تؤكد دراسة حديثة أن الجامعات الإسرائيلية تعمل على تغييب اللغة والثقافة العربيتين، وأن ذلك يضع العراقيل أمام الطلاب من فلسطينيي الداخل، ويبعث فيهم شعورا بالاغتراب والظلم.
الدراسة -التي صدرت عن منظمة "سيكوي" الإسرائيلية والتي تدعم المساواة المدنية بالتعاون مع مؤسسة "دراسات"- تضمنت استقصاء الوضع القائم في جامعات حيفا، وبن غوريون، وبئر السبع، وتل أبيب، إلى جانب الجامعة العبرية في القدس.
وتختار الدراسة مُكوّنيْن يحملان معنى كبيرا في خلق الشعور بالانتماء لدى الطلبة العرب الفلسطينيين في الحيّز الأكاديمي في البلاد، وهما حضور اللغة العربية ومكانتها داخل الحرم الجامعي، والمكانة المعطاة للثقافة الفلسطينية فيه.
وتنبه الدراسة إلى فقدان أي إشارة إلى أعياد ومناسبات فلسطينية وغياب عناصر الثقافة العربية في الاحتفالات الرسمية وأنشطة نقابة الطلاب.
تغييب الملامح
كما تغيب ملامح الثقافة العربية الفلسطينية في أروقة الحرم الجامعي كالوسائل المرئية المختلفة.
وتؤكد الدراسة التغييب الممنهج للغة العربية في الاستمارات الرسمية مثل مناقصات العمل، واللافتات، والمرافق الرياضية، ومساكن الطلبة ومراكزهم.
وتعتمد الدراسة على وسائل متعددة، منها مقابلات مع طلبة ومحاضرين عرب فلسطينيين ويهود، واستعراض المواقع الإلكترونية، وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة فيسبوك ووسائل الاتصال الجديدة الأخرى، والرصد الميداني للحيز العام في الحرم الجامعي.
وتقول الطالبة تيجان أفندي إنها فوجئت بأن الجامعة العبرية أيضا لم تنج من طوفان العنصرية في (إسرائيل).
أفندي التي تدرس التربية في الجامعة، تقول إن إقصاء كل ما هو عربي يثير الاشمئزاز والشعور بالظلم"، قائلة: "أنا وزميلاتي نرغب في الدراسة بجامعة عربية لممارسة انتمائنا وتحقيق هويتنا الوطنية، فنحن نضطر للتعلم بالعبرية والإنجليزية وإجراء امتحانات في عيدي الفطر والميلاد".
وتكشف الدراسة أن هذه المؤسسات الأكاديمية أيضا تمارس التمييز ضد العرب بخلاف الأهداف المعلنة من قبل مجلس التعليم العالي، لدرجة أن مواقعها الإلكترونية خالية من لغة الضاد مع أنها تعتبر لغة رسمية في (إسرائيل).
ويثقل هذا الواقع على الطلاب العرب الذين يشكلون نحو 11% من مجمل المنتسبين للجامعات الإسرائيلية.
شعور بالاغتراب
وتنبه منظمة "سيكوي" إلى أن شطب ملامح اللغة والثقافة العربية من الجامعات يتسبب في خلق شعور بالاغتراب، ويحول دون تبلور مشاعر انتماء الطلاب العرب لـ(إسرائيل).
وفي حديث للجزيرة نت، قال مدير منظمة "سيكوي" جابر عساقلة إن الاحتياجات المغيبة يقع في مقدمتها الحق بالتعلّم في فضاء أكاديمي لا تكون فيه العربية محاصرة ومحصورة بالحيّز الشخصي كالمكالمات الهاتفية.
ويشير إلى أن الدراسة أوصت بإنشاء الحيّز الذي يشعر فيه الطالب الفلسطيني بأنه شريك شرعي وليس طالباً غريباً في دولته، واحترام المكانة الواضحة للغة الضاد في أرجاء الحرم الجامعي والتدقيق في تطبيقاتها وإبراز الثقافة الفلسطينية بشكل واسع.
ويؤكد أستاذ الحقوق في جامعة (تل أبيب) د. يوسف جبارين أن الدراسة تعكس واقع الجامعات الإسرائيلية من ناحية تغييب الهوية والثقافة العربيتين.
ويضيف للجزيرة نت أن الدراسة تنسحب أيضا على نسبة فلسطينيي الداخل في الحقل الأكاديمي والتي لا تتعدى 2%، وأن نسبتهم بالسلك الإداري تقترب من الصفر.
ويضيف أن هذا الواقع يظل ماثلا للعيان حتى في الجامعات المتواجدة في مدن فيها عشرات الآلاف من فلسطينيي الداخل مثل حيفا التي يشكل العرب 35% من طلابها.
ويفسّر جبارين ذلك بالإشارة إلى أن المؤسسات الأكاديمية في (إسرائيل) ترى نفسها ذات طابع يهودي، مما ينعكس على تهميش العرب وعدم الاعتراف بالوجود الفلسطيني.
ويضيف أن هذا الواقع يعبر عن توجهات عنصرية في (إسرائيل)، تقف أيضا خلف عدم بناء جامعة عربية بخلاف دول أخرى تحترم مختلف المكونات مثل السويد وفنلندا ومقدونيا.
المصدر: الجزيرة نت
[email protected]
أضف تعليق