أصدر مركز أبحاث اللغة، المجتمع والثقافة العربيّة "الينبوع" التابع للمعهد الأكاديمي العربي للتربية في كليّة بيت بيرل مؤخراً دراسات عديدة حول الأدب الفلسطيني المحلي خاصةً والعربي عامةً لباحثين ومحاضرين من داخل المعهد وخارجه، وقد تمّ إصدار الدراسات في ثلاث كتب بعنوان "الأدب الفلسطيني في اسرائيل ومسألة الحداثة" و "عندما تتكلم الأمكنة" و "التفاعل الفنيّ الأدبيّ في الشعر الرّقميّ".
وتضمّن كتاب "الأدب الفلسطيني في اسرائيل ومسألة الحداثة" سبع دراسات، من بينها "الأدب المحلي وغياب البلاغة الرقميّة" للدكتورة إيمان يونس والتي تناولت موضوع البلاغة الرقميّة وغيابها عن الأدب العربي الفلسطيني في اسرائيل، منوّهة إلى أنّه بالمقارنة مع ما يجري في السّاحة الأدبيّة في السنوات العشر الأخيرة في العالم الغربي والذي يحث خطاه بتسارع نحو الكتابة الإبداعيّة الرّقميّة في كافة أشكالها ويحاول امتلاك أدواب البلاغة الرقميّة والنقد الرّقمي وتوظيفها في خدمة النص الأدبي، نجد العالم العربي يحاول جاهداً اللحاق بهذا التوجّه المنطلق وان كان ذلك بتحفظ وببطء شديدين، بينما يقف الأدب المحليّ في عزلة تامّة عن الموضوع بحيث نجده بعيداً كل البعد عن السّاحة الأدبيّة الرّقميّة.
أمّا الدكتورة كوثر جابر فقد تناولت في دراستها "كسر التابوهات في أدب المرأة المحليّ" كتابات الأديبة رجاء بكريّة والتي تتجلى حداثتها في كسر التابوهات وتمرّدها على التقاليد وعدم الإيمان بالبديهيّات كمسّلمات، بحيث تعالج الكاتبة التابو الجنسي من خلال فعل الحب والخيانة والتابو السياسيّ وأشكال القمع والمكابدة للعرب داخل اسرائيل.
وفي دراسة الدكتور سمير الحاج تحت عنوان "الساتيرا في القصّة الفلسطينيّة المحليّة" والتي تتناول كتابات محمد علي طه وسهيل كيوان كنموذجين، يشير الباحث إلى التزام سهيل كيوان بالخصوصيّة الفلسطينيّة داخل المجتمع الإسرائيلي وبالتهكميّة من التغييرات الإجتماعيّة، فيما نجد قصص محمد علي طه غاضبة من الواقع وخائفة على جيل بأكمله فقد رؤيته واتزانه وغاب وعيه.
وتناولت دراسة الدكتور كتاني "الرّواسي تصير هباءً: المفارقة والتضاد في صميم مرافئ الوهم لليلى الأطرش" المفارقات التي تسكن بنية هذا العمل في منظومة الثنائيّات المتضادّة فيه. أمّا دراسة الباحثة هيفاء مجادلة "العزف على وتر الأرض والوطن في أشعار سالم جبران" فقد نوّهت بأنّ تجربة الشاعر الذاتيّة هي المنبع الأساسي الذي يغترف منه شعريّته، مضيفةً بأنّ معاناته الشخصيّة التي عاشها في ظل الإحتلال ولدت الكثير من قصائده.
ومن ناحيتها، بحثت الدكتورة عايدة فحماوي-وتد في دراستها "المنفى والبيت في شعر محمود درويش"، جدليّة "المنفى والبيت" كمركب هام في تشكيل الهويّة في المرحلة الثالثة من نتاج الشاعر الفلسطينيّ محمود درويش والتي تمتد بين 1995-2005. أمّا الدراسة الأخيرة في هذا الكتاب "التقنيّات الأسلوبيّة في الأدب الفلسطيني" للدكتور عمر العتيق فقد عاينت عدّة محاور من حيث التقنيّات الأسلوبيّة للنص الأدبي.
الكتاب الثاني بعنوان "التفاعل الفنّي الأدبي في الشعر الرّقمي" للمؤلفتين والباحثتين الدكتورة ايمان يونس والدكتورة عايدة نصرالله، يأتي تتويجاً لجهود علميّة متواصلة سعياً إلى مواكبة مستحدثات الأدب الرّقمي وتوطينه عربيّاً، في ظل الفجوة الرّقميّة التي لا يزال يعاني منها العالم العربي، والتي أدّت إلى بقاء القصيدة العربيّة في منأى عن التحولات التكنولوجيّة السّريعة.
ويتناول الكتاب الثالث " عندما تتكلم الأمكنة" للدكتورة عايدة نصرالله الكاتب قاسم مطرود، وهو من أبرز المسرحيين العراقيين في القرن الواحد والعشرين الذي تبنى طريق الابتكار التقني الراقي والذي يعبر عن القيم الحضارية والتاريخية، متخذا من العبثية واللامعقول والسريالية مدرسته الذاتية، إلا أنّه لم يلتزم بمسرحياته المذهب المسرحي بشكله الفني شكلاً ومضموناً، وإنما جنّد الوسائل الفنية لتحمل مدلولات فلسفية. ويشار إلى أن المسرحي مطرود رسّخ ونمّى أدبه المسرحي في المنفى بسبب "تكميم الأفواه" في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.
د. علي وتد، رئيس المعهد، ود. غالب عنابسة، رئيس مركز الأبحاث، أشادا بسلسلة الأبحاث والدّراسات التي تمّ إنجازها بدعم كامل من قبل المعهد والمركز، مؤكدين على إسهام ذلك في رفع مكانة الإنتاج والبحث الأكاديمي والعلمي العربي داخل إسرائيل في جميع مجالات المعرفة، الأمر الذي يتلاءم مع الرؤية الشاملة للمعهد التي تسعى إلى تعزيز دور محاضري المعهد كباحثين ومنتجين. من الجدير بالذكر أيضاً أنّ د. غانم يعقوبي، رئيس مركز الأبحاث السّابق، كان قد ساهم بشكل فعّال في دعم هذه الأبحاث وتعزيز مكانة المركز.
[email protected]
أضف تعليق