لا يختلف اثنان في العالم على أن الشاعر اللبناني سعيد عقل، الذي قَصد مكّة، يُعد أحد أبرز الوجوه الشعرية والأدبية في لبنان والعالم العربي. يوم أمس الجمعة غيّب الموت عقل، عن عمر يناهز الـ102 عامًا بعد صراع طويل مع الشيخوخة والمرض والموقف الإشكاليّ، خاصة السياسيّ.
موقف عروبي يتبدل وعدائي للفلسطيني لدرجة شكر الإحتلال..!
يُشار إلى أن عقل بدأ حياته عروبيًا، فانضم إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، وألف العديد من القصائد التي تتغنى بالشام، مما جعل وسائل الإعلام الرسمية السورية تشيد به، غير أنه ما لبث ان بدّل مواقفه بشكل كامل، وانتقل من النقيض إلى النقيض حين تبنى رؤية مضادة للعرب والقومية العربية تؤكد أن لبنان ليس جزءً من الوطن العربي، بل إن تاريخه وتراثه الفينيقي هو الأصل، كما تبنى موقفا معاديا للوجود الفلسطيني بلبنان.
ولم تكن تلك خطيئة عقل الكبرى، فالعداء الذي حمله للقضايا العربية عامة، شمل ايضًا عداءً للقضية الفلسطينية ووجود المقاومة الفلسطينية على الأرض اللبنانية لدرجة تأييده الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، فكتب في إحدى الجرائد يشكر القوات الإسرائيلية على ما فعلته! كما دعا اللبنانيين إلى القتال لجانب قوات إسرائيل مؤكدًا أنه كان سيقاتل إلى جانبها لو ان لديه فصيلاً مسلحًا!
ما بين الشاعر المارد والسياسي الحاقد، عاش سعيد عقل. في موقع "بكرا" تساءلنا، كيف يتعامل شعراء الـ 48 مع الموقف، هل سيتم وداعه بجنازة، ولو صامتة، تليق بشاعر عريق أم أن للموقف السياسي تأثيره الخاص؟!.
مهنا: موقف مخزي غير متجانس مع الحالة الفكرية العربية
الشاعر سامي مهنا، رئيس اتحاد الكتّاب العرب داخل الـ 48 قال معقبًا: اولا اذا فصلنا بين مواقف السياسية الأيدلوجية لسعيد عقل وشاعريته، لن يختلف اثنان حول مكانته كشاعر. وتبقى مكانته وقيمته عالية بين شعراء العرب. اما فيما يتعلق بمواقفه وتحوله من داعم للقومية العربية والقضية السورية إلى النقيض، وبالتالي مناصرة الجيش الإسرائيلي باحتلاله لبنان ومساندته لمجزرة صبرا وشتيلا ودعوته إلى قتل الفلسطينيين، فلم يترك لنا أي مجال بذلك للتعامل مع أدبه وشعره وشاعريته، ولا يمكن وصف ذلك إلا بالموقف المخزي والمعيب.
وأكمل: عقل وأن بقي كبيرًا في شعره، إلى أنه صغيرًا على المستوى الفكري والإنساني، غير المتجانس مع الحالة الثقافية القومية عامةً، ومن الواضح على أنه عاني من حالة إنفصام ما بين الفكر والحالة الشعرية علما أن الشعراء الكبار رؤيتهم واضحة ونقدية ومتجانسة.
دغش: أنسان ساقط
بدوره قال الشاعر سليمان دغش، معلقًا وموفقًا مع مهنا: الشاعر سعيد عقل، كشاعر كبير وكاتب قصائد عروبية كثيرة له قيمته الشعرية، وايضا له قصائد عديدة غنتها الفنانة الكبيرة فيروز. المؤسف انه اساء لنفسه لاحقًا كانسان وعربي بمواقفه السياسية ومساندته للمذابح التي تعرّض لها شعبنا في مخيمات صبرا وشتيلا تحديدًا.
وأضاف: عقل رأى بأطفال فلسطين إرهابيين، ويجب قتلهم، يتوجب علينا القول أنه "اللهم لا شماته"، لكنه لا يستحق الوداع. الشاعر أنسان بمواقفه، أكثر مما في شعره، وإذا كان الإنسان ساقط، فلا حاجة إلى ارثه وشعره وليذهب إلى باريه وهو أدرى ما عليه الفعل به.
كيوان: اذكروا محاسن موتاكم...
الكاتب الصحافي سهيل كيوان، ابن قرية مجد الكروم، أتفق مع ما قاله زملائه، وأضاف: الشاعر سعيد عقل قامة شعرية كبيرة ولا ننكر ذلك، فشاعريته وإسهامه الكبير في عالم الشعر، وخصوصًا الشعر العمودي، ومن اهم قصائده قصيدة "زهرة المدائن للقدس" التي غنتها الفنانة الكبيرة فيروز، ستعلم للأجيال المستقبلية دائمًا.
وأوضح: موقف عقل السياسي كان خاطئا، افقده السيطرة على عقله وفكره، وانا اليوم اذكره كشاعر له قصائده الرائعة ولا اذكره كصاحب موقف سياسي، لانه موقف مخزي داعم للاحتلال على حساب الشعب الفلسطيني .
وأختتم قائلا: على مبدأ "اذكروا حسن موتاكم"، نحن نودّع شاعرًا ماردًا ورجل سياسي فاشل ظالم، اخطأ كثيرًا بمواقفه الاجرامية بحق الفلسطينيين.
[email protected]
أضف تعليق