شعر الرأس زينة المرء، فكثافة الشعر ولمعانه مرآة طبيعية تعكس حالة الجسم الصحية والنفسية، حتى أن الطب الحديث بات يربط بين حالة الفرد الصحية وعلاجاته الدوائية بعوارض تساقط الشعر أو الصلع.

ظاهرة تساقط الشعر قد تشكل معضلة نفسية لجيل يسعى لكمال مظهره الخارجي، في زمن عمليات التجميل.

ولكي نستطيع تشخيص ومعرفة أسباب تساقط الشعر والعلاجات المناسبة والمتاحة، فلا بد بداية من لمحة سريعة نفصل فيها مراحل النمو الطبيعي للشعر.

النمو الطبيعي للشعر

مدة نمو الشعر تتراوح ما بين سنتين الى ست سنوات. 90% من الشعر ينمو كل الوقت، أما نسبة الـ 10% المتبقية، فإنها تخلد في تلك الاثناء للراحة لفترة زمنية قد تمتد من شهرين إلى ثلاثة أشهر، ثم يبدأ هذا الشعر بالتساقط مع انتهاء هذه الفترة. لذلك، تقوم بصيلات الشعر بالبدء بإنتاج شعر جديد لتبدأ دورة نمو جديدة.

ينمو شعر الرأس ما بين 10 إلى 15 مليمتراً في كل شهر. إلا أن وتيرة نموه تبدأ بالتباطؤ تدريجياً كلما تقدم الانسان بالسن. لابد أن نلفت النظر بأن تساقط الشعر بوتيرة تتراوح ما بين 50 إلى 100 شعرة يومياً، يعتبر أمراً طبيعياً جداً إلا إن زاد عن هذا الحد.

«أفضل الأدوية لعلاج تساقط الشعر.. أن تبحث عن السبب أولاً»

قد ينجم تساقط الشعر بوتيرة عالية من عدد كبير من الاسباب. في بعض حالات التساقط، ينمو شعر جديد مكان الشعر الذي سقط. وفي حالات أخرى يكون نمو الشعر الجديد بطيئاً جداً أو معدوم. وتعرض الأكاديمية الأميركية لأطباء الأسرة لائحة عامة بأسباب تساقط الشعر عموماً لدى الرجال أو النساء أو الأطفال أو المراهقين، وهي تشمل:

أولاً: العامل الوراثي:

تناقص الشعر والصلع الوراثي، وهو أكثر أسباب تساقط الشعر انتشاراً، إذ تنتقل هذه الصفة وراثياً من الأم أو الأب. وبحسب الدراسة التي أجراها مركز "الرابطة الأميركية لتساقط الشعر"، فإن نسبة 95% من حالات الصلع عند الرجال و85% منها عند النساء يعود سببها للعامل الوراثي.

زمن الممكن أن تبدأ هذه الظاهرة في العقد الثاني، أو الثالث، وحتى العقد الرابع من العمر. الصلع ذكري الشكل (الصلع الوراثي) رغم أنه قد يصيب الرجال والنساء، إلا أنه سمي كذلك لأن الهرمونات الذكرية كالتوستسترون والأندروجين هي المسؤولة عن تساقط الشعر. غالباً ما يبدأ تساقط الشعر من قمة الرأس ومن طرفي مقدمة الرأس، ومن ثم يتقدم من كلتا الجهتين ليؤدي للصلع في كامل الرأس عند الرجال ومناطق محددة في الرأس عند النساء، حيث أن النساء اللاتي تعانين من هذه الظاهرة، عادة ما يكون شعرهن خفيفاً، لكن لا يصبن بالصلع تماماً.

ثانياً: الضغوط النفسية

يوقف التوتر نشاط نمو الشعر، وتأثيره السلبي على فروة الرأس يظهر بعد فترة من الوقت (بضعة أشهر)، ويتطلب الامر مزيداً من الوقت كي يعود الشعر إلى سابق نموه ووفرته، ويضيف الباحثون القول إن الجيد في الأمر أن سقوط الشعر بسبب التوتر لا يحتاج عادة إلى علاج، بل يعود الشعر إلى سابق حاله الطبيعي بزوال الأسباب.

هناك أيضا حالات (النتف اللاإرادي للشعر)، وهو أحد مظاهر الاضطرابات النفسية غير المفهومة طبياً حتى اليوم بشكل واف، حيث يقوم بعض الأشخاص بنتف مناطق معينة من فروة الرأس، شعر الحاجبين أو شعر الاهداب (الرموش) لدى الاطفال، أو لدى بعض البالغين بشكل متكرر، ليصل بها إلى حد زوال أو قلة غلافها الشعري، وتسمى هذه الحالة طبياً بـ«اضطراب قلع الشعر».

ثالثاً: اضطرابات هرمونية:

يسبب إضطراب نسب الهرمونات المختلفة في الجسم، بمشكلات مؤقتة في نمو الشعر وتساقطه، مثل ما يحصل خلال مراحل الحمل والولادة والرضاعة، أو بعد تناول أدوية منع الحمل الهرمونية أو حتى بعد التوقف عن تناولها لفترات طويلة، أو خلال مرحلة بلوغ سن اليأس، أو اضطرابات أمراض الغدد الأخرى بالجسم، خصوصاً الاضطرابات التي تزداد فيها نسبة هرمون تستوستيرون الذكوري, وأمراض الغدة الدرقية.

كما ان للحمل وما بعده دور في ذلك، حيث يقول الباحثون بأنه من الطبيعي خلال فترة الحمل أن يزداد سمك الشعر وغزارته بالجسم، فارتفاع مستويات الهورمونات لدى المرأة خلال أشهر الحمل يقلل من تساقط الشعر، وهبوط مستوى الإستروجين بعد الحمل يجعل فقدان كميات كبيرة من الشعر أمراً طبيعياً، حتى تعود نسبة الاستروجين لمستواها الطبيعي خلال فترة الستة شهور الأولى بعد الحمل.

رابعاً: الأدوية العلاجية:

هناك مجموعات مختلفة من الادوية، والتي تؤثر على فروة الرأس وتؤدي إلى تساقط الشعر مثل:

· الأدوية المضادة للاكتئاب (antidepressants)
· بعض أنواع الأدوية المنومة.
· بعض أدوية منع الحمل الهرمونية.
· الأدوية المسيلة للدم، بعض أنواع أدوية معالجة أمراض القلب والشرايين أو ارتفاع ضغط الدم.
· نقص بعض الفيتامينات الدوائية مثل فيتامين (A) و(E)
· أدوية معالجة السرطان الكيميائية (chemotherapy)
· علاج السرطان بالأشعة (radiation therapy)
وغيرها مما يسأل الأطباء عنه مباشرة في بداية التشخيص.

خامساً: بعض الامراض التي تؤثر على الجلد نذكر منها بشكل عام:

· مرض السكري.
· درجة الحرارة المرتفعة.
· النزلة الوافدة (Influenza) الحادة.
· أمراض الغدة الدرقية (Thyroid gland) سواء كانت الغدة الدرقية نشيطة أو كانت خاملة، فإن ذلك سيؤدي إلى تساقط الشعر.
· الغذاء المفتقر للبروتين.
· نقص الحديد في الدم.

سادساً: بعض الأمراض الجلدية وهنا بعض الامثلة:

1- الثعلبة النـدبية (Cicatricial alopecia): هي إحدى الظواهر النادرة جداً، تتسبب في ظهور بقع صلعاء مصحوبة بالحكة و/ أو الالم، تكون التهاب حول بصلة الشعر فيصيبها بالضرر ويؤدي إلى تساقط الشعر.

2- سعفة الرأس (Tinea Capitis): تنجم سعفة الرأس عن تلوث فطري جلدي، وتتميز بظهور بقع مغطاة بالقشرة على فروة الرأس. يعتبر هذا المرض معدياً جداً، وهو منتشر جداً لدى الاطفال. ويمكن معالجته بواسطة الادوية.

3- الثعلبة البقعية (Alopecia Areata): هي ظاهرة فقدان الشعر لدى الاطفال أو البالغين في أية مرحلة من العمر. وعادة ما يتمتع الاشخاص الذين يعانون منها بوضع صحي سليم. وهي تتميز بنشوء مناطق صلعاء، صغيرة ومدورة، يعادل قطر الواحدة منها قطر قطعة نقدية معدنية، أو أكبر بقليل. في معظم الحالات، يعود الشعر إلى النمو مجدداً، لكن العلاج لدى طبيب الامراض الجلدية من شأنه أن يسرع عملية النمو المتجدد للشعر.

سابعاً: سوء التغذية:

سوء التغذية أو حمية إنقاص الوزن غير الصحية، أو عمليات تحزيم وتقليص المعدة تؤثر على الشعر، حيث أن الشعر كباقي انسجة الجسم (ذات طبيعة النمو المتواصل) يحتاج إلى كميات كافية من البروتينات والعناصر الغذائية الأساسية كالفيتامينات والمعادن لنموه.

ثامناً: العناية الخشنة بالشعر ومستحضرات كيماوية ضارة:

استخدام مستحضرات مصنعة كيماوياً للعناية بالشعر مثل: صبغات الشعر، مواد تفتيح اللون، مواد تمليس الشعر والمواد المختلفة المستخدمة من أجل التجعيد، كذلك مجفف الشعر. إذا تم استخدام هذه المستحضرات في أوقات متقاربة ومن دون الإلتزام بطريقة الإستعمال المرفقة على المنتج، فمن الممكن أن يضعف الشعر ويميل إلى التقصف، وأحياناً تسبب الإصابة بالالتهابات الفطرية في فروة الرأس. لذلك فمن المحبذ التوقف عن استخدامها، إلى أن يتجدد الشعر ويستعيد عافيته، وتختفي الشعرات المتضررة.

علاج تساقط الشعر

لاتترد، إستشر الطبيب المختص. رغم توفر إمكانيات علاج عديدة لتساقط الشعر للرجال أو النساء على حد سواء، يواجه الكثير من الأشخاص صعوبة في تقبل الأمر، وصعوبة أكبر في تلقي العلاج. تنبع هذه الصعوبة من عدم الوعي للمشكلة وعدم الوعي لتوفر العلاج في الكثير من الحالات. تتأثر النساء من الصلع أكثر من الرجال، وقد يؤدي الأمر لديهن للإحباط، اليأس، قلة تقدير الذات أو الشعور بفقدان الأنوثة. من المهم أن نشير في هذا المقال إلى أن إمكانيات العلاج المتوفرة تستطيع حل المشكلة وتحسين الوضع القائم بشكل ممتاز.

على أي حال، يجدر التحدث مع طبيب الجلد المعالج حول إمكانيات علاج تساقط الشعر الافضل والانجع للحالة العينية، وقد يتم الإستعانة بمعالج نفسي في بعض الحالات.

مراجعة طبيب الجلدية:

باستثناء تأثيرات الجينات الوراثية، فإن اللجوء إلى طبيب مختص في وقت مبكر يساعد في إبطاء وتيرة تساقط الشعر، كما أن بعض الحالات ممكن أن يتم علاجها بالإستعانة بالدواء، أو حتى الجراحة إن لزم الأمر.

الأمر ليس صعباً، فطبيبك سيطلب منك ما يلي:

· معلومات كافية عن الحالة الصحية والأدوية التي تتناولها بشكلب منتظم أو متقطع.
· الطعام الذي تتناوله (الكم والنوع).
· معلومات عامة في ما يخص الهرمونات (الغدة الدرقية، الدورة الشهرية، الحمل وغيرها)
· هل سبق وان تلقيت علاجات لتساقط الشعر سواء تحت إشراف طبي؟ أو من الصيدلية أو المستحضرات التجميلية؟
· يقوم الطبيب بفحص فروة الرأس والتشخيص السريري أيضاً.

ما هي امكانيات علاج الصلع؟

المتممات الغذائية والمستحضرات التجميلية:

بداية، يلجأ معظم المرضى (ذكوراً أو إناثاً) إلى الصيدلية أو مراكز التجميل المرخصة كوسيلة أولية لعلاج المشكلة. حيث تتوافر في الصيدليات بعض أنواع الفيتامينات والمتممات الغذائية والتي تعمل على تحفيز نمو الشعرة، كذلك تتوفر في بعض المراكز التجميلية، كما الصيدليات منتجات كيميائية تستخدم بشكل موضعي على فروة الرأس تغذي بصلة الشعر وتدعم نموها. هذه المتممات أو المستحضرات العلاجية الموضعية ما هي إلا خطوة أولى، ولكن ما إن يتضح عدم جدواها فمن الواجب التوجه للطبيب المختص لبدء العلاج التشخيصي.

العلاج بالأدوية:

يتوفر حتى الآن نوعان من الأدوية التي يمكن استخدامها لعلاج تساقط الشعر عند الرجال- المينوكسيديل (Minoxidil) والفيناستيريد (Finasteride). يُمكن استخدام المينوكسيديل لعلاج الصلع لدى النساء، وفي حالات الصلع الصعبة لدى النساء يمكن استخدام الفيناستيريد (Finasteride)، الا أنه من النادر استخدامه لهن. أيضاً في الحالات المستعصية للصلع لدى النساء، غالباً ما يُستخدم دواء السبرينولاكتون (Spirnolactone).

حذار استعمال هذه الأدوية من دون الإستعانة بالطبيب المختص أو إستشارة الصيدلي. فالإستعمال الخاطئ للدواء سيكون له آثار سلبية على صحتك.

ماذا إن لم تنجح امكانيات العلاج بالأدوية؟

بعض حالات تساقط الشعر تُعتبر مستعصية للعلاج وتفشل الأدوية في علاجها. لا يعني الأمر نهاية إمكانيات العلاج، فالمعالجة الجراحية أمر ممكن والجراحة الأكثر شيوعاً هي زرع الشعر.

وزرع الشعر هي عملية جراحية غير معقدة وقليلة الأعراض الجانبية. خلال زرع الشعر يتم نقل بصيلات الشعر من المناطق السليمة في الرأس، إلى المناطق الصلعاء. بعد فترة من الزمن تبدأ هذه البصيلات بالنمو، ويؤدي الأمر لنمو الشعر بوتيرة وكثافة جيدة.

في الختام أود القول إنه وعلى عكس ما هو شائع، فإن مشكلة تساقط الشعر لها الكثير من الحلول، تذكر أن تساقط الشعر- مشكلة، ولكن علاجها قد يكون ممكناً في كثير من الأحيان.

ولمن لم تتسن له فرصة العلاج فلا تجزع من مظهرك الخارجي فجوهر المرء ينبع من روحه المعطاءة وقلبه النقي، ومكانتك الإجتماعية ما هي إلا نتاج أخلاقك السامية وعلمك النافع، وكما قال جبران خليل جبران (الجمال ليس في الوجه. الجمال هو نور في القلب).

 

أحببت الخبر ؟ شارك اصحابك
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]