سمّي نسبة لـ كول شريف، الزعيم الشجاع والمفكر الشّاعر، الذي توفّي هو وطلابه أثناء الدفاع عن قازان ضدّ القوات الروسية في 1552. دُمّر المسجد خلال اقتحام إيفان الرهيب قازان عام 1552 وأعيد بناؤه عام 1996، وافتُتح في 24 يوليو 2005. وقد أسهمت عدّة بلدان في الصندوق الذي أنشئ لبناء مسجد كول شريف، ومنها المملكة العربية السعودية والإمارات العربيّة المتّحدة.
كانت جيوش إيفان الرهيب تخوض معارك ضارية للسيطرة على المعقل الرئيس في المدينة، أي الكرملين. ولم تتمكّن القوات الروسية من السيطرة على القلعة، إلّا بعد سقوط آخر المدافعين عنها صريعًا. وكان كول شريف الذي لم يكن يهاب الموت، يقود المدافعين عن القلعة.
كان كول شريف سيّدًا، أي إنّه من سلالة النّبي محمد صلّى الله عليه وسلّم، كما كان محاربًا شجاعًا وشاعرًا ومفكّرًا. ويرى البعض أنّه صاحب العمل الشهير "انتصار ولاية قازان"، الذي يصف فيه أحداثًا تاريخية جرت في عام 1550، حيث تمكّنت قوّات الخان من تحقيق نصر على الجيش الروسي. لكنّ الكاتب تنبّأ بالمصيبة التي ستحلّ بالمدينة، وبالفعل تمكّنت جيوش إيفان الرّهيب في صيف عام 1551، من تطويق مدينة قازان، ما اضطرّ الزعيم كول شريف إلى أداء دور دبلوماسيّ. عندها، تغلّب على كبريائه، وتوجّه إلى قيادات الجيش الروسي ليعقد صفقة معهم من أجل إنقاذ المدينة. حيث جرى بعد مفاوضات صعبة جدًا، قبول شروط موسكو. لقد أجّلت هذه المفاوضات هجوم الرّوس على المدينة، لكنّها لم تلغه. وفي أكتوبر/ تشرين الأول من عام 1552، بدأت الجيوش الرّوسية هجومها على المدينة بعد حصار مضن، وتمكّنت من اختراق دفاعات قازان.
حصلت المعركة الكبرى عند جدران مسجد الكرملين الخاني. وتقول الأساطير الشعبية، إنّ كول شريف، كان يقود مفرزة من المقاتلين المخلصين له، قوامها شباب دراويش وصوفيّون، وإنّه دافع عن القلعة إلى أن طُعن على سطح مدرسة، حيث سقط من هناك.
أُحرق المسجد بالكامل. ووفقًا لما تتناقله الألسن، جيلًا عن جيل، فإنّ صورة المسجد الخشبيّ المحترق وهي تطلّ من داخل اللهيب، أدهشت الغزاة.
لذلك تقرّر تخليد ذكرى مسجد قازان، في كاتدرائيّة القديس باسيل (فاسيلي بلاجينّي) في موسكو، التي بُنيت لتخليد ذكرى سقوط خانية قازان.
وتحوّل إلى مسجد كاتدرائي مهيب.
حول القبة التي ترمز إلى سلطة الخان المطلقة، ارتفعت ثماني مآذن ترمز إلى المقاطعات الثماني لبلغار الفولغا. وقد تُوّجت هذه المآذن بأهلّة فضّية ترمز إلى السلطة الإلهيّة العليا...
في أواسط التسعينيّات، وبهدف الحفاظ على الآثار ذات القيمة التاريخية، تقرّر إعادة بناء مبنى المسجد العظيم كأحد المعالم الأساسية لكرملين قازان.
يمثّل مسجد كول شريف مع كاتدرائية بلاغوفيشينسك رمزًا لوحدة الدّيانتين الأساسيّتين في المدينة؛ الأرثوذكسية والإسلام. لقد كان لهذا الأمر دور مهمّ في وضع كرملين قازان ضمن قائمة التّراث العالمي لمنظمة اليونيسكو.
المسجد الذي افتُتح في عام 2005، هو بناء قاعدته على شكل مربّعين يتقاطعان بزاوية قدرها خمس وأربعون درجة لتشكّل رمز الشعار الإسلاميّ المعروف باسم الجلالة "الله". وفي الجزء العلويّ من البناء، ثمانية أقواس متقاطعة وضعت عليها قبّة على شكل قبعة قازانية. تعلو مبنى المسجد أربع مآذن كبيرة يبلغ ارتفاعها خمسة وخمسين مترًا، وأربع صغيرة تلمع فوقها أهلّة فضّية، تمامًا كما كانت الحال في المسجد القديم.
ويضمّ هذا المجمّع الديني التاريخي، إضافة إلى المسجد، متحفًا لثقافة شعوب الفولغا الإسلامية، ومخطوطات قديمة، ومكتبة، ومركزًا للنشر وإدارة الإمام.
[email protected]
أضف تعليق