شارك الدكتور زياد خطيب، وهو أخصائي نفسي علاجي وتربوي، بمداخلة قيّمة في المؤتمر العاشر الذي نظمته في حيفا السُلطة الوطنية لمكافحة المخدرات والكحول، وكان عنوان المداخلة " مشاركة الأهل في برامج الوقاية والحماية".
وفي مقابلة مع " بُـكرا" تحدث الدكتور خطيب عن التفاوت والاختلاف بين المجتمع العربي والمجتمعات الأخرى ( الأوروبية مثلاً) من جهة تأثيرات التقنيات الحديثة ووسائل الاتصال العصرية، فقال أن التأثير يختلف باختلاف العقلية والموروث الثقافي والحضاري والفكري، ومدى الانفتاح. وأضاف في هذا السياق أن مجتمعنا يواجه مشكلة مزدوجة: فمن جهة، وصلت إلينا ظاهرة الإدمان على تقنيات التواصل الحديثة، وتبعًا لذلك تتأثر هويتنا الوطنية بمختلف جوانبها: الاجتماعية والدينية والحضارية والثقافية، والسياسية والفكرية أيضًا، فتتأزم هذه الهوية وتتخبط ( ونحن مأزومون أصلا- كما قال) وزاد الطين بلّة ذلك الانكشاف الصادم على التقنيات الحديثة.
داعش ( وغيره) كمحصلة لظواهر ومظاهر التطرف
وبالنظر إلى كون الدكتور زياد خطيب قد أقام في بلجيكا طوال ما يقارب العشرين عامًا، وجه موقع " بُـكرا" إليه سؤالاً حول وجه المقارنة والمقاربة ( كما يراه) بين العرب والمسلمين في أوروبا، من جهة، والعرب الفلسطينيين المقيمين في إسرائيل من جهة أخرى- من ناحية أزمة الانتماء والهوية، فقال أن هنالك وجهًا للشبه، ووجهًا للاختلاف: ويكمن وجه الشبه في أن الشاب المراهق، في أي مجتمع كان، يبحث عن هوية، وشبابنا العرب هنا يبحثون عنها وهم مقيمون في وطنهم، بينما العرب والمسلمون ( وغيرهم) المهاجرون إلى أوروبا يبحثون عنها من خلال الشوق والحنين (" النوستالجيا")، وليس من دوافع أيديولوجية فكرية، فهم في خوف دائم إلى أقصى حد، من ضياع وتلاشي هويتهم، ويحرصون على البحث عن الأصول والجذور، بشكل متشدد يؤدي أحيانًا إلى نشوء ظواهر ومظاهر التطرف، التي بلغت الآن حدّ التطرف الديني، ويتغذى تنظيم داعش، مثلاً من هذه الظواهر، مثلما تغذت وتتغذى بها حركات وتنظيمات أخرى في أوروبا وأمريكا ( الكوكلوكس كلان العنصرية المناهضة للسود).
لا بدّ من تسليم الأهل بوجود التقنيات الحديثة
وردًا على سؤال حول الهوة العميقة بين الأهل وأولادهم من ناحية استخدام وسائل الاتصال والتواصل الحديثة، وحدوث الفجوات التي تنفذ منها سلوكيات قد تكون مضرّة ومدمّرة، أو غير مقبولة على الأهل- قال الدكتور زياد خطيب أن الأمر الأول والأهم هو ضرورة قبول وتسليم الأهل بوجود هذه التقنيات والوسائل، فلا يمكنهم ولا يجوز لهم حظر استخدامها، ويتوجب عليهم إتباع الصراحة والتفهم والتفاهم والانفتاح، مع أولادهم، حول فوائد وأضرار هذه الوسائل، أو بعبارة أخرى: " إدارة أزمة وجود التقنيات"- بمعنى التراضي والتبادلية والاشتراط الايجابي من قبل الولد تجاه والده، كأن " يشترط" الولد على والده بالقول: تريدني أن أخفف من استخدام الحاسوب، إذن اصحبْني إلى مباراة كرة قدم أو مسرحية أو ما إلى ذلك- أي يتوجب على الأهل أن يجيدوا تعويض أولادهم عن " إدمانهم" على الحاسوب، ببدائل ترضيهم وبما يحبون ويهوون.
[email protected]
أضف تعليق