يلجأ الشبان الفلسطينيون إلى الاستماع لأغاني الراب وغنائها للتعبير عن ما يدور في خاطرهم، باستخدام هذا الفن الجديد، ويطمحون أن يوصلوا صوتهم ومعاناتهم للعالم من خلال هذا الفن.

ويسعى فنانو الراب إلى البحث عن داعم حقيقي لهم يؤمن بقوة رسالتهم ويمنحهم فرصة الظهور والمشاركة في الفعاليات المختلفة في فلسطين وخارجها.

ويخطط هؤلاء لتحفيز الفلسطينيين على الإقبال على هذا الفن، عبر شرحه من خلال ورشات عمل تنظمها مؤسسات فنية وثقافية، علّهم يغيّرون صورة الراب المغلوطة بأذهان الفلسطينيين، ويقتنعون بمدى قدرته على مواجهة الاحتلال والظروف القاسية التي يمر فيها الفلسطينيون.

وما يميز الراب عن غيره من الفنون أن الموهوب في هذا المجال تُتاح له فرصة الكتابة والتلحين ودمج أي موسيقى في أغانيه، دون الحاجة لصوت طربي نقي، لكن بشرط اختيار موضوع الأغنية بدقةٍ تامة وفق احتياجات المجتمع، وعرض المشكلة وحلها لصناعة التغيير، وعدم الاكتفاء بأسلوب المطالبة مثل “نريد الحرية.. نريد حلاً للانقسام”.

الشاب محمد ابو عياش: كل مواطن هو رابر

وفي هذا السياق، قال الشاب محمد أبو عياش الذي يدرس في أكاديمية الفنون الدولية في رام الله، إنه يؤدي فن الراب منذ أن كان عمره 9 سنوات، موضحًا أن الراب فن قديم جدًا يعود لأفريقيا للزنوج، وكذلك يوجد جزء منه لدى العرب في أسواق السجع وغيرها من الفنون الشعرية التي تنتقد المجتمعات، وهو فن ناقد وإحتجاجيّ في أغلبيته العظمى.

وقال إن الراب فن متقدم ولا يختلف عن الغناء القديم، فالغناء القديم كان ثورة في زمنه، خصوصا الأغاني التي كان يقدمها عبد الحليم- مثلا، واليوم نحاول أن نتحدى نمط الأغاني في السوق بطرح اغاني بديلة هادفة حاملة لرسائل سياسيّة وإجتماعية وإقتصادية.

وأضاف أبو عياش الذي يسمي نفسه "الرابر أبو علي"، أن مغني الراب يركزون على الحياة العامة وقصص حدثت مع مغني الراب ينقلونها للعالم، حيث أنّ 20% من الراب في فلسطين يركز على السياسة.

وأكد ابو علي أنه هنالك اقبالا من الشباب على الاستماع لهذا الفن، خصوصا في المدن والمخيمات بشكل كبير ولا يزال الإقبال محدود في القرى.

وعن دخوله إلى عالم "الراب"، قال ابو عياش، أنه بدأ بسماع الراب لعدد من مغني الراب الأجانب وبدأ الموضوع يجذبه، الأمر الذي دفعه إلى العمل على نشر القضية الفلسطينية عبر الراب، فهي أنجع طريقة للنشر، خاصةً وأن الفن لغة متداولة جدًا بين الشعوب وكل ما تحتاجه هو أذن موسيقية وخلفية سياسية.

وأضاف، مع الوقت طورت مهاراتي في هذا المجال وأنصح الشبان أن يكتبوا ويغنوا الراب لتوجيه قضيتهم وقصصهم للعالم، حيث أنّ كل إنسان هو رابر بالفطرة.

وشدد ابو علي إنه ينتقد الاحتلال أيضا في بعض أغانيه، لكنه ينتقد السياسة الفلسطينية بشكل كبير، فرغم أننا "نعيش تحت احتلال لكن لدينا مشاكل أخرى غير الاحتلال بحاجة لنقد"- حد وصفه.

الشاب محمد خزدرج: مجتمع غزة بدأت يستوعب اغاني الراب

ومن غزة، يقول محمد خزدرج (22 عاماً)، إنّه بدأ هو وشقيقه أسامة (20 عاماً)، قبل نحو خمسة أعوام، ممارسة هذا الفن، الذي يعتبره رسالة، وبعد سنوات من إتقانهما "الراب"، كونّا الفرقة وأنتجا أكثر من 15 أغنية، تحكي هموم الوطن، وأحلام الشباب، والعديد من القضايا السياسية والاجتماعية التي تؤرق أبناء شعبهم، وخاصة في قطاع غزة، الذي يُوصف بأنه "أكبر سجن مفتوح في العالم".

ويكتب الشقيقان كلمات الأغاني دون الاستعانة بأحد، فالكلمة هنا جزء من الراب.

ويضيف:" نشعر بالكلمات، نعيشها، ثم نكتبها ونؤديها بإيقاع سريع، وقافية نكونّها نحن، (...) بيئة غزة هي أنسب مكان لأغاني الراب، والتعبير عن الهموم التي تتراكم يوماً بعد يوم".

ولا يرى المغني الشاب، رفضاً من سكان قطاع غزة لهذا الفن الذي يعتقد البعض أنه "عصري" ولا يناسب تقاليد المجتمع "المحافظ".

ويتابع محمد:" نحن في عام 2015، الناس هنا تفهم هذا الفن، وتقدره وتتابعه، وتعرف أن الراب كأي فن آخر.. المهم هنا كيف يتم استخدامه، ما الكلمات التي ترددها، نحن نقوم بإيصال رسالة إلى العالم، نحكي عن هموم المحاصرين في غزة، أحلام الشباب في العمل، السفر".

لكن محمد يعترف بأن الوجع اليومي في القطاع، "شغل الناس في البحث عن لقمة العيش، والتفكير بتوفير المياه والكهرباء، وهو ما أبعدهم عن أي فن أو متابعة جديد الأغاني".

ولا يوجد في قطاع غزة، سوى عدد محدود من مغني الراب، وجميعهم يستخدم أدوات موسيقية بسيطة، ويتم نشر الأعمال على مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب محمد وأسامة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]