"فعلتها الدمشقية، ولطخت كفها بدموع فلسطينية ... فاشتد البكاء، واشتد الصفع ... وانهارت مدائن " هكذا ذيل شاعرنا الهندي قصائده التي تتصف بالوجدان وتتلاعب بالمشاعر، كتب الحب ولا يزال يكتبه مسيطراَ بحذاقة الفنان على هوامشٍ في نصوصه، قد لا نراها ولكننا بلا شك نتأملها ونحس بشدة وقعها علينا.

هلال ماهر إبراهيم الهندي شاعر فلسطيني من مواليد 15 حزيران 1988 يقيم في مدينة حيفا، درس تخصص الفيزياء والرياضيات في جامعة حيفا وفي جامعة التخنبون بحيفا.

موهبة الشعر...

يتحدث الهندي عن بداية ظهور موهبة الشعر لديه:" برأيي الشعر لا يُقاس بالعمر الفعلي للشاعر، إنما يُقاس بالعمر الافتراضي للنص، بدأت بمطالعة الشعر ومدارسه العديدة عن طريق المناهج الدراسية؛ خوفًا من الحصول على درجات متدنية في مادة اللغة العربية، ثم بدأت بمطالعة ما يمكن الوصول إليه من نصوص تُعبرِ عما يجول في داخلي، كمراهق يسعى للوصول إلى تفسير مباشر للشعور غير المباشر بأنه ربما عاشق أو ربما غاضب أو ربما أنه لا يشعر بشيء وهذا ما يفعله الشاعر تقريبًا ".

ويتابع حديثه: من هنا بدأت بطرق أبواب النصوص التي تعبر عما يشغلني ونفي النصوص التي لا تروق لي بعيدًا، ففي البداية كنت أقلد الشعراء الكبار واتناص مع نصوصهم لقلة الأدوات التي املكها، ثم بدأت أصيغ نصًا جديدًا، لم تكن تهمنِ قوته بقدر ما كانت تهمنِ قدرته على الوصول إلى القارئ الشاب، وأن يعبر عنِ بالدرجة الأولى ، إذ كان عمري حينها 16 عامًا .

بدأ طريقه بكتابة الشعر، ولم يكن يعنيه أن يتطرق حتى إلى أنواع الكتابة الأخرى، كالقصة القصيرة أو الرواية أو سائر الأنواع الأدبية الأخرى، وعندما يبدأ بكتابة الشعر يكون حالماً بما لا يمكن الحلم به، ويقوم بكتابته عندما لا يستطيع أن يكون موضوعياً، حيث يجد الشعر هو الذي يستطيع أن يفسر تشابك كل الخيوط في يديه.

يقول الهندي:" في البداية كانت عائلتي الصغيرة تقرأ لي بعض ما أكتبه ثم الأصدقاء ،ثم صار الشعر هو أداة الخطاب للحبيبة، إذ كانت الرسائل شعر باتجاه واحد إلى قلبها، ثم بدأت أحاول البحث عن طريقة تخرجني إلى دائرة أوسع وإلى أشخاص جدد، طالما كان النص بالنسبة لهم مريحاً، ويستطيع أن يدخلهم لعالم آخر".

بداية مواضيعه...

تطرق الهندي في بداية دخوله عالم الشعر إلى نوعين، الأول كانت الغربة التي يعيشها وحده خلال فترة تعليمه، وما بعدها بمحاولة تأسيس حياة مستقلة والدخول إلى المستقبل بكفٍ بيضاء، والأمر الثاني كان الغياب... غياب الحب والحبيب، غياب التفاصيل الأولى لأول الحب.

ثم بدأت عنده تلك الرغبة الشديدة؛ أن يكتب عن الواقع الذي نعيشه وبؤسه،والمصير المأساوي الذي ينتظرنا، وحرصه على ربط القضية الشخصية بالقضية العامة، إلا وهي غياب الوطن فكتب وأبدع مؤلفات حملت عناوين ( من يوميات أسير) و(حب في زمن الأبارتهايد) و(مجندة في القطار تعجبني) و(يا وطني) إضافة ل( وطن ضيق).

أسلوبه...

وبخصوص نوع الأسلوب الذي انتهجه في كتاباته يقول الهندي:" عندما أبدأ بالكتابة ابحث عن الإيقاع ... إيقاع القصيدة الموسيقية التي تمتد إلى قلب القارئ قبل عقله، كما أبحث عن المفردات السهلة ولا اقصد بذلك إني ابتعد عن الصعوبة؛ لكني ابتعد عن جعل النص عبارة عن مجموعة احجيات على القارئ البدء بحلها".

ويتابع حديثه قائلاً: قد يكون اسمها قصيدة نثرية أو قصيدة النثر أو نثرية، لا أريد الخوض في المسميات كثيرًا، كما قلت الإيقاع هو أول النص ومتنه وماعدا الإيقاع ينتظر على الهامش .

انجازاته الأدبية...

وعن أبرز المحطات الأدبية والانجازات التي حققها يفيد هلال انه في البداية لديه في رصيده ديوان واحد، إضافة إلى التغريدات والحالات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، كما يسعى دائماً بالمشاركة في الأمسيات التي تقيم دائماّ، وينتظر من مريم أن تأخذه إلى ابعد من ذلك، كما سيشارك في عدة أمسيات في أوروبا قريباً، وفي بعض الدول العربية والأراضي المحتلة عام 48 والضفة والقدس.

ملكة الشعر وشخصيته...

يتحدث هلال عن ملكة وموهبة الشعر كيف حرص على إبرازها، وكيف لعبت دوراً كبيراً في تنمية شخصيته:" في ظل العالم المصاب بالزكام الثقافي، وعدم القدرة على النشر ككاتب أو شاعر ينشر للمرة الأولى؛ بسبب التكاليف الباهظة التي تتراوح بين 1500 و 2000 دولار، فقد كانت المواقع الإلكترونية والفيسبوك هو الطريق المباشر والأسهل؛ لإبراز النص أمام القارئ ".

ويتابع حديثه: أما بالنسبة لدور الشعر في تنمية شخصيتي، فانا أقول أن الشعر للشاعر هو طريقة لكتابة يومياته وملاحظاتهِ لكن بصورة فريدة، كما أن الشعر يعد حالة وسطى بين الواقعي والحالم، فالشعر يدخل الشاعر إلى حالة من التصوف ربما أو إلى حالة من الصفاء الذهني، مما يغير من شخصيتهِ بطريقة غير مخطط لها مسبقًا ، وقد يكون التغيير للأسوأ أحياناً !

واقع الثقافة الفلسطينية...

يرى الهندي واقع الثقافة الفلسطينية بأنه مصاب بالشيزوفرينيا، أو كما يسمى بالانفصام على مستوى الذائقة الأدبية للقارئ، أو على مستوى الناتج الأدبي للكثيرين ، أما اليوم صار الحال كالأتي:"ادفع تنشر والمكتبات مليئة حد التخمة بالنسخ والمؤلفات المُرهِقة للذائقة وللرفوف أيضاً .
ودعا على المسؤولين عن ذلك الانتباه؛ لأن هذا الحال يؤدي بنا إلى خسارة العديد من أدباءنا، والإساءة إلى القارئ الفلسطيني بحد ذاته.
وعن ضرورة خلق جسم ثقافي موحد في فلسطين للنهوض بالثقافة الفلسطينية يقول:" أنا مع وبشدة، فإذا كنا ننتمي لنفس الأرض، وتربطنا الجذور نفسها بذات التربة، فنحن نقف عند ناصية نفس الحلم، كما أن وجود جسم ثقافي واحد يعني وجود رد موّجه وواضح إلى آلة الاحتلال الفاشية التي تتعامل معنا على حد سواء، التي تحاول دائمًا أن تفصل كل منا عن أخيه؛ لتستطيع أن تزرع وجودها في أرضنا" .

ويتابع حديثه: لذلك فان وجود جسم ثقافي فلسطيني واحد بعيد عن الأحزاب والانتماءات من دورهِ أن يكون سلاح ردع جيد في وجه الاحتلال .
الشعر ومستواه العلمي...

وعند سؤالي له كيف توازن بين الموهبة الشعرية وبين مستواك العلمي كونك فيزيائي فذ يقول: أنا لا أوازن تقريبًا، أنا أقوم بعملي فقط، الشعر أولًا ثم يأتي أي شيء.

فانا أمارس حياتي كجامع صور، وأحاول أن أحافظ على عملي كمدرس فيزياء دون أن أطرَد، لكن كله في سبيل الشعر، كما يستطيع الشعر أن يطغى على أي شيء ولا يستطيع أي شيء أن يتعدى على حقوق الشعر .

"قد يكون اسمها مريم"...

قد يكون اسمها مريم بدأ بكتابتها تقريبًا في أيلول 2013، وأنهاها في تموز 2014، لكن قبل ذلك اصدرَ بشكل ذاتي كتاب اسمه "لا شيء يستحق البقاء في الذاكرة" لكنهُ لم يأخذ ذاك الصدى المرجو؛ سواءً بسبب قلة الخبرة أو لأنهُ نُشِر بصورة ذاتية، والآن يستطيع أن يقول انهُ فشِل، كما ويستطيع أن يقول انه سعيد بذلك الفشل ؛ لقد علمه الكثير من الأمور، وجعله يتجاوز الكثير من الأخطاء التي لو ارتكبها في "قد يكون اسمها مريم" لفشل هو أيضًا سواءً على صعيد النص أو النشر .

وعن سبب اختياره اسم مريم يقول الهندي:" اخترت اسم مريم قبل إرسال الكتاب إلى المطبعة بيوم واحد، حيث ذُكِر اسم مريم مرة واحدة في سطر واحد في نهاية القصيدة ، لكن مريم كانت تتحرك بين سطور كل القصائد ".

ويتابع : كانت لاعبة بلياردو ماهرة، وبائعة ورد جذابة، وزميلة دراسة شقية، كانت من مواليد برج الأسد خنتها مرة وتركتني مرات، كانت شرقية ليبرالية مرة وشيوعية مرة ويمينية مرة، وكانت غريبة وكانت هيَ وحدها من تزورني في السجن ، لكني لم أعرفها جيدًا إلا بعد أن ذهب الكتاب إلى المطبعة .

"قد يكون اسمها مريم" قائم على ثلاث أقسام سماها يوميات، الأول فيه نصوص قصيرة من عدة سطور لا تتجاوز الصفحة الواحدة، وهيَ فعلًا يوميات ليست مرتبة بشكل يتناغم مع بعضه؛ وإنما يخلق فوضى في خيال القارئ وهو بالمناسبة مادة جيدة للناقد الكسول. الجزء الثاني قائم على قصائد كاملة و يعتبره الجزء الأكبر، وهنا يسقط في الفخ سبع عشرة مرة ابتداءً من لاعبة بلياردو وانتهاءً بمومس ،أما الجزء الثالث فقد آثر أن يضع فيه كل النصوص التي ترتبط بالقضية الفلسطينية وحتى بالمناطق فهناك توجد القدس رام الله غزة حيفا يافا وعكا، وهناك توجد الحارات التي ولدت بها والتي لا زلت أعيشها بذاكرتي كما توجد حيفا مكان إقامتي حاليًا.

بالنسبة لعدد النسخ التي تم توزيعها يقول الهندي :"عدد النسخ محدود فقد طبعت الطبعة الأولى في دار فضاءات في الأردن، وكان عدد النسخ 1000 نسخة سيصلنا إلى هنا عدد لا بأس به من النسخ ،وسأوزعها بشكل شخصي على مكتبات في الضفة والداخل وطبعًا غزة إذا استطعت ذلك" .

كما صدر الكتاب إلى الخارج، وسيشارك في معارض الكتاب المقبلة في مصر وتونس والمغرب والرياض والبحرين وأبو ظبي ، كما سيكون ممكنًا طلبه الكترونيًا.

لقب شاعر أمراً واقعه في حياته...

وعند سؤالي له لقب شاعر كيف أصبح أمرا واقعا في حياتك يقول الهندي:"ببساطة فقط ، ليس هنالك أي داعي لأن يكون شخص الشاعر محل قداسة، الشاعر الجيد يُهذبهُ شعره وان لم يهذبه فان القارئ سيحاسبه، فذاكرة القارئ لا تشبه ذاكرة السلمون ، لذلك أتعامل مع الأمر ببساطة دون تكليف، اذهب لعملي لأمارس حياة عادية، عدا عن طقوسي الخاصة المتعلقة بالكتابة" .

اهتمام جماهيري...

يفيد الهندي:" أن أكثر ما شجعني على دخول هذا العالم ولو متسللًا حيث أني لم ادخل كلية أدب لغة عربية، أو إعلام أو ما يمد للأدب بصلة هوَ القارئ الشاب، فعندما يكون المتلقي شاب وأنت تمنحه أدبًا شعرًا كان أو نثرا أو حتى مسرح أو موسيقى أو فن أيا كان نوعه بحيث يعبر عنه وعن تطلعاته سيكون للعمل قيمة.

ابرز نجاحاته...

ويتابع قائلاً: كنت أتوقع باني سأحصد نجاحات، لكن ليس بهذا الحد وهذا الزخم، كما واني لم احصد نجاحًا هائلًا فأنا سأسعى لذلك عن طريق توصيل الكتاب لكل قارئ، وإقامة أمسيات في كل مكان ممكن، فقريبًا لدي أمسية في حيفا وتليها في رام الله وتليها ستكون أمسيات في الخارج .
إضافة إلى أني أعمل مع الفنان إلياس غرزوزي حاليًا على تسجيل قصائد من "قد يكون اسمها مريم" مع مرافقة موسيقية على آلتي البزق والجيتار، ووضعها في قرص ونشرها في الأمسيات والمكتبات بمرافقة الكتاب .

ويختم حديثه قائلاً:" كل ما يمكنني أن أعبر عنه، لكن أتوقع أن النثر يناديني بشكل خاص وسأكتب نثرًا، أنا اكتب الرسائل الآن فكلما كُسرت ابره الشعر في احد شراييني بدأت كتابة النثر على هيئة رسائل، ثم أعود للشعر وكسر الإبر وهكذا دواليك.

ويتابع: سيشارك الكتاب في معارض الكتاب التالية في الدول العربية:

معرض القاهرة الدولي
معرض الدار البيضاء
معرض مسقط
معرض الرياض
معرض أبو ظبي
معرض البحرين

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]