أكد رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة محمد بركة، في خطابه في افتتاح مؤتمر الحزب الشيوعي الأردني في العاصمة عمّان مساء الخميس، على تعقيدات المنطقة العربية، بامتطاء الامبريالية والصهيونية والرجعية على رغبة الشعوب بأفق جديد، محذرا من أن هناك من يقوم بشغل إسرائيل في المنطقة. وحذر من وهم المفاوضات الفلسطينية مع حكومة بنيامين نتنياهو. وشدد على العلاقة المميزة مع حزب الشعب الأردن وحزب الشعب، فالأحزاب الثلاثة هي فروع لشجر ثورية واحدة. 

وكان الحزب الشيوعي الأردني قد افتتح مساء الخميس، مؤتمر السادس، بحضور قوى سياسية أردنية ونقابات وتمثيل جماهير، وحضور دبلوماسي بينه السفير الفنزويلي والقائم بأعمال السفارة السورية وغيرهم.

وقال بركة في مستهل كلمته، إنني بالغ التأثر في هذا الموقف، لأنه لا يقيض لنا نحن ذلك الجزء من الشعب الفلسطيني الذي بقي قابضا على وطنه، كالقابض على الجمر، أن يطل على فضائه العربية على فترات متواترة، ولذلك بالنسبة لي فإن الحضور هنا والوقوف هنا، يشكل حدثا ذا مخزى كبيرا، خاصة وأنه في مسجالاتنا البرلمانية السابقة، كان النواب الصهاينة اليمينيون يقولون لنا، أذهبوا الى سورية وعمان وغزة، ونحن نقول لهم من على هذه المنصة: يشرفنا أن نذهب الى سورية ويشرفنا أن نكون مع أبناء شعبنا في غزة وأن نكون هنا في الأردن، ولكننا نحن هنا لنعود، لأن لنا وطن لا وطن لنا سواه، وكل محاولاتهم لتهويد المكان والتاريخ لن تنفع، ونقول لهم ما قاله محمود درويش: كانت تسمى فلسطين وصارت تسمى فلسطين.

وتابع بركة قائلا، نحن لسنا محرجين بفلسطينيتنا هنا، ونحن لسنا محرجين بمواطنتنا، التي هي انتمائنا للوطن، وليست مكرمة صهيونية، وهذه معادلة يجب أن تكون واضحة، وخاصة لكل أبناء شعبنا وأمتنا الذين دأبوا على مدى سنوات ان يتحفظوا من العلاقة مع هذا الجزء من الشعب الفلسطيني الذي بقي منسيا لعقود. فنحن لم نرتكب أية جريمة ولا أية جريرة عندما بقينا في وطننا بعد النكبة التي حلت بشعبنا، كنا نحب أن لا يكون أي لاجئ فلسطيني، وأن يبقى كل فلسطيني في فلسطين، وهذا هو النقيض الأساسي للصهيونية وليس غيرها.

وقال بركة، حينما نلتقي هنا في مؤتمر الحزب الشيوعي الأردني، نعرف أننا نلتقي كجزء من ذلك الجذع الذي أنبت ثلاثة أحزاب، حزبنا، والحزب الشيوعي الاردني وحزب الشعب الفلسطيني (الشيوعي سابقا). نحن، ننتمي الى نفس التراث الثوري، على نفس الأرض المستهدفة، فإذا استهدفت فلسطين شرقي النهر، فإن اليمين الاسرائيلي العنصري، يستهدف الاردن غربي النهر، من خلال الدعوة لحل القضية الفلسطينية أردنيا، وهذا مرفوض كليا وليس مقبولا علينا، فالأردن له مكانته واحترامه ومحبته، وفلسطين هي فلسطين وتبقى فلسطين.

وأضاف بركة، إننا نعرف أن الأردن يقوم بدور هام جدا في الحفاظ على المقدسات في مدينة القدس المحتلة، وهو يقوم بدور مهم بالنسبة لنا نحن الفلسطينيين في الداخل، لأنه يشكل لنا رئة نطل من خلالها على العالم العربي، وهذا يأخذ أشكالا مختلفة، ابتداء من الزيارة لمجرد الزيارة وهذا هام، ومرورا بالتعليم الجامعي، وهذا أهم، ومرورا بأداء الفرائض الدينية ثالثة، ولهذا فهناك أهمية في علاقتنا مع الأردن كوطن. ولكن في ما يتعلق بعلاقتنا مع الحزب الشيوعي الأردني فنحن لا نعتبر أنها علاقة بين كيانين منفصلين، بل فرعين يرتويان من شجرة واحدة ومن جذع واحد، ونحن نعتز بذلك.

يقومون بشغل إسرائيل في المنطقة

وقال بركة، جاء نتنياهو الى الكنيست للحصول على الثقة لحكومته الأضيق، وهي أضيق حكومة ممكن أن تكون، ولكن هذه حكومة خطيرة، لأنها ترتكز على الخطاب الأخطر، وهناك من يعتقد أن هذه الحكومة ستصعد خطابها ونهجها الدموي ضد شعبنا الفلسطيني كي تنقذ نفسها. ولكن باعتقادي أن هناك من يقوم بشغل إسرائيل في المنطقة، فقبل أيام قليلة جدا قال وزير الأمن الإسرائيلي موشيه يعلون، ردا على سؤال حول مدى عمق التدخل الإسرائيلي في سورية، فقال إن تدخلنا محسوب ولا نريد أن يظهر هذا التدخل كبيرا كي لا نُحرج حلفائنا، والمعنى واضح ونحن نعرف ما الذي يحدث. 

وتابع بركة قائلا، هناك رغبة عند الشعوب العربية بأن تخرج الى أفق جديد، وهذا ليس فقط شرعيا، وإنما أيضا مطلوبا، ولكن هناك عناصر امبريالية وصهيونية ورجعية امتطت هذا الطموح الشرعي، لتحوّل العالم العربي بزعانفه الرجعية وبدسائسه الصهيونية وبأسلحته الأميركية لتحويله الى مستنقع من الدم. ولا يمكن أن نقبل بتحطيم الدولة العربية، وأنا لا أتحدث عن أنظمة، فهذا يصب فقط في صالح إسرائيل وصالح الولايات المتحدة الأميركية، التي في أحسن الأحوال تتعامل مع المنطقة العربية كسوق اقتصادي وليس كحلفاء، وفي هذا السوق عندها مجموعة من العمال أو العبيد من الذي يتربعون على الكثير من الأنظمة للأسف الشديد.

القيادة الفلسطينية أمام تعقيدات

وقال بركة، إن الحكومة الإسرائيلية الجديدة هي حكومة خطيرة، وأعرف أن المعادلة التي تقف أمامها القيادة الفلسطينية، هي معادلة صعبة جدا ودقيقة جدا، فهي تقف أمام واقع عربي ممزق، ودعم أميركي كامل لإسرائيل، وأمام عنصرية صهيونية، وامام انقسام فلسطيني، وتحاول من دون أوراق أن تلعب اللعبة السياسية، لذلك قد ينشأ حديث عن مفاوضات، ولكن اقول بشكل واضح، أنه لا يمكن التعويل على أي مشهد تفاوضي مع حكومة نتنياهو. ولا يمكن المناورة والمراهنة والضغط على القيادة الفلسطينية لإنتاج هذه المشاهد العبثية التي رأيناها في السابق، لمشهد وصور لمفاوضات، لم تنتج شيئا، سوى المزيد من الاستيطان وحصار غزة، وانتهاك القدس. 

وقال بركة، هناك أوراق قوية كانت بيد الشعب الفلسطيني بعضها أهدر وبعدها تم التفريط به، وبعضها تلاشى، ومطلب الساعة الفوري، انهاء هذا العار المسمى انقساما في الساحة الفلسطينية، وهذا المقدمة الأولى لمواجهة هذه المرحلة التي تفرضها اسرائيل والصهيونية. والقضية الثاني التي نواجهها هي تلاشي مكانة القضية الفلسطينية في الرأي العام العالمي، فقد مرّت علينا مرحلة، لم تخلو فيها عاصة واحدة من تنظيمات وحركات التضامن مع الشعب الفلسطيني، وكل هذا تلاشى. 

وثالثا، يجب عدم الاكتفاء بالتلويح في مسألة المحكمة الدولية، فإسرائيل قلقة الى أقصى الحدود من المحكمة الدولية، ويجب ان تكون المحكمة كابوسا لكل إسرائيلي ارتكب الجرائم ضد الشعب الفلسطيني. والقضية الرابعة قضية المقاطعة، فإسرائيل سنت قانونا يعاقب من يدعو للمقاطعة، وأنا اقول إن واجب الساعة هو توسيع نطاق عزل اسرائيل، كما كان لنظام الأبرتهايد، وإذا في هذا مخالفة قانونية ارتكبها، فاطمئنوا لقد قلت هذا ايضا من على منصة الكنيست، وقبل ايام قليلة أنهيت محاكمتي، وأنا على استعداد لأخرى.

هذا وقد قوطع خطاب النائب بركة بخطابات التحية الثورية، ومنها، "وحدو وحدة عالمحتل غير الوحدة ما في حل"، و"الرفاق بالدخل إيد بإيد مناضل"، و"إلكم من خاصّة يا جبهة الناصرة"، وغيرها.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]