اظهرت دراسة جديدة جرت مؤخرًا بان اندماج وانخراط العرب في سوق الهايتك او التكنولوجيا المتقدمة يعمل على تحسين مجال الهايتك في اسرائيل، ووفقا لبيانات الحكومة، فان عدد المهندسين الذين يعملون اليوم في هذا المجال قد وصل الى 2000 مهندس، مقارنة مع عدد الذين عملوا بالهايتك قبل عدة سنوات وهو 350 فقط، حيث كان لمدينة الناصرة هذه القفزة النوعية في اعقاب اندماج 600 شخصًا من مطوري البرامج في مجال التكنولوجيا المتقدمة مقابل 40 شخصًا فقط في العام 2008.
من ناحية اخرى فان الجامعات الاسرائيلية تخرج سنويا 400 طالب عربي متخصص في التكنولوجيا المتقدمة بيد ان نسبة 44% من الطلاب العرب لا يعملون بشهاداتهم في مجال الهايتك ويتوجهن للعمل في التدريس.
ويشار الى ان احد الاسباب في ذلك هو الصعوبات التي يواجهونها الطلاب العرب في ظل البدء بعمل الهايتك، منها التنقل المسافات واللغة.
ساري قشوع: مجتمعنا العربي يفتقر الى بناء علاقات مع شخصيات لها باع طويل في عالم الهايتك
عن تجربته في هذا المجال حدثنا ساري قشوع من الطيرة حيث انهى تعليمه في الكلية الاكاديمية نتانيا في مجال علم الحاسوب ويعمل منذ عام ونصف في Crow Electronic Engineering Ltd وقال: التخوف الرئيسي هو ان معظم اماكن العمل في مجال الهايتك تتطلب خبرة سنة الى ثلاثة سنوات على الاقل، وحتى اتغلب على تخوفي هذا شاركت بدورات تخصص في مجال بناء مواقع وايضا بالفحص اليدوي (QA) حيث ساهمت هذه الدورات بمنحي بعض الخبرة لان التعليم بها يشبه الى حد كبير العمل في نطاق شركة هايتك.
وتابع قشوع لـ"بكرا": اعتقد ان مجتمعنا العربي يفتقر الى بناء علاقات مع شخصيات لها باع طويل في عالم الهايتك علما ان ذلك يساهم في زيادة الموظفين في شركات الهايتك لان عمليات التوظيف تتم فقط عن طريق موظفين في الشركات، وبالتالي انا اشارك دائما بلقاءات مفتوحة في مجال الهايتك للتعرف على اشخاص جدد في هذا المجال ولتفادي هذه العقبة.
الحل لمشكلة اللغة هو الانخراط والاندماج بالمجتمع اليهودي قبل التوجه للدراسة
واشار قشوع لـ"بكرا": في الفترة الاخيرة نشهد ازدهارًا في هذا المجال حيث تقام جمعيات في الوسط العربي تدعم الهايتك وتساعد الخريجين في هذا المجال، مثل "تسوفن" التي تساهم في تحضير الطلاب لسوق العمل من مختلف النواحي.
كما تطرق قشوع الى تخوف الطلاب من الاندماج في سوق عمل الهايتك بسبب اللغة والمسافة مشيرا الى ان الحل الوحيد لهذه المشكلة هو الاندماج والانخراط بالمجتمع اليهودي والتعرف عليه وعلى لغته بشكل اكبر قبل البدء بالدراسة الجامعية.
صفاء عيق: التقدم لوظائف ومقابلات يحسّن من أداء الطالب في كل مقابلة، ويزيد من معرفته في المجال ويقلل من التوتّر
من ناحيتها قالت صفاء عيق من ام الفحم ما زالت تدرس للقب الاول في علم الحاسوب في جامعة تل ابيب: ليس لديّ تخوّفات من مرحلة ما بعد اللقب، رغم انني ما زلت طالبة الا اني اعتقد ان مرحلة البحث عن عمل يجب ان تبدأ قبل نهاية اللقب، ولذلك أحاول ان انخرط قدر الإمكان في التعرف على عروض العمل للشركات المختلفة، ودائما أحاول تقديم الطلبات للوظائف التي أراها ملائمة، وحتلنة السيرة الذاتية وفقا لتقدمي في اللقب وزيادة المعرفة العامة التي اكتسبها من العمل على مشاريع مختلفة خارج القب.
وتابعت عيق لـ"بكرا": معظم الطلاب العرب لديهم تخوّف من التقدم لوظائف في فترة التعليم وينتظرون حتى انهاء اللقب لبدء البحث عن عمل، وهذا التوجّه ليس بالضرورة ملائم للجميع، فالمعظم يظنون ان الأمر المهم هو انهاء اللقب بأسرع وقت ممكن، وبعد ذلك يمكنهم البحث عن عمل بشكل أنجع، علما ان عملية البحث عن عمل توسّع من آفاق الطالب وتفتح امامه المجالات الكثيرة للتعرف على أشخاص من المجال والتعرف على كيفيّة التقدّم لوظيفة معيّنة، فالبحث عن عمل يتطلّب وقتًا ومجهودا والذي يستحسن استثماره في فترة التعليم حتى يكتسب الطالب المهارات الكافية والمعرفة اللازمة في كيفيّة التقدم للوظائف وكيفيّة التعامل مع مقابلات العمل، التقنيّة منها والشخصية، وبذلك عند انهائه للقب ستسهل عليه امكانيّات البحث عن عمل في المكان المناسب. عدا عن ذلك فان التقدم لوظائف ومقابلات يحسّن من أداء الطالب في كل مقابلة، ويزيد من معرفته في المجال ويقلل من التوتّر الذي يمكن ان يتعرّض له الطالب عند دخوله لمقابلة.
الفرق الوحيد بيم المجتمع العربي واليهودي هو ان الطالب العربي يصيبه اليأس بعد بضع محاولات
واردفت: بالمقابل هنالك من ينتظر حتى نهاية اللقب للبحث عن عمل حيث يبدأ بالتكيف مع طرق البحث والتقدم لعمل فقط بعد التفرّغ وذلك يأخذ كثيرا من الوقت والمعظم يصيبه إحباط اذا لم يتمكن من النجاح في أول او ثاني مقابلة لهم، علما ان الطالب يجب ان يتقدم للعشرات من الوظائف وعليه ان يقوم بالعديد من المقابلات حتى ينجح في النهاية، ولا يقتصر ذلك على الطالب العربي فقط، فالعملية هي ذاتها أيضا في الوسط اليهودي، الفرق في مجتمعنا ان الطلاب يصيبهم اليأس بنسبة أكبر من الوسط اليهودي بعد بضع محاولات غير موفقّة.
واشارت قائلة: مع ذلك فان المجتمع العربي يشهد تقدّما في مجال الهايتك، ان كان على الصعيد الأكاديمي، فعدد طلاب المواضيع التقنيّة في الجامعات آخذ بالازدياد في السنوات الأخيرة، او على الصعيد المهني في شركات الهايتك، يمكننا إيجاد مهندس عربي تقريبا في جمع شركات الهايتك الكبيرة المعروفة في البلاد، والعديد من المهندسين الرياديين الذين يعملون بشكل مستقل، الامر الذي لم يكن شائعا في السابق.
الاعتماد على اللغة العبرية في مجال الهايتك قليل مقارنة بلغات اخرى
كما تطرقت الى تخوفات اخرى حيث قالت: يوجد العديد من التخوّفات التي يواجهها الطالب العربي في هذا المجال ويمكن ان تكون اللغة واحدة منها، ليس بالضرورة اللغة العبرية، فالاعتماد على اللغة العبرية في مجال الهايتك قليل مقارنة بلغات اخرى، حيث ان جميع المصطلحات تكون بالانجليزية او تكون مصطلحات تقنية خاصة بالمجال، فاللغة الطاغية في المجال هي الإنجليزية والكثير من الشركات تجري مقابلاتها بالانجليزية وتقوم بادراج التمكّن من اللغة الانجليزية كشرط أساسي للقبول للوظائف، لذلك وبسبب كونها لغة ثالثة في مجتمعنا يوجد ضعف صارخ في قدرات الطلاب اللغوية فيها.
واضافت: بالنسبة للمسافات البعيدة فلا أرى ذلك حاجزا، لان اليوم توجد شركات في كل انحاء البلاد، ويمكن للطالب العربي ان يعمل في الشمال او في المركز او حتى الجنوب، ومعظم الشركات تغطي تكاليف السفر او تزوّد العامل بطرق للمواصلات لذلك ليس من الصعب العمل في مكان بعيد عن مكان السكن.
احمد حكروش: ثقافة الشباب العرب تؤثر سلبيا على انخراطهم في سوق الهايتك
اما احمد حكروش من بلدة كفركنا تخصص علم الحاسوب ويعمل حاليا في شركة امدوكس حدث "بكرا" عن تجربته قائلا: في المرحلة التي كنت فيها قد أشرفت على إنهاء اللقب الأول في مجال علوم الحاسوب في جامعة حيفا، بدأت تراودني المخاوف والشكوك حول قدرتي بالالتحاق بسوق العمل، بالرغم من أدائي الجيد والممتاز في أحيان متقاربة أثناء التعليم أو حتى في مجالات عمل أخرى كنت قد التحقت بها، وذلك بسبب عدم قبولي لأماكن عمل عديدة مختصة في مجال البرمجة والهايتك إجمالًا، مما أدى لضعف ثقتي بنفسي وبقدراتي.
وتابع: إن طريق البحث عن عمل في مجال الهايتك وعالم البرمجيات شاق نسبيًا أكثر مما هو الحال في أي مجال آخر. حيث بدأت بإرسال السيرة الذاتية للشركات الكبيرة منتظرا مكالمة هاتفية حتى وإن كانت نهايتها "سلبية".
واردف: من بعد محاولات عديدة وكثيرة للالتحاق بهذه الشركات، مما اضعف ثقتي بنفسي نوعًا ما وبقدراتي, بدأت بترتيب الأمور داخليًا، والعمل بصورة مستقلة لأفراد، شركات صغيرة وحتى متوسطة متواجدة خارج البلاد في مجالات مختلفة، حيث كنت أعرض خدماتي لتطوير مواقع الانترنت وبناء برامج محوسبة تختلف في أدائها حسب الطلب. ومن هنا بدأت مسيرتي المهنية في هذا المجال بشكل جدي، وانا اليوم أعمل في شركة أمدوكس بعد أن اجتزت كل المقابلات المهنية والشخصية بنجاح. على الرغم كل المحاولات الموجهة على الصعيد القطري، أو على الصعيد المؤسساتي الخاص في الاستثمار في الشباب العرب في سوق الهايتك الا ان ذلك غير كافي حيث ينقص شبابنا العرب الإدراك الكافي والصحيح لهذا المجال وما يتطلبه من اجتهاد شخصي، اضافة الى عدم إدراك كبرى الشركات في مجالات الهايتك لطبيعة ثقافة الشاب العربي.
واوضح لـ"بكرا": ما زلت حتى اليوم ارى تخوفات المجتمع من هذا المجال "الخطير" نوعًا ما، وذلك لما يحمله من الشكوك حول مصيره بعد فترة وجيزة من الزمن. بسبب المشاكل التي تواجه الشاب العربي بدايةً في مسيرة البحث عن العمل، حتى يصل الى مفترق طرق اما ايجاد عمل او التوجه الى مجال اخر يضمن له الاستقرار.
اللغة هي عنصر أساسي لكي يتدبر الفرد شؤونه في اسرئيل
واختتم: اللغة هي عنصر أساسي لكي يتدبر الفرد شؤونه في اسرئيل، سواء كان مختصًا في مجال الهايتك أو عاملًا بسيطاً حتى في أي مجال آخر. فلا بد لنا أن نمارس اللغة بصورة تمكننا من استغلالها بالشكل المطلوب والهدف المنشود. المطلوب منا كعاملين في مجالات الهايتك، هو اتقان اللغة الانجليزية والعبرية على حد سواء.
مشيرا الى انه في منطقة المركز هنالك عدة وظائف شاغرة اكثر من منطقة الشمال والجنوب علما ان بعد المسافات عن البلدات العربية تمنع الطالب من التوجه للعمل في المركز.
[email protected]
أضف تعليق