كانت أرض فلسطين مسرحا لغزوات وحروبات متكررة منذ الاف السنين، فقد شهدت هذه المنطقة حروبات دامية منذ العهد الكنعاني مرورا بالعهد الصليبي ومنه الى العهد الاسلامي ودخول القائد الإسلامي صلاح الدين الايوبي اليها وتحرير القدس، ورغم محاولات دولة اسرائيل طمس معالم فلسطين التاريخية إلا أن العديد من هذه الأماكن ما زالت على حالها الى يومنا هذا ومنها "مقام الشيخ مشّرف " الذي يقع على تلة جبلية جنوب مدينة الطيبة بالقرب من منطقة قرية المجدل المهجرة.
مقام الشيخ مشّرف بني فوق اثار كنيسة صليبة، ومن تحت الكنيسة قبور اسلامية وقبور نصرانية مختلطة، وقد تم مؤخرا انشاء عدة مستوطنات في المنطقة ومنها "تسور نتان" و"تسور يتسحاك"، مراسلنا تجول هناك مع المرشد السياحي والمربي المتقاعد صدقي ادريس الذي أفاد بمعلومات هامة عن المكان.
غزوات وهدم ،وبناء على الانقاض
وقال ادريس: كما تشاهد، فمن هذا الموقع بالإمكان رؤية مدن منطقة الشارون بأسرها، رعنانا وكفار سابا وحتى العمارات الشاهقة في تل ابيب، لذلك فقد اطلق البعض على هذا المكان"عين الشارون"، وهذا هو مقام الشيخ مشّرف. وحول مكان المقام فوق انقاض الكنيسة الصليبية قال ادريس: قال الشاعر ابو العلاء المعري: رُب لحد قد صار لحدا مرارا – ضاحكا من تزاحم الاضداد، ففي هذا المكان سكن البيزنطيين وأسسوا مستوطنة، وبعد ذلك كان الغزو الصليبي للمشرق واحتلوا هذه المنطقة وبنوا هذه الكنيسة، تلا ذلك الفتح الاسلامي زمن المماليك الذين هدموا هذه المستوطنة، إذا كانت عملية هدم لكل فاتح في هذا المكان وعلى الانقاض تم انشاء دار للعبادة التي يؤمنون بها .
المقام بُني بعد عام 1873
هذا الموقع تاريخي واثري منذ الاف السنين لكن الاهمال فيه سيد الموقف فكيف يكون ذلك ؟ المرشد صدقي ادريس قال مجيبًا عن هذا السؤال: الفترة العثمانية تميزت بالجهل والفقر والاهمال والانحطاط، وكانت تدعى الدولة المريضة، ولم يكن أي تطوير أبان الحكم العثماني، وبعد زوال الحكم العثماني عن فلسطين جاء الانتداب البريطاني وبرزت النهضة العلمية، وقد زار المكان في عام 1873 رحالة بريطانيين وهم كل من كونراد وكيتشينر، وكان ذلك ضمن الحركة الاستكشافية في الجمعية الفلسطينية للابحاث، وكتبوا عن هذا الموقع وغيره من الاماكن في المنطقة، لكن الامر الغريب انهم لم يتطرقوا الى هذا المقام وهذا يدل على ان المقام بني بعد عام 1873.
وعن القبر في داخل المقام قال ادريس: لا يوجد أي دليل أن هناك ضريح داخل القبر، وقد يكون أن صاحب القبر وهو الشيخ مشُرف مجاهد من مجاهدي صلاح الدين الايوبي الذي لاقى حتفه في المكان ودفن فيه وبعد ذلك بمئات السنين تم انشاء المقام.
وختم ادريس حول ملكية المكان فقال: الموقع هو ارض وقفية لكن دولة اسرائيل "وضعت يدها" على المكان واصبح قانونيا ارض عامة أي ارض تابعة للدولة.
[email protected]
أضف تعليق