في تاريخ 17/02/2014 انهارت العمارة في حي الشيخ عبد الله بالبلدة القديمة من عكا فوق رؤوس ساكنيها، وكان ذلك بفعل فاعل، والمبنى الذي يحمل رقم 256\11 هو عقار تابع للوقف الصادقي –الشعبي كما هو متعارف عليه في عكا .
القلق ينتاب العائلات سكان المبنى المذكور وعائلات الضحايا، وخصوصا التعتيم على ما يجري من مشاورات مطولة داخل جدران المكاتب، وعدم اعلام اصحاب الشأن او مشاركتهم الرأي ومصارحتهم بما يجري. أسئلة وعلامات استفهام عديدة تحوم حول هذه القضية التي يحاول مراسلنا فك الغازها وايجاد الاجوبة الشافية عليها.
أين يقف موضوع " وقفية الارض "؟ وما هي نتيجة المباحثات والمشاورات ؟ ثم ما هو الحل للعائلات المهجرة والمنكوبة، التي فقدت مساكنها وتسكن في مساكن مؤقتة لا تعرف نهاية مصيرها ومصير مساكنها؟ لماذا لم يباشر لغاية الان بالتخطيط وإعادة اعمار البناية... وهنا لا بد من التوضيح لنقطة في غاية الاهمية ان عقارات الوقف لا تباع ولا تشترى بحسب الشريعة الاسلامية، كما لا يجوز عقد صفقات "بيع حقوق الساكن" لطرف اخر ويمنع منعا باتا تلقي متولي الوقف اموالا من هذه الصفقة؟ لكن دولة اسرائيل "حشرت انفها"، ان جاز التعبير، ايضا في عقارات الاوقاف وأخضعتها ضمن قانون"حماية المستاجر" لتحميه وتضمن له بعض الحقوق تصل الى نسبة 60% من ثمن العقار(البيت).
مراسل "بكرا" نجح في الحصول على عقد بيع "حقوق الساكن" لشقة في العمارة المذكورة من عام 1981 ..ليتبين ان الوقف الصادقي والشعبي لا يمكنه التصرف بأملاكه وهناك من يشاركه بها وهو الساكن المحمي.
العقار تابع لدائرة اراضي اسرائيل
لجنة الاوقاف الاسلامية - الجزار برئاسة سليم نجمي قامت وبعد الكارثة باستئجار خمسة مساكن للعائلات المشردة لمدة سنة على نفقتها، لكن هذه السنة تقترب من نهايتها ولا حلول في الافق ....وفي حديثٍ لمراسلنا معه قال: المستندات الرسمية للمبنى تدل على ان العقار تابع لدائرة اراضي اسرائيل، وكما غالبية عقارات الاوقاف التي استولى عليها المؤتمن من قبل دولة اسرائيل بعد النكبة فقد تم الاستيلاء على عقارات الوقف الصادقي في عكا ومن ضمنها هذه البناية، ولاحقا قام المؤتمن بتحرير بعض الاوقاف بعد قرار المحكمة في الستينات من القرن الماضي لأصحابها، علما ان المؤتمن قام بتحرير بعض الاوقاف وترك بعضها لشركة تطوير عكا ودائرة اراضي اسرائيل، لكن وبعد الكارثة اقترحت على متولي الوقف الصادقي الشيخ محمد زهرة اقتراحا وقلت انها فرصة مواتية لتثبيت هذا الوقف وانتزاعه من دائرة اراضي اسرائيل، وقد قدمت هذه النصيحة لزهرة لعلمي ان دائرة اراضي اسرائيل ستنفض يدها من مسؤولية اعادة بناء العمارة.
وختم نجمي ردا على سؤال مراسلنا هل تعلم علم اليقين ان الوقف الصادقي يمتلك مستندات تثبت ان العقار بملكية الوقف فقال: لم ارى أية مستندات تشير بذلك!!
امور معقدة ومتشابكة وغير مفهومة
اما فخري البشتاوي وهو ناشط عكي ورئيس لجنة عكا بلدي قال:اجتمعنا مع القاضي زياد لهواني قاضي المحكمة الشرعية مؤخرا لبحث هذا الملف ،وأعلمنا القاضي زياد لهواني ان متولي الوقف الشيخ زهرة سيقوم بتزويده بالمستندات والوثائق التي تشير بكل تأكيد ان العقار تابع للوقف الصادقي.
وتابع بشتاوي:هذه المستندات تم تقديمها لكل المؤسسات المعنية في الدولة من اجل تثبيت العقار لصالح الوقف، لكنني شخصيا لم ارى هذه المستندات.
وحول ملكية الوقف تابع بشتاوي: في حينه عندما حاولت دولة اسرائيل "وضع اليد" على املاك الوقف الصادقي في عكا تبين انها لا تستطيع فعل ذلك لأن املاك الوقف كان لها متولي يدعى شفيق نور ولم تنجح الدولة بمصادرة هذه الاملاك.
وختم بشتاوي: قبل انهيار المبنى كانت هناك امور غير واضحة ومعقدة ومتشابكة غير مفهومة لنا ،وفي هذه المرحلة يقوم القاضي لهواني بتجميع كل المستندات والمعطيات وهو متفائل جدا بإعادة الوقف لأصحابه قريبا، وسيعلن القاضي لاحقا من خلال مؤتمر صحفي عن كل حيثيات هذا الملف على الملأ.
أما بخصوص حديث بلدية عكا انه بالامكان تقديم تخطيط جديد لإعادة اعمار المبنى فقال بشتاوي:لا افهم كيف يمكن فعل ذلك في هذه المرحلة علما ان العقار ما زال مجهولا لمن يتبع.
شركتا عميدار وتطوير عكا اقرتا ان الملك غير تابع لهما
أما عضو بلدية عكا المحامية مديحة رمال فقالت:حاولنا التواصل مع عدة جهات لمعرفة من يمتلك هذا العقار، وقد قمنا بالفعل بالتواصل مع شركة تطوير عكا وشركة عميدار من خلال مكاتبات، وبناءً على ذلك أقرت هذه المؤسسات ان العقار لا يتبع لها (واضح في الصور) ما يعني ان العقار يتبع للوقف الصادقي وعلى هذا الوقف تحمل مسؤولياته عن الكارثة وتداعياتها.
وتابعت رمال:هناك بعض الامور التي ما زالت تفاصيلها مجهولة وغير واضحة ونأمل في القريب العاجل ومن خلال القاضي لهواني ان تتضح الصورة كاملة.
بالامكان تقديم التخطيط والبلدية ستساهم
ومن هنا كان لا بد من التوجه لبلدية عكا حيث جاء على لسان نائب رئيسها المحامي ادهم جمل في اكثر من موقع انه حان الوقت للوقف الصادقي وسكان العمارة تقديم تخطيط جديد لاعادة اعمار البناية من جديد..والسؤال الذي طرح على الجمل كيف يمكن تقديم تخطيط دون معرفة من هو صاحب العقار لغاية الان فقال الجمل: موضوع التخطيط يحتاج لوقت كبير، وبما ان هناك مشكلة ما زالت قائمة بين الوقف الصادقي ودائرة اراضي اسرائيل عن ملكية العقار، لذلك هناك امكانية للوقف الصادقي تقديم التخطيط لبلدية عكا ، وقد اقرت بلدية عكا من خلال قرار واضح وتوجيه من رئيس البلدية لقسم الهندسة في البلدية مساعدة الوقف بالتخطيط ، وفي حال تبين ان العقار تابع لدائرة اراضي اسرائيل فسيتحول التخطيط لدائرة اراضي اسرائيل وفي حال تم تثبيت العقار لمصلحة الوقف وكان التخطيط جاهزا فهذا يوفر علينا الوقت للمباشرة باعادة اعمار البناية. اما بالنسبة لتكاليف التخطيط فقد علمنا ان وقف الجزار واخرين جمعوا تبرعات وهذه التبرعات يمكن استغلالها في التخطيط ،ونحن بدورنا سنساهم ايضا في ذلك.
قريبا جدا" سنفضح المستور" من خلال مؤتمر صحفي
وقد أكد متولي الوقف الصادقي والشعبي الشيخ محمد زهرة من خلال مستند سلمه لمراسلنا وفيه يبدو واضحا ان العمارة تعود ملكيتها الى دائرة اراضي اسرائيل،ويقول زهرة:هذا المستند وصلني من خلال المكاتبات مع هذه الدوائر الحكومية قبل انهيار المبنى، حيث تساءلت دائرة اراضي اسرائيل في رسالتها كيف بكم تجبون ايجار من الشقق في هذه العمارة وهي تابعة لنا؟! ،وقد استلمنا رسالة اخرى منها على ان المبنى تابع لها وذلك بتاريخ 13/06/13.
وتابع زهرة: اما المستندات التي بحوزتكم من شركتي نطوير عكا وعميدار فان هذه المستندات وصلت الى عنوانها (المحامية وعضو البلدية مديحة رمال) بعد انهيار المبنى ،وعلى هذا الاساس فقد استنكرت الشركتان "لملكيتهما" للعقار وتنصلوا من مسؤوليتهما عن الكارثة وتداعياتها، لذلك اشاروا في الرسالة ان المبنى غير تابع لهما.
وحول سؤال مراسلنا الى متى ستبقى العائلات مشردة اجاب زهرة: العائلات ليست مشردة ومن الاسبوع الاول للكارثة تم بحول الله استئجار بيوت لهذه العائلات من اهل الخير وعلى رأسها لجنة اوقاف الجزار،ومؤخرا فقد قام النائب الطيبي بتقديم مبلغ مالي لايجار هذه البيوت لسنة اضافية اخرى .
وردا على تسائل مراسلنا عن ان البلدية تستغرب موقف الوقف الصادقي وسكان العمارة وامتناعهم من تقديم تخطيط جديد لاعادة بناء العمارة استهجن زهرة وقال: يبدو ان كثيرا من المسؤولين يتعاملون مع هذا الموضوع من منطلق التسويق الاعلامي، بيد أننا نتعامل مع هذه القضية من خلال مسؤوليتي التامة ومنصبي كمتولي للوقف من قبل المحكمة الشرعية في عكا،وقاضي المحكمة زياد لهواني مطلع على كل الامور من البداية وقريبا جدا سنعقد مع القاضي مؤتمرا صحفيا لكشف كل تداعيات الكارثة العكية.
وردا على سؤال مراسلنا عن عدم مقاضاة الشركة الخليوية التي تسببت بالكارثة ختم زهرة قائلا:اترك الاجابة عن هذا السؤال للمؤتمر الصحفي الذي سننظمه قريبا جدا
نعيش كابوسا
بدوره قال احد السكان المشردين دون ان يفصح عن هويته: بداية لا بد من تقديم الشكر للجنة امناء الوقف الاسلامي برئاسة سليم نجمي الذي هب لنجدتنا ووجد لنا مأوى لمدة سنة كاملة.
وتابع:لقد هجرنا من بيتنا ،بيتنا الذي نشأنا وترعرنا فيه، ففيه حكايات وروايات عكية لا تمحيها الذاكرة بمحو البيت.
وختم: لا شك اننا نمر بمرحلة من اصعب وأقسى مراحل حياتنا، ونأمل ان نعود الى بيتنا في القريب رغم عدم وجود مؤشرات على ذلك.
[email protected]
أضف تعليق