في ظلّ غياب الأطر الاجتماعيّة والجماهيريّة الوطنيّة الكافية للشبيبة في رهط في النقب، وصعوبة الحياة اليوميّة، اقتصاديّا وسياسيا، أصرّ بعضهم الحفر في الصخر لولادة حركة شبابيّة وطنيّة تعنى الربط بين العمل الاجتماعي، والخدماتي والسياسي- الوطني.
فاز الشاب خالد نصاصرة، ابن الـ 18، طالب في مدرسة النور الثانوية في رهط، مؤخرا بمنصب رئيس مجلس الشبيبة البلدي في رهط، وذلك إضافة لكونه رئيسا لمجلس الطلبة في مدرسته، وعضوًا فعالا في اتحاد الشباب الوطني الديمقراطي (شبيبة التجمّع) في مدينة رهط.
في حديث مع الشاب نصاصرة حول ماهيّة عمل مجلس الشبيبة البلدي في رهط قال إن " المجلس يرتكز حول خدمة فئة الشبيبة في رهط، وذلك من خلال فعاليات للتوعيّة بقضايا مجتمعيّة وتعليميّة مختلفة، وتنظيم ورش على مستوى البلد، ودعم الطلاب والطالبات بكل ما يحتاجونه، مشكّلين بذلك عنوانا لشباب وشابات رهط".
حول ما يميّز المجلس هذا العام، قال نصاصرة إن "هذه الدورة الرابعة لعمل مجلس الشبيبة في البلد، لكن انتخابي لرئاسته يُشكّل أمرا جديدا على سيرورة عمل المجلس، فهذه هي المرّة الأولى التي يكون رئيس مجلس الشبيبة هو طالب في المرحلة الثانوية وممثلا عن إحدى مدارس البلد". وأضاف نصاصرة أن " كوني ابنًا للحركة الوطنيّة وعضوا فعالا في اتحاد الشباب الوطني الديمقراطي، سيعود ذلك بالفائدة والتجديد على عمل المجلس، وستُضخ دماءً شبابيّة جديدة وبروح وطنيّة، تربط ما بين العمل الاجتماعي والتعليمي والوطني".
ما يلفت الانتباه في حديث نصاصرة وحياته اليوميّة هو قدرته على التنسيق ما بين العمل لخدمة طلاب مدرسته، وشبيبة بلده، وعائلته، إضافة إلى نجاحه العلمي إذ تقدّم مؤخرا نصاصرة لامتحان البسيخومتري وهو الآن في أوج التحضيرات لامتحانات "البجروت" النهائيّة لإنهاء تعليمه الثانوي.
حول تنسيق الوقت قال نصاصرة "إنني على دراية تامّة أن هذه المرحلة في حياتي مصيريّة، فهي لا ترسم معالم مستقبلي أكاديميًا قط، بل لها الأثر الأكبر في صقل هويتي وملامح شخصيّتي، لذلك، أسعى لاستغلالها في أفضل صورة من خلال التنسيق وترتيب وقتي، حتى لا تتغلّب أموري ومسؤوليّاتي الشخصيّة على المسؤوليّات الأخرى بخصوص عملي مع شبيبة بلدي ومدرستي، والعكس صحيح".
ووجّه نصاصرة رسالة لأبناء وبنات جيله قائلا " إيمًانا منّي بأهميّة عملنا كشباب وشابّات في المجتمع الفلسطيني، وقدرتنا على التأثير على مسرى حياتنا أفرادا ومجتمعًا، أدعوكم جميعًا للانخراط بالعمل الجماهيري والوطني، والذي في المحصّلة يعود بالفائدة علينا جميعا، بالموازاة إلى تحصيلنا العلمي والتحاقنا بالكلّيات والجامعات".
يجدر الذكر أنه منذ عام، أعيد تشكيل وانطلاق اتحاد الشباب الوطني الديمقراطي (شبيبة التجمّع) في رهط وبلدات أخرى في النقب، ليشكّل نواة لعمل شبابي توعوي تثقيفي ووطني في المنطقة، وكان نصاصرة من أوائل من انخرطوا ودعوا للانضمام لهذا الفرع. ويقول نصاصرة حول ذلك، إن "شبيبة المدارس في رهط شهدت تغييرات عديدة منذ انطلاقة اتحاد الشباب قبل عام، فإضافة إلى عدد الأعضاء الآخذ بالازدياد، نظّمنا، على سبيل المثال لا الحصر، مع بداية الهبّة الشعبيّة قبل شهرين مظاهرات أمام مدرستنا الثانويّة، وسرنا حتى وصلنا إلى ساحات مدارس أخرى وسُرعان ما بدأ الطلاب من كافّة المدارس بالانضمام إلينا، وهو أمر غير مفهوم ضمنا بالمرّة".
نجاح خالد نصاصرة، ابن الـ 18 ربيعًا، ليست قصّة نجاح فرديّة، بل لها دلالتها على التغيير الحاصل بين شبيبة المجتمع الفلسطيني في الداخل عامّة، والنقب الفلسطيني خاصّة، إذ يشهد الأخير محاولات ومخططات مكثّفة لترويض العمل الاجتماعي الوطني، وتشويه وتقسيم للهويّة. على سبيل المثال، مشهد مسيرات طلابيّة تنطلق من ساحات المدارس لتجوب البلدات، مُرتدين الكوفيّات الفلسطينيّة والعلم الفلسطيني، مرددين هتافات سياسيّة- وطنيّة، لم يكن مشهدًا مألوفا في السنوات الأخيرة، حتى بادر إلى ذلك بعض الطلاب في العام الماضي، من بينهم طلبة أعضاء في اتحاد الشباب في فروعه المختلفة، وبات شبه تقليد سنوي، يحمل في طيّاته الكثير من معاني النضج والتحدّي للمجتمع والمؤسسة.
[email protected]
أضف تعليق