أظهرت معطيات نشرتها منظمة التعاون والتنمية OECD مؤخرا ان الأطفال في إسرائيل يعتبرون من افقر الأطفال نسبة للبلدان الموجودة في منظمة التعاون والتنمية، حيث وصلت النسبة في إسرائيل الى 28.5% من الأولاد الموجودين تحت خط الفقر، كما اظهرت المؤشرات ان إسرائيل تحتل الصدارة في الفجوات والفوارق بين الأغنياء والفقراء.

ويرجح خبراء اقتصاديون بأن السبب في ذلك هو النظام الإسرائيلي والسياسة الرأسمالية التي تتبعها الحكومة والتي تفضل من خلالها الأغنياء وأصحاب الرأسمال والوظائف والمناصب الرفيعة على الفقراء علما ان إسرائيل تعتبر دولة غنية اقتصاديا الا ان عدم توزيع "الكعكة الاقتصادية" كما يجب الى جانب تهميش المجتمع العربي من الميزانيات الاقتصادية، وعدم دمجه في سوق العمل والخدمات المؤهلة والمهن العالية التي تعتبر جزء من الاقتصاد المتطور في الدولة. هو الذي جعل إسرائيل تصل الى الصدارة في مؤشرات التنمية والتعاون من النواحي الاقتصادية..

رمزي حلبي: المشكلة الأساسية في إسرائيل هي توزيع الكعكة الاقتصادية

الخبير الاقتصادي الدكتور رمزي حلبي قال معقبا على هذه المؤشرات: من المعروف ان إسرائيل انضمت قبل حوالي خمس سنوات الى منظمة التعاون والتنمية، لذلك عندما نقارن المؤشرات لاقتصادية في إسرائيل فإننا نقارنها بدول المنظمة، وهم حوالي 33 دولة من الدول المتطورة في العالم ولا تجري المقارنة مع الدول النامية مثل سوريا او مصر او دول أخرى تعتبر دول ضعيفة اقتصاديا مقارنة مع إسرائيل، لذلك الإنتاج القومي لإسرائيل يتخطى ال300 مليار دولار وعمليا إسرائيل دولة غنية ومعدل الإنتاج السنوي في إسرائيل للفرد الواحد يتعدى ال 35 الف دولار وهذا الأمور تشير الى ان إسرائيل دولة غنية، لكن المشكلة الأساسية في إسرائيل هي توزيع الكعكة الاقتصادية، فبدل ان يتم توزيعها بشكل عادل ومتساوي يشعر من خلاله المواطنين بغنى الدولة التي يعيشون بها فانه للأسف الشديد السياسة الرأسمالية المتبعة في الدولة تعطي افضلية اقتصادية لأصحاب رؤوس الأموال ولمحركات الاقتصاد، أي انه بالنسبة للسياسات العليا هناك افضلية لصاحب العمل المبادر الغني، الذي يكسب اكثر من موارد الدولة.

وتابع مفصلا: هناك محاولات في إسرائيل لسد الفجوات بين الأغنياء والفقراء بطرق مختلفة منها مؤسسات التأمين الوطني ومخصصاتها، وسياسات ضريبة الدخل واعادتها للفقراء في حين ان جميع هذه الاليات ممكن ان تساعد ولكن ليس بالشكل الكافي، وتبقى إسرائيل في المكان الأول بدول منظمة التعاون والتنمية بما يتعلق بمؤشر الفرق بين الغني والفقير في إسرائيل أي اننا نتواجد في المكان الأول بين الدول المتطورة في العالم في الفارق بين الغني والفقير، وبحسب مؤشر جيني الذي يفحص توزيع الموارد الاقتصادية، فان التوزيع في إسرائيل غير عادل مما يسبب ارتفاع في نسبة الفقراء في إسرائيل، ونحن نتحدث عن نسبة تتخطى ال 20% من السكان هم فقراء عمليا وفقر في شريحة الأولاد هو امر مقلق.

52% من العائلات العربية حسب اخر تقرير للتأمين الوطني هي متواجدة تحت خط الفقر أي اكثر من نصف المجتمع العربي

واسهب بالشرح: في حال اخذنا المجتمع العربي داخل البلاد والذي يكون خمس السكان نرى ان 52% من العائلات العربية حسب اخر تقرير للتأمين الوطني هي متواجدة تحت خط الفقر أي اكثر من نصف المجتمع العربي، بينما المعدل القطري في إسرائيل للعائلات التي تحت خط الفقر هي فقط 18%، لذلك فان نسبة العرب في شريحة الفقراء اكثر بكثير من نسبتهم في مجموع المواطنين في إسرائيل.

وعن الأسباب قال: هناك عدة أسباب التي أدت الى هذا الوضع، منها سياسات الحكومة وتوزيع الموارد وتفضيل المجتمع اليهودي على المجتمع العربي من ناحية توزيع الكعكة للسلطات المحلية وبرامج اقتصادية وتطوير مناطق صناعية، ومناطق تجارية، هناك فرق كبير بين الاستثمار في المناطق التجارية والصناعية في البلدات اليهودية مقابل العربية، الى جانب ان الكثير من العائلات العربية تعتمد على المخصصات المدفوعة من مؤسسة التأمين الوطني مثل مخصصات الأولاد البطالة والاعاقة حيث تم في السنوات الأخيرة تقليص هذه المخصصات بشكل مستمر، مما رفع من نسبة الفقر خاصة بين العرب والمتدينين اليهود، في إسرائيل هناك دعم لوزارة الدفاع التي تتخطى ميزانيتها الـ60 مليار شيكل على حساب الفقراء والرفاه الاجتماعي والتربية والتعليم والصحة وغيرها.


على العرب ان يخوضوا مجالات فيها الأجور عالي مثل الهايتك ومؤسسات مالية وشركات تأمين

وأضاف: كما انه يجب ان يكون هناك تشجيع لدخول المرأة العربية الى سوق العمل، لا يكفي ان 32% من النساء العربيات تعملن بمعنى ان هناك نسبة عالية جدا لا تعمل ولا تدخل الى سوق العمل وهذا يسبب فقر لأننا بعد فحص الموضوع وجدنا بان العائلة التي يعمل بها الطرفين المرأة والرجل فان نسبة الفقر تهبط الى حوالي 10% بدل 52%، لذلك فان وجود النساء العربيات في حلقة العمل يرفع من مستوى المعيشة ويخفض من نسبة العائلات الموجودة تحت خط الفقر، كما ان الفروع التي بها أجور متدينة مثل البناء او النسيج او خدمات غير مؤهلة والتي تعطى بها أجور منخفضة لا تساعد العائلات على الخروج من حلقة الفقر، لذلك يجب ان نشجع اكبر عدد ممكن من العائلات العربية ان يخوضوا مجالات فيها الأجور عالي مثل الهايتك ومؤسسات مالية وشركات تأمين.

واختتم قائلا: بالإمكان مكافحة ظاهرة الفقر بصورة عامة وخاصة في المجتمع العربي، من خلال تغيير في سياسة الحكومة ودعم اكبر للعائلات المحتاجة وهذا الامر لم يحصل مع ان إسرائيل عندما دخلت في منظمة التعاون والتنمية وعدت ان تسد هذه الفجوات وان تخصص للمجتمع العربي مبالغ لدعم المجتمع العربي، وفي حال تم تنفيذ خطة ال15 مليار التي طرحتها الحكومة فإنني أتوقع ان يساعد ذلك في تخفيض نسبة الفقراء في المجتمع العربي، وكما ذكرت الاختبار لهذه الخطة هو بالتنفيذ الكامل وليس بالشعارات والتصريحات.

امين فارس: طالما المجتمع العربي لا يعتبر جزءا من الاقتصاد المتطور والأجور العالية التي ممكن ان يحصل عليها من خلال اندماج أبنائه في المهن المتقدمة فان هذا الوضع سيزداد سوءا ولن تتم معالجته


بدوره الخبير والمحلل الاقتصادي امين فارس قال ل"بكرا": تعتبر إسرائيل الدولة الأولى من بين 33 دولة في منظمة التعاون والتنمية من ناحية الفوارق الاجتماعية ومقياس الفقر، حيث ان الوضع الاقتصادي والاجتماعي فيها سيء جدا ومستمر بالسوء، بالمقابل فان الوضع يتحسن في دول أخرى موجودة ضمن القائمة مثل تركيا وتشيلي الا ان إسرائيل في الصدارة من ناحية مؤشرات الفقر والفوارق الاجتماعية خاصة عند الأطفال. عندما يتم الحديث على فقر في إسرائيل فمن الواضح ان المجتمع العربي هو السبب الأول لهذه النتيجة، وهذا الامر ليس بإراداته وانما بسبب السياسات الاقتصادية والاجتماعية للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أدت الى هذا الوضع وهو امر مستمر.


وتابع: نسبة 50% واكثر من الأطفال الفقراء في البلاد هم أطفال عرب، بينما نسبتنا في الدولة هو 22% لذلك من الواضح ان الوضع الاقتصادي الاجتماعي المتردي في المجتمع العربي هو عمليا ينعكس على المقاييس الدولية، ويعطينا هذه النتيجة.

والمؤسف ان الحكومة لا تتعامل مع الامر بشكل جدي وواضح، واتوقع اذا ما تم تنفيذ الخطة الأخيرة بشكل جدي ان تحسن الواقع الاقتصادي الاجتماعي المتردي للمجتمع العربي في حال تنفيذها، طالما المجتمع العربي لا يعتبر جزءا من الاقتصاد المتطور والأجور العالية التي ممكن ان يحصل عليها من خلال اندماج أبنائه في المهن المتقدمة فان هذا الوضع سيزداد سوءً ولن تتم معالجته، لذلك الحل هو جذري وان يكون المجتمع العربي جزء من الاقتصاد المتطور في البلاد، وأن يكون اجوره عالية وان تتغير بنية المهن التي يعمل بها العرب والتي لا تعكس الوضع الاقتصادي العام المتطور في البلاد وكأننا نتحدث عن اقتصادان في دولة واحدة..

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]