ألغي عرض القرقة الفلسطينية من رام الله، "وطن ع وتر" الذي كان من المقرر تقديمه اليوم الجمعة في دار الأوبرا بمدينة طمرة، ضمن البرامج الثقافية التي أعلن عنها مؤخرَا، وذلك بادعاء الإساءة للشريعة والإسلام في أحد العروض.
وفريق 'وطن ع وتر' هو فريق مسرحي فلسطيني يقدم أعمال كوميدية نقدية، استطاع استقطاب الآلاف في عروضه في البلدات العربية في الداخل، إلا أن البعض يحاولون إفشال العروض من خلال الترويج بأن عروضه مسيئة للإسلام.
وجاء على لسان القائمين على العرض وإدارة دار الاوبرا في طمرة ومركز الشيخ زكي ذياب الجماهيري، انهم سيصدرون بيانا رسميا لتوضيح أسباب الإلغاء لعرض وطن ع وتر خلال الساعات القادمة .
التجمع يستنكر ..
ومن جهته استنكر التجمع الوطني الديمقراطي في طمرة إلغاء العرض، وأصدر بيانا ذاكرا فيه إن 'المدينة شهدت في الأسبوع الأخير حوارات تحريضية متعددة تجاه عرض مسرحي لفرقة وطن على وتر بحجة التطاول على الإسلام، حيث اجتاز بعض المحرضين حدودا أخلاقية لم يسبق لها مثيل في مدينة طمرة، بل وصل الأمر إلى التهديد بالسلاح على حد قول السيد ماجد نمارنة احد القائمين على استضافة العرض في قاعة الأوبرا في طمرة .
وأضاف نمارنة قائلا:" نحن في التجمع الوطني الديمقراطي نستنكر بشدة هذه الأساليب والتهجمات المتعددة، سواء الكلامية أو الهاتفية، بالإضافة للتهجمات من خلال مواقع التواصل الاجتماعي".
وأضاف:" قد نختلف على الكثير من الأمور والكثير من المبادئ، بالوقت نفسه يجب ألا نختلف على آليات الحوار الأخلاقي والحضاري، بغض النظر عمن يؤيد العرض أو من يعارض، فإن كان هدف المعارضين منع العرض بحجة التطاول على فتاوي بعض الأئمة، فننبه أن هذا الأسلوب لم يبلغ مراده، وكل أساليب التأجيج، والتأويلات غير المنطقية، تصنع العكس، فقد تمت إثارة الموضوع بين جميع الأطر السياسية الناشطة في طمرة، وكانت النتيجة بغالبية هذه الأطر استنكار لكل محاولات التحريض والمس بالأخلاق والاعتداءات الكلامية، بالإضافة لتنوع التهديدات، فهذه الأمور لا تليق ببلدتنا ولا تليق بشعبنا، ولا بوحدتنا كمجتمع يتسم بالاحترام، بغض النظر عن اختلاف الآراء، فحتى الأطر السياسية في المدينة وإن اختلف بعضها عن بعض بالكثير من المقاييس، نجدهم يضعون خطوط حوار أدبية توافقية، والنتيجة أننا استطعنا صناعة نشاطات كثيرة ومتعددة تدل على وحدة أهل المدينة'.
وجاء في بيان التجمع أيضا:" يستبعد الكثيرون أن يكون المحرضون من مدينة طمرة، فحيز التهديدات الكبير الذي يجتاح مواقع التواصل الاجتماعي، والحديث عن التهديد بالعنف، بحجة حماية الإسلام، قد يبتعد كل البعد عن ديننا الحنيف .
بهذا يتوجب علينا التوقف عند آية كريمة في القرآن الكريم، قوله تعالى: " ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ " .
ودعا أهالي طمرة إلى عدم الانجرار خلف بعض المزاودين, مؤكدا أنه 'يبتعد عن المنطق الوطني والسياسي، فنحن في صدد أيام هدفها تجسيد الهوية الوطنية، تجسيد اعتزازنا بأرضنا، نحن في صدد أيام تسترجع نكبتنا وتسترجع هدم قرانا، والانحراف عن هذا المسار وتحويل النقاش نحو قضايا لن نجد لها نهاية تتعلق ببعض الفتاوى وانتقادها فهي نقد نحو الأشخاص وغير موجه للأديان، نتمنى من الله أن نتحلى جميعاً بالصبر وأن نناقش بالتي هي أحسن'.
كوادر طمرة : نرفض الفكر الترهيبي الذي يلغي الحريات الشخصية والفكرية ويمنع الإبداع
وقد وصلنا البيان التالي من "كوادر طمرة" أهلنا في طمره ، إن اللجوء إلى التهديد والوعيد لمنع تنظيم عرض فني يعتبر أمرا خطيرا وتجاوزا لكل حدود المنطق والمقبول في مجتمع يصبو للتقدم ويحترم حرية الرأي.
لا يمكن التأتأه إزاء التصرفات التي تضمنت التهديد بشتى اشكاله ، لمنع تنظيم عرض فني مسرحي، هناك فرق بين الإساءة المرفوضة للإسلام وبين النقد بقالب فني متحضر لمجموعات إسلامية سياسية، إذ أن التطرق لهذه المجموعات ومواقفها هو شرعي وفي حدود التعبير عن الرأي المقبولة أخلاقيا ودينيا.
ان محاولات البعض التهويل والتأجيج والتعميم لخلق أجواء ترهيبية ، هي بحد ذاتها إساءة للدين الإسلامي ولما يمثله من تسامح واحترام الأخر .
الدعوة لمقاطعة أي عرض فني ممكن أن تعتبر شرعية، لكن إذا تعدت حدود الحوار وانزلقت نحو التحريض والعنف ، كما حدث في أماكن عدة وكما حدث اليوم في مدينة طمرة ، فأنها تتعدى الشرعية إلى ممارسات لا يمكن تجاوزها والمر عليها دون موقف واضح ورافض.
لا يمكن أن نسمح لترهيب بعض الأفراد والجماعات لفرض أرائها وأجندتها على الحيز العام، في محاولة منها لاحتكار الفكر الديني والاجتماعي، وتكفير كل ما يخالفها وتنصيب نفسها كأنها المعتمدة والحريصة الوحيدة على الدين وحمايته كما يحدث من حولنا من نهج التيارات الدينية والعقائدية التكفيرية المدمرة. أن تبعيات مثل هذه الأسلوب المتطرف خطيرة جدا على مجتمعنا ويجب تداركها منعا للفتنة والتفتت والتشرذم ، وبجب أخذها وتداعياتها بكامل الجدية والمسؤولية .
إننا كمجتمع عربي فلسطيني في الداخل لنا خاصيتنا التي تلزمنا باحترام التعددية الفكرية والتي من خلالها فقط نستطيع أن نطور مجتمعا محصنا ضد الظواهر الاجتماعية السلبية مثل العنف وغيرها، وكذلك لنطور أنفسنا كأقلية قومية قوية في مواجهة السياسة العنصرية التي تسعى إلى تهميشنا وإلغائنا من الحيز ومن جودنا على أرضنا وفي وطننا.
إن هذه الممارسات تحد من إمكانيات الإبداع الفكري والتطوري والبحثي وروح المبادرة لدى شباب وصبايا مجتمعنا التي نحن بأمس الحاجة إليها وهي الكفيلة بإخراجنا من ضعف الأداء في مواجهة الآفات المجتمعية والسياسيات العنصرية كأقلية.
[email protected]
أضف تعليق