تتواصل التجهيزات على قدمٍ وساق لمهرجان “كان” السينمائي لهذا العام، وفيما يتجه روّاد السينما من جميع أنحاء العالم إلى فرنسا لقضاء 12 يوماً بين الأفلام السينمائية عالية الجودة، يتوجّه ترقب الجميع إلى هناك معهم.
منذ انطلاق هذا المهرجان قبل حوالي 70 عاماً ولجنة التحكيم تتكون من رئيس واحد ولكن في هذا العام ولأول مرة سيرأسها الأخوه “كوين” كما هي عادتهما في العمل سوياً في كل شيء.
وفي هذا التقرير، سنلقي الضوء على الأفلام المرشحة للحصول على السعفة الذهبية، وهي أهم جائزة في هذا المهرجان.
ففي حين أن جائزة الأوسكار لأفضل فيلم تُمنح لأفضل ما تقدمه هوليوود، فإن السعفة الذهبية تُمنح لأفضل ما يقدمه كل العالم.
تختلف معايير تقدير الأفلام والإعجاب بها بين الناس وتعتمد على أراء شخصية من الصعب قياسها، ولكن جائزة السعفة الذهبية معروفة بميلها الدائم للأفلام التي تحمل أهدافاً فكرية وفنية، ويدل على ذلك أنها مُنحت لأفلام مثل الفيلم التايلندي العم بونمي الذي يستطيع تذكر حيواته السابقة في 2010، والفيلم الروماني أربع أشهر وثلاث أسابيع ويومان في 2007 وكان فائز العام الماضي الفيلم التركي نوم الشتاء.
يتنافس 19 فيلماً على الجائزة الرئيسية ليمثلوا أفضل ما قدمت فرنسا واليابان والصين وإيطاليا وعدة أماكن أخرى من جميع أنحاء العالم في هذا العام. ويستعرض موقع “سعودي” في هذا التقرير أكثر 11 فيلم قرباً من إثارة إعجاب الأخوة “كوين” وأعضاء لجنة التحكيم ليعودوا إلى ديارهم حاملين السعفة الذهبية.

c2
– “Mountains May Depart”:
لا تُعد زيارة المخرج “جيا تشانغ كه” لمهرجان كان السينمائي غريبة، حيث رُشح مرتين لجائزة أفضل فيلم رئيسي، بالإضافة إلى فلمه الوثائقي الذي رُشح لجائزة “Un Certain Regard”.
يعتبر هذا المخرج أحد القادة البارزين في الحركة السينمائية في الصين والتي تُدعى “الجيل السادس”، وتهدف إلى اكتفاء الأفلام على ما يتوفر من الأدوات وعدم اعتمادها على الميزانيات الضخمة ويعتبر فيلمه “The Days” عام 1993 مثالاً على هذه الحركة، حيث أُنتج بميزانية قدرها 10 الاف دولار فقط.
عنوان فيلمه الأخير المرشح للحصول على السعفة الذهبية لهذا العام هو “Mountains May Depart”، ويقوم ببطولته النجمة الصينية “زاو تاو” وتحدث قصته في ثلاث أزمنة مختلفة من الماضي والحاضر والمستقبل.
وقد صرح المخرج بأن هدفه هو إلقاء نظرة أقرب للتغيرات التي تحدث للمجتمع الصيني، وكيف تتأثر وتتقلص مشاعرنا مع مرور الوقت.

c3
– “The Lobster”:
إذا كنت تريد أن تحصل على فكرة واضحة عن كيف يمكن لفيلم “The Lobster” أن يظهر غريباً، عليك فقط أن ترجع سنوات قليلة الى الوراء وتشاهد الفيلم الثالث للمخرج اليوناني “يورجوس لانثيموس”، وهو “Dogtooth”، حيث أن من النادر أن نجد أفلام بهذا الحالة السريالية شديدة الخصوصية.
فيلم “Dogtooth” قدم لـ لانثيموس جائزة “Un Certain Regard ” من مهرجان كان أيضًا، ولكنه هذه المرة يطمح لجائزة السعفة الذهبية وهى الجائزة الأعلى تقديراً في المهرجان.
فيلم “The Lobster” بفرضيته البائسة- من المفترض أن يجد شخصياته شريك لهم في خلال فترة زمنية لا تتعدي 45 يوماً داخل فندق ما، والا سيتم تحويلهم الي حيوانات وسيُبعثوا الي غابة قريبة، الأمر الذي يجعل هذا الفيلم واحد من أكثر العروض اثارة للإهتمام هذا العام في مهرجان كان السينمائي.

c4
– “Carol”:
مخرج الفيلم الأمريكي “تود هاينز” ليس بالغريب على الترشيحات والجوائز فقد تلقت أفلامه السابقة “Far From Heaven و I’m Not There و Velvet Goldmine” العديد من الترشيحات وإشادات النقاد، بالإضافة إلى مسلسله الدرامي القصير الذي حاز على جائزة الغولدن غلوب “Mildred Pierce”.
وهذه المرة يعود “هاينز” بالفيلم الدرامي الرومانسي “Carol”، والمقتبس من رواية “The Price of Salt” للكاتبة الراحلة “باتريشيا هايسميث”، وتدور أحداثه في فترة الخمسينات في نيويورك، عندما تلتقي امرأة شابة في العشرينات من عمرها بإمرأة متزوجة تكبرها سناً وتنشأ بينهما علاقة غير متوقعة، وفي هذا الفلم يعود “هاينز” للعمل مع النجمة “كيت بلانشيت” التي سبق وأن اجتمع معها في فيلم “I’m Not There” لتجسد بشكل رائع مرحلة من مراحل حياة الفنان و الموسيقي الشهير “بوب ديلن”.
ويشارك “بلانشيت” في بطولة الفيلم نجمة “The Girl with the Dragon Tattoo”، “روني مارا”، بالإضافة إلى “سارة بولتون”.
ومن الجدير بالذكر أن الكاتبة “هايسميث” سبق وأن قامت بتأليف العديد من الروايات الشيّقة ملهمةً فيها صناع السينما بيما فيهم الكبير “ألفريد هيتشوك” مخرج فيلم الجريمة والإثارة النفسية الكلاسيكي الرائع “Strangers on a Train”، والمقتبس من أحد أشهر رواياتها التي تحمل العنوان نفسه.
وهاهي أعمالها تعود للسينما من جديد من خلال “هاينز” الذي غاب عن الشاشة الكبيرة لمدة 8 سنوات تقريباً ليعود بأحد أكثر الأفلام الدرامية المنتظرة لهذا العام و التي تفرض نفسها بقوة في المنافسة على الجائزة الكبرى.

c5
– “The Assassin”:
سيكون فيلم المخرج الصيني هو “هسايو هسين”، The Assassin، هي المرة الأولى التي يعمل فيها المخرج منذ سبع سنوات، ورجوعه وراء الكاميرا مميز هذه المرة بالميزانية والامكانيات الضخمة ليتماشي مع قصة الفنون القتالية الملحمية التي اختار أن يقصها علينا.
من المؤكد أن الفيلم سيكون نوع مختلف كلياً بالمقارنة مع أعمال هسين السابقة، والتي غالباً ما تكون عن أمور متواضعة نوعاً ما على سبيل المثال فيلمه ذو الانتاج الفرنسي، “Flight Of The Red Balloon”، وفعلاً، قام المخرج بتسجيل حوارات يناقش فيها الفيلم الجديد، قائلاً: ” أنه حقاً عالم جديد تماماً بالنسبة لي لأن سوق العمل حالياً كبير للغاية، ويرجع هذا ايضاً للصين، أصبح المستوى أكبر كثيراُ، مما يجعل كل تفصيلة مختلفة ومهمة، لذا، يجب على الآن أن أضبط ايقاعي ليتماشي مع التغييرات الجديدة”.
“هو هسياو هسين” شارك في المهرجان 6 مرات سابقة على مدار تاريخه المهني اللامع، ولكن لم يتسنى له فرصة الحصول على جائزة السعفة الذهبية.
من يعلم؟ ربما يتغير الأمر هذا العام.

c6
– “Macbeth”:
المخرج الاسترالي “جاستين كرزل” يقتبس في فيلمه الجديد أحد مسرحيات الكاتب الإنجليزي “شكسبير” الخالدة والتي تعتبر واحدة من أكثر المسرحيات حداثة ومعاصرة وتأثيراً، الأمر الذي يجعل الكثير من صناع السينما مهتمين بإعادة اقتباسها لما تتميز فيه من تعبير واقعي و عميق للنفس البشرية التي تعيش صراعات من ما تقوده إليها نزعة الشر، تحكي أحداث المسرحية الشهيرة قصة مأساوية للجنرال الاسكتلندي “ماكبث” الذي اغتال الملك “دنكن” ليستولي على عرش إسكتلندا بدلًا منه، والذي يجسد أحد أكثر الشخصيات الشكسبيرية تعقيداً، ويقوم بدوره النجم “مايكل فاسبندر” الذي أثبت تألقه في العديد من الأدوار الدرامية، والتي تفرض واقعيتها بكل جوانب الغموض والتناقضات فيها، ويشاركه البطولة بدور زوجة ماكبث النجمة الفرنسية الحائزة على جائزة الأوسكار “ماريون كوتيار” التي لا تقل تميزاً عن “فاسبندر” في أدوارها ذات الأبعاد النفسية العميقة ولعل من أبرزها دورها الأخير في الفيلم الفرنسي للأخوين “داردين” Two Days, One Night.
هذا الثنائي المدهش يجتمع في فيلم “كرزل” القادم ليثبت تناغمه في تقديم هذا العمل الأدبي الإبداعي الذي لم يتوفق الكثير من الأفلام في تقديمه كما ينبغي. فهل يكون في فريق العمل المميز لهذا الفيلم ما يجعله مبهراً للحصول على أكبر جوائز المهرجان؟.

c7
– “My Mother”:
مخرج آخر منافس هذا العام في مهرجان “كان” السينمائي وليس غريباً على جايزة السعفة الذهبية هو المخرج الايطالي ناني موريتي الذي حصل على الجائزة سابقاً عام 2001 عن فيلمه “Caro Diario”.
فيلمه الأخير أعطى أكثر من تشابه عابر لعمل رائع آخر من السينما الايطالية، وهو فيلم 8 ½ للمخرج “فديريكو فيليني”، مثل هذا الفيلم، فيلم “My Mother” يحكي عن الأحداث التي تحيط بمخرج في فترة عصيبة من حياته المهنية، حيث يكافح ليستمر انتاج فيلمه الذي يصوره مع نجم مشهور.
يلعب دوره الممثل “جون تورتورو”.
على الأغلب سيكون فيلم “My Mother” أكثر تعقلاً من تحفة فيليني الحالمة العبثية – على الرغم من أننا لا نعلم اذا الفيلم سيتدخل فيه توجه موريتي اليساري المعروف أم لا.

c8
– “Our Little Sister”:
يعتبر “هيروكازو كوريدا” اليوم أحد المخرجين البارزين في اليابان ولأن معظم خبرته كانت في مجال الأفلام الوثائقية، تتسم غالب أفلامه بإثارة الفضول، حيث تركز على النفس البشرية واختلاف الحالات الإنسانية تبعاً لاختلاف مستواها ومجدها.
يعود هذا المخرج المبدع بعد فوزه في عام 2013 بجائزة لجنة التحكيم على فيلمه “Like Father, Like Son” لينافس في هذا العام بفيلمه الجديد “Our Little Sister” من بطولة النجمات اليابانيات “هاروكا أياسا وماسامي ناجاساوا وكاهو وسوزو هيروس”، ويحكي عن قصة 3 أخوات بعد انضمام أخت رابعة لهم عند وفاة والدهم.
ما نعرفه حالياً هو أن هذا الفيلم يتصف بالأداء الواقعي وتسلسل الأحداث الجميل والمتزن، والذي يعطي المجال لجميع الشخصيات بأن تتميز.
أما إذا لم يكفيك هذا فبإمكانك قراءة “Umimachi Diary”، وهي القصة المصورة التي تم اقتباس هذا الفيلم منها.

c9
– “The Tale of Tales”:
فيلم “The Tale of Tales”، وهو الفيلم الجديد للمخرج ماتيو جارون، الذي فاز كل من فيلمه الملحمي ذو طابع الجريمة “Gomorrah” وجزئه الثاني الساخر “Reality” بالجائزة الكبرى عامي 2008 و 2012 على التوالي.
ولكن يبدو هذا تغيير مفاجئ في خطوات المخرج الايطالي. حيث ان الفيلم الجديد يدور في إطار من الرعب الخيالي، ورفقة فريق عمل قوي يتكون من الممثلة “سلمى حايك” والممثل “جون سي رايلي”.
يبدو قليلاً كأنه واحد من أفلام “Trilogy of Life” المنمقة للمخرج بيير باولو باسوليني في السبيعينيات، على الرغم من أنه قد ينتهي به المطاف بعدم إعجاب النقاد وزوار المهرجان ليصبح كارثة عسيرة الهضم.

c10
– “Youth”:
عشاق السينما اأوروبية في الأغلب سيكونوا على علم بأفلام المخرج الايطالي باولو سورينتينو، فيلمه الأخير “The Great Beauty” حصل على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي هذا العام.
“سورينتينو” سيرجع للإنتاج باللغة الإنجليزية هذه المرة لفيلمه الثاني، حيث سيقوم الممثل الكبير مايكل كاين بدور قائد أوركيسترا متقاعد، و بينما يقضي أجازته في سويسرا مع ابنته وصديقتها، يتم دعوته من الملكة “إليزابيث الثانية” ليحيي حفل عيد ميلاد الأمير فيليب.
يبدو “كاين” في الفيلم شبيه للغاية من شخصية توني سرفيلو في فيلم “The Great Beauty”، وربما سيتشابه فيلم “Youth” في تيمات كثيرة منها تفصيلة الرجل المعمر الذي عاش حياته في بؤرة الثقافة الراقية.

c11
– “Sicario”:
مخرج آخر قام بالاتجاه إلي الإنتاج باللغة الإنجليزية وسط نتائج مبهرة هو الكندي “دينيس فيلينوف”.
المخرج الذي أثبت نفسه بفيلمه المرشح للأوسكار “Incendies”، ربما يكون معروفاً أكثر لتعاونه مع الممثل “جايك جيلينهال”، في فيلمى “Prisoners و Enemy”.
في فيلمه الأخير الناطق بالإنجليزية “Sicario”، تستمر تيمة الدراما والجريمة التي بدأت في فيلم “Prisoners”، وهذه المرة يحكي عن ضابط شرطة نسائية تقوم بدورها الممثلة الجميلة “ايميلي بلانت”، حيث تعبر للمكسيك مع عميلان مأجوران ليتعقبوا أباطرة المخدرات.
الفيلم أيضاً من بطولة كل من “بينيسيو ديل تورو وجوش برولين”، وسيتم تصويره بواسطة المصور السينمائي “روجر ديكينز”، لذا سيكون الفيلم تحفة فنية على أقل تقدير.
سجل “فيلينوف” المهني حتماً مثير للإعجاب، لذلك هناك سبب جيد لنفترض أن فيلم “Sicario” سيكون جديراً بالمشاهدة.
علينا فقط أن ننتظر لنعلم ان كان سيحصل على جائزة السعفة الذهبية أم لا.

c12
– “The Sea Of Trees”:
قد يكون فيلم “Sea Of Trees” أحد أكثر الأفلام التي تفرض نفسها بقوة بكل ما يتميز به من تكامل في القصة التي تدور حولها أحداثه و في نجومه المبدعين وفريق عمله الرائع، حيث يقوم بإخراجه المخرج الكبير الذي رُشِح لجائزتي أوسكار “غوس فان سانت”، ومن بطولة النجم “ماثيو ماكونهي” والنجمة البريطانية “نايومي واتس” إلى جانب النجم الياباني “كين واتانابي”، وتدور أحداثه في اليابان وبالتحديد في غابة “أوكيغاهار”، وهي لمن لا يعرفها “بحر الأشجار” كما تُعرف لدى سكانها المحليين- غابة لها تاريخ مظلم تحت رؤوس الأشجار فيها حيث كانت تعتبر قبلةً للمنتحرين.
فيقصدها بعضهم لإنهاء حياتهم، نظراً لما يثار حول هذه الغابة من أساطير وقصص مثيرة منذ قديم الأزل، ويؤدي “ماكونهي” دور رجل أعمال أمريكي يتجه إلى الغابة بهدف الانتحار أو ربما اكتشاف الإجابات الضائعة للأسئلة العميقة والمعقدة في حياته.
وهذه القصة السوداوية المُستلهمة من واقع حقيقي تحمل من الغموض والشاعرية ما يجعلنا نتوقع الكثير من هذا الفيلم، لاسيما وأن نجمه ممثل برز في العديد من الأعمال السينمائية المهمة في السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى تميزه في مسلسل الجريمة التيلفزيوني “True Detective”.
فهل ينجح الفيلم القادم “Sea Of Trees” في مواكبة التطلعات الكبيرة، ويحصل المخرج “فان سانت” على جائزة السعفة الذهبية للمرة الثانية بعد أن نالها عن فلمه الرائع “Elephant”؟.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]