يبعث المشهد على التأمل..يتلاشى ضباب الصباح البارد الذي يخيم على كروم العنب الأرجوانية اللون، عندما تشرق الشمس على مرتفعات الجولان.
وعلى بعد حقول قريبة، تدور حرب أهلية، ويطغى صوت صفارات الإنذار على الكروم الهادئة.
هنا في هذه البقعة في الجولان، يوجد عالمين يختلفان إلى حد كبير، تماماً مثل الماء والنبيذ.
وتبدأ مخمرة بيلتيري في شمال إسرائيل، والتي تساوي أرباحها ملايين الدولارات، بحصاد الفاكهة في صباح كل يوم، بينما تتبادل قوات الحكومة السورية والمعارضة إطلاق النار.
وكانت إسرائيل قد احتلت هذه الهضبة الاستراتيجية في سوريا في حرب العام 1967، إذ حولت المنطقة التي تتميز بمناخ جاف، وعلو شاهق، وشمس مشرقة، إلى أرض مخصصة لزراعة العنب، وإنتاج نبيذ.
100 الف زجاجة نبيذ
وتنتج مخمرة بيلتير، في هذه البقعة أكثر من مائة ألف زجاجة نبيذ سنوياً، حيث يحصد اليهود والعرب من القرى المجاورة عناقيد العنب.
وتم استبدال التكنولوجيا القديمة القائمة على عصر العنب، بالتكنولوجيا الحديثة القائمة على نقل العنب بواسطة حزام متحرك إلى مكان التبريد من أجل عصره.
وقال الشريك في "بلتيري" تل بلتير إنه يتذوق النبيذ من كل برميل لتتبع التقدم والتطور في النكهة، مضيفاً أن الفاكهة يتم معالجتها ووضعها في براميل البلوط العملاقة، والتي يطلق عليها صفة "أكياس الشاي باهظة الثمن."
ولكن، إنتاج النبيذ في هذه المنطقة، لم يبق تماماً بلا المس به، من خلال إراقة الدماء عبر التلال. وفي إحدى المرات، أصابت غارة جوية المخمرة، وملأت الشظايا الجدران، وتضررت خزانات النبيذ، ما أدى إلى رمي عشرات الآلاف من زجاجات من النبيذ على الأرض.
وقال بيلتير إن حالة العنف "قلبت أسلوب الحياة الهادئ جداً، رأسا على عقب."
وفي ظل تلك الأوضاع، ما زال السياح يتوجهون إلى الحقول الخلابة لتذوق النبيذ مباشرة من مصدره.
وقالت راشيل سبيجيلمان إنها من عشاق النبيذ، وهذا ما أبقاها سعيدة بزواجها من رجل يحب النبيذ أيضاَ، لفترة 32 عاما."
وتقطع صفارات الإنذار بشكل مفاجئ الجو الرومانسي لإحتساء النبيذ، حيث يهرع العمال والسياح للإختباء، ما يفضح حقيقة سوريالية الحياة في مرتفعات الجولان.
[email protected]
أضف تعليق