لم تكن الشابة ميساء نصار من مدينة رام الله تتوقع، أنه بإمكانها بكل سهولة تحقيق حلمها الذي طالما سعت للوصول إليه بافتتاح مركز تأهيل متكامل للعلاج الطبيعي والوظيفي.
وتقول ميساء: إن المؤسسة الفلسطينية للإقراض والتنمية "فاتن"، مكّنتها من تحقيق حلمها عبر توفير المبلغ المالي الذي بحثت عنه للبدء بمشروعها الصغير، بعد أن تخرجت بدرجة دبلوم تخصص ( علاج نطق واضطرابات تواصل) وقد حصلت على الدرجة الأولى في امتحان الشامل على مستوى كليات العلوم المجتمعية والتطبيقية بفلسطين للعام 2007، وعملت في هذا المجال حتى العام 2010 حيث بدأت بوضع أولى لبنات مشروعها.
وتضيف: "أنا حالياً في المرحلة النهائية للحصول على بكالوريوس تخصص "خدمة اجتماعية" من جامعة القدس المفتوحة، خلال مرحلة الدراسة في كلية المرأة، كنت أقوم بمعالجة حالات تأتي للكلية وبواقع 13 حالة يوميا وبإشراف مباشر من رئيسة القسم في الكلية".
وتتابع: "عملت لسنة كاملة 2007-2008 في "جمعية النهضة لتأهيل النطق"، حيث كنت أقوم بمعالجة 14 حالة يوميا، وخلال الفترة من عام 2008 إلى بداية عام 2010 عملت لدى "جمعية الياسمين للإعاقة العقلية"، وقد شكّل العمل في هذا المجال لدي تحدياً كبيراً في معالجة حالات الإعاقة العقلية وتأهيلها لغوياً من ناحية النطق، حيث كنت أشرف على علاج 10-13 حالة يومياً".
وتوضح ميساء: "بداية عام 2010 إلى نهايته، استلمت إدارة مدرسة YOU CAN لصعوبات التعلم والحركة الزائدة والتوحد، حيث كنت أتمتع بمقدرة عالية على الجمع بين الإدارة الناجحة والخبرة العملية بالحالات التي ترد للمدرسة، وهو ما أوصلني إلى هذا المشروع وإلى هذا النجاح".
كيف تطور المشروع ورأى النور
وحول فكرة المشروع تقول ميساء، إن الفكرة جاءت من عملها داخل عدد من المراكز العاملة في هذا المجال، وكانت تسعى لعمل مركز لتقديم الخدمة لأبناء شعبها، وكان يراودها حلم منذ البداية أن يكون لديها مركز يعمل وفق طريقتها وأسلوبها البعيد عن الربح المادي فقط.
وتضيف قائلة: " توجهت لمؤسسة فاتن لأنه لم يكن لدي مبلغ مالي كبير لبناء مركز متخصص في علاج النطق والعلاج الوظيفي والعلاج الطبيعي، فتوجهت إلى مؤسسة فاتن للحصول على قرض، وقد وجدتها من أفضل مؤسسات الإقراض في الوطن، لذا قررت الحصول على قرض منها، حيث وفرت لي التمويل بشكل سريع خلال أربعة أيام فقط، وللتسهيل لم يحددوا موعد القسط بل يتم الدفع خلال ايام الشهر، فاطمأنيت لتعاملهم وهم كانوا واضحين في التعامل معي".
وعن البدء بالمشروع وتطوره تقول ميساء إنها سعت لإثبات قدرة الفئة الشابة على النهوض بذاتها واتخاذ القرارات المناسبة لها وخاصة فيما يتعلق بالمجال التأهيلي".
وتضيف: بدأت بالبحث عن موقع مناسب يكون قدر المستطاع من السهل الوصول إليه، ومكان مهيأ للتعامل مع الفئة المستهدفة (ذوي الاحتياجات الخاصة)، وبالفعل فقد تم العثور على المكان المناسب في مدينة رام الله ، مشيرة إلى أنه تم البدء بتهيئة المكان كمركز تأهيلي يتضمن كافة احتياجات الفئة المستهدفة من أجهزة علاجية ومعدات وأدوات تأهيلية ومعدات مكتبية، وأثناء هذه التجهيزات ونتيجة التكاليف الباهظة لهذه الأدوات التي فاقت الميزانية المخصصة للمشروع، فقد بدأت بالبحث عن جهة تمويل مكملة، وتم البحث عن مؤسسة إقراض شبابية بإجراءات سريعة وطريقة سداد ميسرة، وتوافقا مع شروط البحث عن مؤسسة تمويل كانت مؤسسة فاتن هي من وقع عليها الاختيار لسهولة إجراءاتها ولتوافق أهداف المركز مع طبيعة الأهداف التي بنيت عليها مؤسسة "فاتن".
في 15.10.2010 أصبح مركز ميكسد كير Mixed Care للعلاج الطبيعي والتأهيل والذي يُعنى بتقديم خدمات تأهيلية متكاملة تشمل (العلاج الطبيعي, والعلاج الوظيفي, وعلاج النطق واللغة والسمعيات) جاهزا لاستقبال الفئات المستهدفة.
وتقول ميساء: "يسعى مركزنا إلى تقديم خدمات تأهيلية على مستوى فلسطين، وقد توسعت في الآونة الأخيرة مساحة آلية العمل بحيث تم الشروع في حملة توعية مجتمعية تستهدف كافة القرى المحيطة بمدينة رام الله، حيث خرج فريق عمل المركز في تقييمات كشفية سريعة للفئة العمرية التي تتراوح بين ثلاث وسبع سنوات من خلال التوجه إلى جميع رياض الأطفال وغالبية المدارس الابتدائية في كل منطقة وقرية وإقامة ندوة أو ورشة عمل لذوي هؤلاء الأطفال تحت عدة عناوين كان من أبرزها ( مراحل التطور الطبيعية للطفل، والتدخل المبكر للعلاج، ودمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع)".
وتشير ميساء إلى قيام المركز منذ بداية تأسيسه وحتى نهاية عام 2012 بمعالجة وتأهيل أكثر من 200 حالة من ذوي الاحتياجات الخاصة من الأطفال.
الأثر الاجتماعي للمشروع
خلال السنوات الثلاث التي مضت على تأسيس مركز "مكسد كير"، تمكن المركز بطاقمه وإدارته من ترك أثر واضح وملموس على الصعيد المجتمعي وبما يخص الفئة المستهدفة وهي فئة ( ذوو الاحتياجات الخاصة)، ويقوم مركز مكسد كير وبشكل دائم و دوري بتخريج أطفال ودمجهم مجتمعيا سواء في المحيط الأسري والعائلي أو في المدرسة أو مرحلة رياض الأطفال ولا تتوقف العملية عند هذا الحد، ولكنها تستمر بمتابعة كل منهم في مكان تواجده والعمل بجد على إيصاله إلى أقرب ما يكون إلى الحد الطبيعي من الدمج المجتمعي والتأقلم في مكانه.
وخلال الفترة الماضية، ترك مركز "مكسد كير" بصمة واضحة في مجموعة حالات قام بتأهيلها مثل حالات الشفة الأرنبية وسقف الحلق المشقوق، إضافة إلى السعي الدائم للمساعدة في تأهيل الأطفال زارعي القوقعة ومحاولة مساعدة ذويهم في آليات إجراء هذه الزراعة باستخدام كافة علاقات المركز المتاحة.
كما تم ترك أثر كبير على الأداء المتميز من قبل الطاقم في ضبط الحركة الزائدة والتشتت لأطفال المدارس من خلال اتفاقيات تم إبرامها مع المدارس بناء على سمعة أسسها المركز كانت متميزة في هذا المجال .
كما قام المركز بإعداد دورات تدريبية لذوي الاحتياجات الخاصة ومساعدتهم على الاستعداد والجاهزية للقيام بالإجراءات والتدريبات اللازمة لأبنائهم.
وعن طموحها المستقبلي، تقول ميساء: "بدأت العمل في المركز أنا وزميلة أخرى فقط ، أما حاليا فيعمل 11 موظفا داخل المركز وخارجه، وأنا أسعى لخلق مدرسة تشغيل مهني لذوي الاحتياجات الخاصة بعد سن 13 عاما في العام 2015م، وقد توجهت لمؤسسة فاتن بمشروعي الجديد وقمت بشراء قطعة أرض لهذا المشروع، وأنصح الجميع بالتوجه لمؤسسة فاتن من أجل الحصول على قرض في حال توفر مشروع لهم".
[email protected]
أضف تعليق