رغم من أن الديانات الإبراهيمية والشرقية هي الأكثر انتشاراً في العالم، فإن خارطة الأديان لا تخلو من ديانات أخرى تكتسب حضوراً ملحوظاً بغض النظر عن مضمونها.
هذا ما شهده القرن الـ 20، حين ظهرت ديانة جديدة باسم "ساينتولوجي" أو حسب بعض الترجمات العربيّة (العلمولوجيا)، والتي انتشرت بكثرة مؤخراً في أميركا.
المؤسس والبدايات
يعود تأسيس ساينتولوجي إلى كاتب الخيال العلمي الأميريكي ل. رون. هابرد، الذي بدأ حياته ككاتب وشبه طبيب نفسي ومنوّم مغناطيسي. بالرغم من الكثير من الدعاوى ضده لأنه ليس طبيباً، وأن أهم أفكاره ليست طبيّة أو علميّة، إلا أنه تمكن من تحقيق الانتشار وتحويل أفكاره إلى دين.
أسست في العام 1953 أول كنيسة للساينتولوجي في ولاية نيوجيرسي الأميركية، وتُعتبر الرؤية، التي "نزلت" عليه إثر اقترابه من الموت مرة نتيجة خطأ طبي، السبب الرئيسي لتأسيسيه هذه الديانة.
ساينتولوجي كمؤسسة
الانتشار الأكبر للساينتولوجي كان في أميركا، فحوالي ثلاثة أرباع المؤمنين بها موجودون هناك، كما لا يوجد عدد دقيق لأعداد المنتمين لهذه الكنيسة أو مؤسساتها، فالبعض يقول أنها تضم 10 ملايين في كل أنحاء العالم، في حين يعتقد آخرون أن عدد متبعيها لا يتجاوز الآلاف أو حوالي 4 ملايين حسب موقع الكنيسة.
إلى جانب ذلك، فإن الكثيرين يرون في ساينتولوجي شركةً ربحيةً، أو حتى شركة تجارية، حيث نقرأ حسب الموقع الرسمي لهم أنه في العام 2010 بلغت ممتلكات الكنيسة ما يقارب الـ 12 مليون متر مربع من الأرض، ولديها حوالي 70 مركزاً في أهم عواصم العالم. إلى جانب 11 ألف كنيسة ومركزاً منتشراً في 167 بلداً.
أبرز المعتقدات والممارسات
تعرف ساينتولوجي نفسها بأنها دراسة المعرفة، وذلك حسب المعنى اللاتيني للكلمة، فهي تدمج الرياضيات مع علم النفس مع الممارسات الروحية والفيزياء الذرية، لتفسير العلاقات الاجتماعية والأسريّة، إلى جانب العلاقة مع الغيب، فجوهر الإيمان فيها قائم على أن الذاكرة البشرية أو الإنسانية تعود إلى مليارات السنين، وتتجاوز في القدم عمر الكون والعالم الذي نعرفه، إذ كان هناك حينها كائنات فضائية باسم الثيتين، وهي كائنات روحية خالدة، إلا أنها انتقلت بين الأكوان وتلبست أشكال الحياة المختلفة وفقدت ذاكرتها حين حلت في أجساد البشر والكائنات التي نراها حالياً، والانعتاق منها سيوصل المرء لمرحلة المراقب الأعلى، التي تمكنه من التواصل مع الآخرين من دون استخدام جسده، فما نمتلكه اليوم من صور، هي ذاكرة العنف والتي زرعها الدكتاتور زينو في الكائنات التي تتلبسها الثيتين، ولابد من التخلص منها للوصول، إلى النقاء والصفاء الفكري.
لكن، من هو زينو؟ بحسب معتقدات ساينتولوجي هو طاغية المجرّات الذي شرّد الثيتين من كوكبهم وما زال يلاحقهم ويؤثر على ذاكرتهم، حيث استبدلها بذاكرة البشر والأديان والمفاهيم البشرية.
بالإضافة إلى ذلك هناك ممارسات يقوم بها أتباع ساينتولوجي، وهي استخدامهم لأجهزة تقيس مدى التلوث لدى الكائن البشري الـ e-meter، وتسعى لتخليصه من السموم في جسمه، إلى جانب جلسات ساونا مكثفة للتخلص مما يحمله من سموم، وتعاطي عقاقير خاصة موافق عليها طبياً بوصفها مزيجاً مركزاً من الفيتامينات لتطهير الجسد.
ساينتولوجي ترى علم النفس عدواً لها، بوصفه يخرب العقول، يستخدم الصور والذكريات السيئة ويساهم في تمكينها في الروح، ما يزيد من سيطرة الجسد على الثيتين، كما يرى هابرد أن مهنة التحليل النفسي بربرية وفاسدة.
مشاهير ساينتولوجي
اجتذبت ساينتولوجي الكثير من المشاهير في أميركا، يعد أبرزهم الممثل توم كروز، الذي كرّمته الكنيسة بوصفه وصل إلى أعلى مرحلة في الهرم الديني، ونال في العام 2004 ميدالية الحريّة التي تقدمها الكنيسة، أما المرحلة التي وصل لها فهي القدرة على التخاطر والتحكم بروحه خارج قيود الجسد.
إلى جانب كروز، هناك العديد من المنتمين للكنيسة والمشاركين في حملاتها الدعائية، كالممثل الأميركي جون ترافولتا، كذلك ليسا ماري بريسلي ابنة ملك الروك اند رول الفيس بريسلي. وعلى النقيض أعلن الكثيرون انفكاكهم عن المؤسسة كالممثلة شارون ستون، وكريستوفر ريفز، و المغني ريكي مارتن، وبراد بيت، والممثل الكوميدي جيري ساينفلد، وكذلك الممثل باتريك سويزي الذي وجد نفسه فجأة عضواً دون أن يعلم إثر تغريدة قام بها أحدهم.
انتقاد ساينتولوجي
تعرضت الساينتولجي للكثير من الانتقادات، خصوصاً من قبل زوجة هابرد الثانية (سارة)، التي اتهمته بالجنون وبتعنيفها وبخطف ابنتهما أثناء إجراءات الطلاق بينهما.
كذلك تم انتقادها من النواحي العقائدية، وأخرى من نواحي اقتصادية بوصف ساينتولوجي مؤسسة ربحية تهدف لجمع النقود فقط، كما أنها تعرضت للمحاربة في كل من ألمانيا وفرنسا، إلى جانب قضية التجسس والابتزاز التي قامت بها الكنيسة على العديد من دوائر الحكومة الأميركية كي تنال الإعفاء من الضرائب وهذا ما حدث في العام 1993.
بعض ما يقال عن ممارساتها مع أتباعها مثلاً منعهم من استخدام الأدوية الطبية، بوصف العلاج الروحي هو الحل، والتعامل مع أطفال الرعية بوصفهم جواسيس للكنيسة فيما يخص أسرهم، ومدى التزامهم بتعاليم الكنيسة.
[email protected]
أضف تعليق