ما زالت الحركة الاسلامية بشقها الشمالي تمتص اثر قرار الحكومة الاسرائيلية بحظرها واخراج 18 جمعية اهلية تابعة لها عن القانون والتي الحقت ضررًا بأكثر من نصف مليون فلسطيني من الداخل.

وعقب قرار الحظر عدد من الفعاليات التضامنية، آخرها مسيرة مشاعل وتظاهرة مساء اليوم السبت في طمرة. ولكن يطرح التساؤل، هل ما قامت به الحركة الاسلامية من ردود فعل ارتقى لمستوى الحدث؟! هل الحراك الشعبي السلمي كفيل بالتأثير على القرار علمًا أن قرار الحظر لم يتخذ بالمجلس الوزاري المصغر بالإجماع خوفُا من رد الشارع الفلسطيني على الحظر؟ وهل غياب رد "لائق" يعرض مجتمعنا الفلسطيني كافةً إلى الخطر حيث يمنح الضوء الأخضر لحظر مؤسسات/ أحزاب/ وحركات سياسيّة. 

على ضوء ما طرح من تساؤلات، اجرى مراسلنا حديث خاص مع عدد من الشباب والفتيات الذين ابدوا آرائهم حول هذه الموضوع، وعن نجاعة المظاهرات والمسيرات وخيمة الاعتصام والخطوات الاحتجاجية التي تقوم بها الحركة وامكانية تأثيرها على قرار الحكومة الإسرائيلية واجبارها على التراجع عن هذا القرار الظالم.

يجب اخذ النضال الى المدن المختلطة والى مباني الكنيست 

وعبر اللاعب الرياضي اشرف العال عن عدم رضاه لتحركات الحركة الاسلامية واصفا اياها بغير الكافية وغير اللائقة لمستوى الحدث، وقال: لقد شاركت بالمظاهرة وبخيمة الاعتصام، وانا متضامن بشكل كامل مع الحركة الاسلامية، ولكن لا يمكن الاعتماد على خيمة اعتصام لإلغاء هذا القرار، فما وقع على الحركة الاسلامية ظلم كبير ويجب ان تكون هناك تحركات اكبر وانجع مثل مظاهرة امام الكنيست الاسرائيلي، او حتى في المدن المختلطة وما الى ذلك، ولكن الاكتفاء بخيمة اعتصام هنا ومظاهرة مشاعل هناك فهذا امر غير كافي على الاطلاق، بل ولا ابالغ ان قلت انه يميع قضية الحركة الاسلامية ويبعدها عن الساحة.

كان يمكنهم التصعيد بشكل اكبر وكسب تضامن اكبر من قبل الشارع الفلسطيني

اما الشاب سمير غانم جبارين فلم يرضيه هو ايضا اسلوب الاحتجاج لدى الحركة الاسلامية، حيث قال: كان بإمكانهم تشكيل تحالف كبير كالمؤسسات والقوى السياسية وجميع الحركات العربية والإسلامية ومن ثم يكونون قادرون على التصدي لهذا القانون العنصري. كما وان الانقسامات في القوى العربية والاحزاب السياسية يساعد السلطات الإسرائيلية على اتخاذ مثل هذه القرارات، ويجب على كل مواطن داخل عرب 48 ان يعرف ما الذي وقع حظره واي المؤسسات التي تم اغلاقها ليعرف الجميع مدى عنصرية الحكومة اليمينية على الشعب الفلسطيني.

ردود فعل الحركة انحصرت بين اربع جدران وحتى صحفنا ومواقعنا تركت الموضوع

اما الصيدلي علاء الدين جبارين فقد قال معقبًا: اولا ربما تكون صيغة السؤال غير ملائمة، فالحركة الاسلامية "عمليا" وعلى الورق غير موجودة، والخيمة تعمل باسم لجنة الحريات، وحسب رايي فان اللجنة لم تأخذ الخطوات اللازمة بالتعاون مع لجنة المتابعة ولم ترقى الى مستوى الحدث، وانحصرت ضمن 4 جدران في خيمة الاعتصام. وحتى هذه اللحظة لم نجد حتى صفحة تواصل اجتماعي واحدة تتحدث عن الموضوع. وصحفنا ومواقعنا تركت الموضوع ونسيته، واذا لم تجد لجنة المتابعة اليات جديده لتجديد القضية فاعلم ان هناك احزاب اخرى ستلحق ركب الحركة.

بإعتقادي الحركة ستكتفي بالتوجه الى المحاكم والمضي في المسار القانوني

اما المحامي يونس بكر جبارين فقال بدوره: اعتقد ان قاده الحركة الإسلامية سوف تكتفي باتخاذ الإجراءات القانونية المتاحة امامها وبالوقفات والمسيرات الاحتجاجية ضد الحظر ولن تقوم بتصعيد الامور الى اكثر من ذلك لعدة اسباب ومنها؛ عدم المواجهة مع المؤسسات التنفيذية في الدولة، فباعتقادي انها ستكتفي باستعمال حقها القانوني بالاستئناف على قرار الحظر. الحركة الإسلامية وبعد حظرها ما زالت "تمتص الضربة" واثارها عليها، وليست في موقف يسمح لها ان تزيد من نشاطاتها ضد الحظر وحتى ابناء الحركة وموظفيها ملتزمون بقرار القادة بعدم التصعيد حتى ولو تم رد الاستئنافات المقدمة من قبل الحركة ، فان اتباع سياسة عدم التصعيد لهو في مصلحه الحركة حتى تجذب اليها التعاطف من قبل مؤسسات المجتمع المدني في اسرائيل، فان اي تصعيد من قبلها سيقابل بيد من حديد واجراءات تنفيذيه بحق اعضاءها واعتقالات الامر الذي هي بغنى عنه حاليا، فسياسه الاكتفاء بخيمة الاعتصام مؤقتا هي خطوه ذكية ومدروسة وخطة محكمة في الظروف الحالية. ولا اعتقد ان الحركة معنيه بتصعيد الامور لأنه في النهاية سوف يزداد الضرر الواقع عليها وعلى اعضاءها.

لا يمكننا ان نحكم على ردود فعل الحركة الاسلامية بأقل من شهر

الممرضة ايلاف ابو شقرة قالت بدورها معقبةً: ان ما حدث للحركة الاسلامية هو حدث كبير ولا يمكن ان يكون هناك ردود فعل سريعة او متهورة، فيجب على الحركة الاسلامية دراسة الوضع وتقييمه قبل القيام بالخطوات الفعلية التي يتوجب عليها القيام بها، ولو نظرنا الى الجانب المشرق من حظر الحركة الاسلامية فالعديد من ابناء شعبنا الفلسطيني في الداخل كان يجهل مدى المشاريع التي كانت تقوم بها الحركة واليوم نحن على دراية بالعديد منها، وهذا امر يجب ان تستغله الحركة الاسلامية حتى اخر رمق لتوضح للناس مدى اهميتها في الساحة الاجتماعية والسياسية. اما عن توقعاتي فلا اعتقد ان تقوم الحركة الاسلامية بأي حركة متهورة تزيد من الطين بلة، بل ستقوم بخطوات ذكية للخروج من هذا المأزق ، ولكن مثلما ذكرت بدراسة عميقة للوضع.

مؤكد هنالك مخطط بديل 

الامر ذاته اكدته الشابة نشوة محاجنة خريجة علم نفس ومركزة تشغيل في ام الفحم حيث قالت: اعتقد ان ما تقوم به الحركة الإسلامية اليوم من الاكتفاء بمظاهرات وخيمة اعتصام لا يمكنه أن يكشف كافة اوراق الحركة الإسلامية. لا شك أن حركة عريقة مثل الحركة الإسلامية لديها خطط بديلة تعمل عليها، وليس عليها كشف الأوراق، هذا هو فن السياسة. اقامة خيمة الاعتصام والمظاهرات هي طريقة ناجعة لكشف مشاريع وانجازات الحركة الإسلامية أمام الجمهور وبالتالي التضامن معها.

الموضوع بحاجة الى دراسة عميقة وليس لتصرفات متسرعة وغير مدروسة


اما الشاب انس ابو رعد، طالب الكيمياء في جامعة بن غريون فقد قال: بداية علينا ان نعي جيدا ان هناك شقان لموضوع الحظر، اما الشق الاول فهو حظر الحركة الاسلامية برئيسها ونائبه واعضاء مكتبها السياسي ونشاطاتها ومهرجاناتها وذلك بالدرجة الاولى بسبب خطاب الحركة التصادمي مع المؤسسة الاسرائيلية ومدى تأثيره على جمهور واسع من ابناء الداخل الفلسطيني، والشق الثاني هو ادراك المؤسسة الاسرائيلية لمشروع المجتمع العصامي الذي تعمل عليه الحركة من خلال العمل المؤسساتي بالمجالات الاجتماعية والاقتصادية والصحية والطلابية والدينية فقامت ايضا بحظر هذه المؤسسات .

وأكمل: بالنسبة للشق الاول فارى ان فيه مكسبا سياسيا للحركة الاسلامية وذلك يتمثل بانها اول حزب ناشط وكبير بهذا الحجم يُحظر وبالطبع لا يختلف اثنان على ان اخراج حزب وطني من القانون الاسرائيلي هو شرف لهذا الحزب كما ان هذا الحظر ادى الى الوقوف بجانب الحركة الاسلامية من قبل كافة الاحزاب والتيارات السياسية الاخرى في الداخل الفلسطيني واصبحنا نرى افق للوحدة التي نطمح لها جميعا بين الاحزاب العربية وهذا ان دل فانما يدل على وعي سياسي وادراك اكبر للمرحلة القادمة ولما يحاك ضدنا من مخططات قد تصل - في تحليل البعض - الى التهجير وان الحل الوحيد في ظل هذا الوضع هو الوحدة لا التشرذم . ومن النقاط الايجابية للحظر هو التواجد الدائم لقيادات الحركة الاسلامية في مكان واحد مما يؤدي الى احتكاك اكبر مع جميع من يزور خيمة مناهضة الحركة الاسلامية والاستفادة من الندوات السياسية التي تستضيف باحثين ومختصين ومحاضرين كبار في مجالهم ما يؤدي الى وعي اكبر للجمهور .

وأضاف: فالتوجه من قبل الحركة ازاء هذا القسم من الحظر (حظر الحركة بمعزل عن حظر المؤسسات) هو عدم التوجه الى المحاكم الاسرائيلية حتى يعودوا الى العمل بموجب القانون الاسرائيلي وذلك نستطيع استشفافه من اصرار الشيخ رائد منذ اول يوم صدر به قرار الحظر انه لا يزال رئيسا للحركة الاسلامية وان الحركة الاسلامية بدأت الان وكذلك من تصريح الشيخ كمال خطيب بعدم التوجه للمحاكم الاسرائيلية من اجل تأسيس حزب اخر .

وأوضح: اما بالنسبة للشق الثاني فهو بالطبع يؤثر وبشدة على الحركة الاسلامية التي اعتمدت على العمل المؤسساتي وتقربها وتلاحمها مع ابناء شعبها من خلال خدمتهم عبر هذه المؤسسات كما ويشكل هذا الحظر ضربة لمئات الالاف من ابناء الداخل الفلسطيني التي كانت تقوم هذه المؤسسات بخدمتهم . وهنا اتوقع ان تذهب هذه المؤسسات الى المحاكم الاسرائيلية بهدف استرجاع المؤسسة نفسها او حتى ان امكن استرجاع المؤسسة بتغيير اسمها لأنه في هذا الموضوع تحديدا لا يهم الاسم بقدر العمل الاهلي الخدماتي .

وأختتم: في النهاية اقول ان قرار الحظر لم يمر عليه شهر حتى الان وهو مفاجئ نوعا ما وجديد على داخلنا الفلسطيني لذلك فالموضوع يحتاج الى دراسة عميقة وليس الخروج بقرار بأسرع وقت ممكن فيجب ان تتم مراجعة حسابات وفحص الموضوع من كافة مناحيه ثم اتخاذ قرار وحدوي مناسب .

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]