استقبل البابا فرنسيس في قاعة كليمنتينا بالفاتيكان المشاركين في المؤتمر العالمي السابع لرعوية المهاجرين، ووجه لضيوفه الثلاثمائة خطابا استهله مرحبا بهم وخاصا بالذكر رئيس المجلس البابوي لرعوية المهاجرين والمتنقلين الكاردينال فيليو. ثم أكد أن الوثيقة الختامية لمؤتمرهم السابق، لخمس سنوات خلت، أكدت أن الهجرة هي دعوة لتصوّر مستقبل مختلف يرمي إلى تنمية الجنس البشري برمته. أما اليوم ـ تابع البابا يقول ـ وعلى الرغم من الأوضاع والتطورات الراهنة ما تزال الهجرة تشكل تطلعا إلى الأمل، لاسيما وسط الأشخاص والعائلات في المناطق التي تنعدم فيها فرص العمل. إذ يسعى هؤلاء إلى الهجرة بحثا عن مستقبل أفضل مع أن هذه الجهود لا تتكلل غالبا بالنجاح.
بعدها أكد البابا فرنسيس أن هذا المؤتمر سلط الضوء على ديناميكيات التعاون وتنمية رعوية المهاجرين. وقد قام المؤتمرون بتحليل العوامل المسببة للهجرة، وفي طليعتها انعدام المساواة والفقر والنمو الديمغرافي، والحاجة المتزايدة للعمل في بعض القطاعات، الكوارث الطبيعية، الحروب والاضطهادات والرغبة في البحث عن فرص جديدة خصوصا وسط الأجيال اليافعة.
الاستفادة من عمل المهاجر
ولفت البابا إلى أن البلدان المضيفة غالبا ما تستفيد من عمل المهاجر، كما أن البلدان التي يغادرها المهاجرون يسجل فيها انحسار لمشكلة عدم توفر فرص العمل. كما أنه يتسنى للمهاجرين أن يحققوا مستقبلا أفضل لهم ولعائلاتهم. لكن ثمة مشاكل تترتب على هذه الظاهرة ومن بينها هجرة الأدمغة، والصعوبات التي يواجهها أطفال يترعرعون مع أحد الوالدَين أو بدونهما أحيانا. كما توجد مشاكل على صعيد انخراط المهاجرين في النسيج الاجتماعي والثقافي للبلدان المضيفة.
وفي هذا السياق، قال البابا، يضطلع العاملون الرعويون بدور ثمين إذ يدعون إلى الحوار والضيافة واحترام الشرعية والتوسط بين الأشخاص. ثم شدد البابا على أن الجماعة المسيحية ملتزمة دائما في استضافة المهاجرين ومشاطرتهم هبات الله، لاسيما هبة الإيمان. بيد أن المهاجرين يصابون أحيانا، وللأسف، بخيبة الأمل ويعانون من المشاكل والوحدة والتهميش.
الانسلاخ والاندماج
فالعامل المهاجر يجد نفسه غالبا عالقا بين أمرين: الانسلاخ عن أرضه ومحاولة اندماجه في المجتمع المضيف. وهنا أيضا تسعى الكنيسة إلى وضع برامج ملائمة في هذا الإطار وترفع صوتها دفاعا عن حقوق المهاجرين، وتقدم المساعدة المادية اللازمة لهؤلاء بدون أي تمييز.
هذا ثم شدد البابا على ضرورة تبني نظرة شاملة في التعامل مع المهاجرين تكون قادرة على تقييم الإمكانات عوضا عن النظر فقط إلى المشاكل والعمل على معالجتها. وعاد ليؤكد أن الكنيسة تبذل الجهود اللازمة لتغذية ثقافة الضيافة والتضامن لافتا إلى أن اللاجئين، وبإنسانيتهم، يوسعون آفاق الأخوة البشرية، كما أن حضورهم يشكل في الوقت نفسه دعوة لضرورة استئصال انعدام المساواة والظلم. وبهذه الطريقة ـ ختم البابا يقول ـ يصبح المهاجر شريكا في بناء هوية أغنى للجماعات والأشخاص الذين يستضيفونهم ما يحفّز على تنمية مجتمعات خلاقة، تشمل الجميع وتحترم كرامة الكل.
[email protected]
أضف تعليق