يُشكل الأطباء والممرضون ، بالإضافة إلى مريض السكري وعائلته، حلقة متكاملة، ويلعب الممرض أو الممرضة دورا أساسيا فيها، بالربط بين أجزائها، التي تزداد مسؤوليتها في شهر رمضان بشكل خاص، والذي بات يطرق الأبواب، مما يتطلب استعدادات خاصة، تساهم في موازنة جسم مريض السكري لعبور شهر الصيام بأمان. أما الجوانب النفسية المتعلقة في التعامل مع مريض السكري، فلا تقل أهمية عن الأدوية في موازنة الجسم، وتهيئة الطريق لها، مما يساهم في نجاعة العلاج وموازنة جسم المريض.
هذا بعض ما جاء في محاضرتين، شيقتين وهامتين، أولاهما للبروفيسور نعيم شحادة، والثانية للدكتور موشي مشعالي، خلال أمسية استضافها منتزه طمرة، مؤخرا، بمبادرة شركة "سانوفي"، حول موضوع أهمية موازنة السكري في شهر رمضان، وأهمية الصيام الآمن لمريض السكري.
كان في استقبال جمهور الأطباء، الممرضين، الممرضات والصيادلة ممثلين عن شركة "سانوفي" في الوسط العربي.
افتتح اللقاء البروفيسور نعيم شحادة، من المركز الطبي "رمبام" والمحاضر في كلية الطب في "التخنيون"، وأشار في مطلع حديثه إلى وجود 390 مليون مريض سكري حول العالم، سيرتفع عددهم إلى 550 مليون في العام 2035. وشدد على أن "الأعداد تتزايد بوتيرة كبيرة، ومن بين كل 9 دولارات تصرف على الصحة، هناك دولار يذهب الى السكري ومضاعفاته"، مستدركا أن " خمسة ملايين إنسان توفوا بسبب السكري في العام 2013، وواحد من كل 12 انسان هو مريض سكري".
أما على مستوى البلاد، "فهناك نحو نصف مليون مريض سكري، والنسبة في المجتمع العربي أعلى من نظيرتها في الوسط اليهودي، خاصة عند النساء العربيات".
وذكر بروفيسور شحادة أن "المضاعفات الناجمة عن مرض السكري مقلقة جدا وتؤدي الى الكثير من التعقيدات. فمثلا: يشكل السكري السبب الأول لفقدان البصر من جيل 20 – 65 عاما، كما أنه السبب الأول للفشل الكلوي. وهو السبب الثاني لقطع الأطراف بعد حوادث الطرق التي تحتل المرتبة الأولى في البلاد".
وأضاف أن "العرب بشكل عام، حول العالم، يعانون من السكري أكثر من غيرهم. ومن بين العشر دول التي فيها اعلى نسب بمرض السكري، هناك خمس دول عربية. أسباب ذلك، التي تنطبق أيضا على الوسط العربي عديدة، منها ما يتعلق بالجينات التي نحملها، نوعية الغذاء التي نتناولها، وقلة الفعاليات الجسمانية، مما يؤدي الى ظهور السمنة وبالتالي يعزز ظهور مرض السكري".
60 مليون مريض سكري يصومون رمضان
حول الصيام في شهر رمضان قال بروفيسور نعيم شحادة إن "العالم الاسلامي الذي يعد نحو مليار ونصف المليار نسمة، فيه حوالي 80 مليون مريض سكري. وتشير الاحصائيات إلى أن 75% من هؤلاء المرضى ، أي نحو 60 مليون، يصومون رمضان ولو جزئيا.لكن بالمقابل هناك تعليمات يجب الالتزام بها".
وأوضح أن "الانسان الذي لديه ميل كبير للتعرض لمضاعفات، فإن الدين أصلا يمنعه من الصيام. والطبيب هو المؤهل لنصح المريض إن كان يسمح له بالصيام أو لا. أما من يُسمح لهم، فلا بد أن يتّبعوا نصائح معينة، وأن يزوروا طبيبهم قبل شهر رمضان لإجراء بعض الفحوصات، ولترتيب نوعية العلاج وارشادهم لاستخدامه، لكي تمر فترة الصوم بدون مشاكل".
ونوه شحادة إلى أن "التطور يوفر نوعية أدوية كبيرة جدا، والامكانيات العلاجية باتت واسعة، مما يساعدنا في اختيار الدواء الأنسب للمريض خلال فترة الصيام، والتي تختلف من حالة الى أخرى" .
وأثنى شحادة على مبادرة "سانوفي" المتمثلة في تنظيم الأمسية، مشيدا بمساهمتها في توفير نوعيات انسولين مناسبة للمرضى، خاصة الانسولين طويل الأمد، بالإضافة إلى نوعيات أدوية تخفف من شهية الإنسان للأكل ومن جوعه وامتصاص الغذاء من المعدة، تتناسب مع احتياجات شريحة من مرضى السكري في شهر رمضان.
الجوانب النفسية
المحاضرة الثانية كانت للدكتور موشي مشعالي، المتخصص بعلم النفس السلوكي والتشغيلي، والمحاضر للقب الثاني في جامعة حيفا، في موضوع السلوك الصحي.
تطرق خلالها إلى عدة نقاط، حول التعامل مع مرضى السكري، خاصة الذين يرفضون تناول الأدوية والالتزام بالتعليمات أو يبدون سلوكيات عدائية.
وقال موجها حديثه للأطباء والممرضين والصيادلة، إن الجانب الإنساني والنفسي يجب أن يسبق الدواء، فلكل مريض قصة، ولا بد للطواقم الطبية أن تحسن التصرف وأن تتعرف بداية على القصة الكامنة في داخله وتتسبب في رفضه للتجاوب مع العلاج، وهي أسباب متنوعة تختلف من شخص إلى آخر. وساق مشعالي عددا من الأمثل.
وفي معرض حديثه أشار إلى "وجود مخاوف من الأدوية بشكل عام لدى المرضى، وفي حالة السكري فإن الانسولين في مفهوم بعض المرضى شاهد على خطورة المرض، وهذه فكرة خاطئة، فالأنسولين دواء ممتاز، يمنح المرضى التوازن وشعور أفضل".
وذكر أن "الكثيرين من المرضى يتأثرون بالمجتمع، بالأقارب والجيران، ويستمعون اليهم بدل الاستماع لطبيبهم، والأسوأ أن الكثيرين منهم يعتمدون على محرك البحث "جوجل"، علما أن جزءا كبيرا من المعلومات حول الأمراض عبر الانترنت غير صحيحة، وأحيانا خطيرة".
وشدد على أنه "في ظل تأثر المريض بعوامل مختلفة، من المهم أن يحصل الأطباء والممرضون على أدوات تساعدهم في التعامل مع المريض، حول كيفية التوجه له بأسئلة تساهم في اخراج قصته التي يحتفظ بها في داخله الى الخارج، وهكذا يمكنهم التعرف على أسباب رفضه للتعاون. اذا فهمنا هذا الأمر، فإن الطبيب والممرض والصيدلي، سيعرفون كيف يتعاملون مع المريض، فعلاقتهم به تتجاوز وصفات الدواء الى فهم ما يختلج في قلبه أولا وابداء تفهمهم له، وإلا فإن المريض سيرمي الدواء في سلة النفايات. توظيف العناصر المهنية بدون العناصر الشخصية ودون توطيد العلاقة مع المريض لن تجدي نفعا.
وفي نهاية حديثه اثنى مشعالي على المعاملة الانسانية التي يلاحظها من الأطباء العرب بشكل عام تجاه المرضى، كما أثنى على مبادرة "سانوفي" بتنظيم هذا اللقاء، الذي اعتبره مهما جدا.
[email protected]
أضف تعليق