات الدولة المسؤولة عن تطبيق قوانين العمل، وخاصةً بين المشغّلين في البلدات العربية، وهم المشغّل الأساسي للعاملات العربيات
- بلاغ بشروط العمل: 62% من العاملات اللاتي تمت مقابلتهن لم يحصلن على بلاغ في شروط العمل رغم ان القانون يلزم ذلك. أما المحاوَرات اللواتي استلمن بلاغًا ، لم يشمل هذا البلاغ كل الشروط التي ينصّ عليها القانون. هذا الخرق كان أكثر شيوعاً بين المحاورات من منطقة النقب حيث أن 81% منهن لم تستلمن بلاغاً بشروط العمل.
- قسيمة الراتب: 21% من العاملات اللاتي تمت مقابلتهن لم يحصلن على قسيمة الراتب بشكل شهري ومنظم. هذا التجاوز وُجِد بالأساس في أوساط المُحاوَرات من النقب، بحيث أن 57% منهن لم يستلمن قسيمة الراتب. أنا العاملات اللاتي أبلغن أنهن يتلقين قسيمة راتب، أكد البعض على أن الأمر كان بعد عناءٍ طويل، وفقط بعد طلبات عديدة وإلحاح على المشغّل.
- التشغيل الساعاتي والجزئي: قرابة ثلثي العاملات اللاتي تمت مقابلتهن، تلقين أجورًا حسب ساعات العمل وليس كدخل شهري ثابت. نسبة مشابهة لذلك موظّفات بوظائف جزئية، بحيث أن عدد ساعات العمل و/أيضًا عدد الورديات تتغيّر بشكل متكرر حسب طلبات المشغّلين. يقلّل هذان العاملان معًا من مستوى الدخل الشهري المتدني أصلاً ويزعزع شعور العاملات العربيات بالأمن التشغيلي. فحص معدل الدّخل الشّهريّ للعاملات، كشف أنّ 80% منهنّ يتقاضين راتبًا على حدود الحدّ الأدنى الشهري للأجور.
- خرق الحد الأدنى للأجور: 28% العاملات اللاتي تمت مقابلتهن يتلقين أجرًا للساعة أقلّ من الحد الأدنى للأجور والذي ينص عليه القانون. برز هذا التجاوز بشكل خاص بين المُحاوَرات من النقب، بحيث أن 45% منهن يستلمن أجرًا أقل من الحد الأدنى للأجور، مقابل 19% من العاملات في المثلث والشمال.
- الساعات الاضافية: نصف العاملات تقريباً اللاتي تمت مقابلتهن، أشاروا إلى انهن عملوا ساعات أضافية. إلا أن 40% من بينهن لم يحصلن على أجر اضافي مقابل ساعات العمل الإضافية كما يلزم قانون العمل والراحة.
- التأمين التقاعدي: 31% من العاملات اللاتي تمت مقابلتهن لم يتم تأمينهن لصندوق تقاعد، منهن من تجاوزت فترة أقدميتها في مكان العمل الـ6 سنوات. مقلقة بشكل خاص كانت نسبة العاملات اللاتي لم يعلمن إن كن مؤمنات في صندوق تقاعد أم لا، والتي وصلت نسبتهن إلى 13%.
- العطلة السنوية: 64% من العاملات اللاتي تمت مقابلتهن اشاروا انهن لم يحصلن على عطلة سنوية مدفوعة الاجر.
التمييز على أساس جندري وعلى اساس قومي: تعاني العاملات العربيات من تمييز مُركّب ومتنوّع، فمن جهة يُميّز ضدهن على أساس الجنس والجندر، الأمر الذي يظهر في المستوى المتدني للأجر الذي يتلقينه، في أنواع الوظائف التي يُشغلّهن فيها، وفي إمكانيات ترقيتهن وتقدّمهن في هذه الوظائف. إلى جانب كل ذلك، تعاني العاملات العربيات من تمييز على أساس قومي، كما هي حال الجماهير العربية عامة، الأمر الذي يتجلى في المتنوّع المحدود جدًا في أماكن العمل داخل البلدات العربية، في الدخول المحدود جدًا الذي يتيحه سوق العمل المركزي، وفي التمييز والتعامل العنصري الذي تواجههما العاملات العربيات في قسم من أماكن العمل بملكية يهودية.
- 28% من النساء العربيات العاملات اللاتي تمت مقابلتهن أكدن أنهن شعرن بالتمييز كونهن نساء، منهن 45% من العاملات قي النقب، حيث اشاروا على تعرض للتمييز الجندري في مكان العمل مقابل 20% من العاملات في الشمال والمثلث.
- 45% من العاملات أجبن بأن أجرهن أقل من أجر العامل الرجل الذي يقوم بنفس الوظيفة في نفس مكان العمل. كما أشرن العاملات إلى تمييز الجندري ضدهن في الترقية والتقدم في العمل، الأمر الذي ينتج فجوات إضافية في الأجور بين الرجال والنساء نظرًا لاختلاف المهام والمناصب.
- النساء العاملات اللاتي تمت مقابلتهن اشاروا الى تعرضهن لتمييز قومي بعد قبولهن للوظيفة، اكثر من مرحلة التوظيف. حيث أن %22 من المحاورات أفدن أنهن قد صادفن تعاملاً تمييزيًا في مرحلة القبول للعمل، بينما%67 منهن بلّغن عن تعامل مميز في مكان العمل وخلاله. غالبية العاملات فسروا شعورهن بالتمييز القومي في مكان العمل، بتفضيل المشغّل العمال والعاملات اليهود في الترقية، وبوضع شروط عمل مميزة ، غالبًا ما يكون في مجالات الثقافة، والدين، مثل منع المشغّل العاملات من التحدث مع بعضهن باللغة العربية في مكان العمل، وتشغيلهن في أيام الأعياد الدينية الخاصة بهن. زيادة على ذلك، تعرّض العاملات للتمييز حتى حد الإقالة خلال فترات التوتر الأمني في الدولة. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]