تسلم القاصد الرسولي في القدس جوزيبيه لازاروتو رسالة موجهة للحبر الاعظم البابا فرنسيس الاول موقعة من 52 شخصية فلسطينية تضم علماء ورجال دين وسياسة وشخصيات اعتبارية وجمعيات ومؤسسات مجتمعية ومدنية ونقابات تتعلق بالاوضاع الفلسطينية.
و طالبت الرسالة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي هو الأخير في العالم من أجل خلاصنا من هذا الظلم التاريخي الفظيع، واقامة الدولة الفلسطينية وان تكون القدس عاصمة ابدية لها وضمان حرية العبادة ووصول المسيحيين والمسلمين إلى أماكن عبادتهم دون قيود وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين السياسيين وتغيير ظروف اعتقالهم ونقلهم من السجون الموجودة في داخل إسرائيل إلى المناطق المحتلة وتطبيق قوانين جنيف لأسرى الحرب عليهم. والعمل على ضمان حق عودة اللاجئين والتعويض عليهم بموجب القرارات الدولية وبخاصة القرار (194) ووقف الاعتداءات على أماكن العبادة المسيحية والإسلامية ومحاولة تهويدها ووقف نبش المقابر ومصادرتها وتحويلها إلى مرافق عامة أو فنادق.
ومن بين الموقعين على الرسالة البطريرك ميشيل صباح والمطران عطاالله حنا وخالد القواسمي ورجل الاعمال منيب المصري وزهيرة كمال والدكتور جاد اسحق والدكتور رفيق ابو عياش والدكتور بيتر قمري وحنا السنيورة وجريس خوري ومهدي عبد الهادي ووليد سالم وجورج واليكس عوض والدكتور عبد الرحمن عباد وفؤاد جقمان ودار الافتاء في بيت لحم.
وفيما يلي نص الرسالة:
قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس الأول جزيل الوقار
بوساطة نيافة المطران جوزيف لاتزاروتّو القاصد الرسولي في القدس
الموضوع: القدس...
نحن أبناء الشعب الفلسطيني مسيحيين ومسلمين نرحب بمقدمكم الكريم إلى الأرض المقدسة، ونتمنى لكم حجاً مبروراً، ونبارك لكم هذه الخطوة الميمونة التي نرجو أن تكون نتيجتها خلاص شعبنا من الاحتلال الاسرائيلي الجاثم عليه منذ العام 1967.
قداسة الحبر الأعظم،
اننا نعيش تحت الاحتلال الإسرائيلي في سجن كبير، محرومين من حقوقنا الإنسانية التي كفلتها كل شرائع السماء، فنحن ممنوعون من البناء على أرضنا، ومن التحرك إلى أماكن أعمالنا بحرية، ومن التعليم والسفر، كما أن لقمة عيشنا مستهدفة وكذلك مصادر رزقنا، فقد اغلقت سلطات الاحتلال جميع المؤسسات الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني في القدس وكذلك المؤسسات الخيرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتقوم بحملات مداهمة يومية ليلية ضد السكان المدنيين الآمنين في بيوتهم وفرض أنظمة منع التجول، وتطلق النار على كل متحرك، حيث سقط المئات من الضحايا الأبرياء نتيجة هذه السياسة القمعية وما زالوا يسقطون.
ان الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967 يعمل على تهويد المدينة وطمس معالمها التاريخية والعربية، المسيحية والاسلامية، وذلك من خلال مضايقات يومية لسكانها الفلسطينيين، مسيحيين ومسلمين، ومصادرة ارضنا وبناء عشرات المستوطنات عليها وشق الشوارع واجراء الحفريات فيها التي تعرض الاماكن المقدسة لخطر الانهيار، وبخاصة تلك التي في منطقة الحرم الشريف وتحت المسجد الاقصى.
والخطر الاكبر الذي تواجهه المدينة المقدسة هو تفريغها من سكانها العرب نتيجة للمضايقات اليومية عليهم ومنعهم من تحسين ظروف عيشهم. وما يؤلمنا كفلسطينيين هو خطر تفريغ المدينة من سكانها المسيحيين الذين تزداد هجرتهم يوما بعد يوم بسبب الممارسات الاسرائيلية حتى اصبح عددهم اليوم في المدينة المقدسة لا يتجاوز الثمانية الاف فلسطيني مسيحي وهو ثلث عدد المسيحيين المقدسيين في عام 1945. لذا نتوجه الى قداستكم ان تعملوا وتطالبوا المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي بوضع حد لتهويد القدس والمحافظة على طابعها الاصيل، واحترام حقوق اصحابها الفلسطينيين ومنحهم حرية العيش بكرامة.
قداسة الحبر الجليل،
إن غالبية سكان المناطق الفلسطينية المحتلة من اللاجئين الفلسطينيين الذين طردتهم القوات الإسرائيلية من بيوتهم عام 1948 وهناك قرار الجمعية العامة للامم المتحدة الذي يحمل الرقم (194) الذي يقضي بعودتهم والتعويض عليهم وينتظر موقفاً مؤيداً منكم لهذا القرار الشرعي حيث تضرب اسرائيل به عرض الحائط.
كما تقوم سلطات الاحتلال بالاستيلاء على مياهنا الفلسطينية وتأخذ منها 80% وتبيعنا إياها بأربعة أضعاف الثمن الذي تقدمه للمستوطنين، الذين يسكنون على أراضينا المحتلة ويستثمرونها ويمنعوننا من البناء والتمدد الطبيعي، وقد صارت هذه المستوطنات بؤراً ارهابية يمارس سكانها قطع اشجارنا وبخاصة أشجار الزيتون حيث يقومون يومياً بقطع مئات الأشجار المعمرة، حتى زاد عدد أشجار الزيتون التي اقتلعت وحدها عن مليون شجرة، حتى يحرموا اصحابها من الحصول على لقمة العيش ويجبروهم على الرحيل. كما ويقومون بحرق حقول المزارعين وحرمانهم من محاصيلها التي تعتبر المصدر الرئيس لمعيشتهم، هذا اضافة الى ملاحقة الرعاة وسرقة مواشيهم ومنعهم من رعايتها في ارضهم الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، وغير ذلك من هذه الممارسات القمعية والهمجية بأساليب ارهابية ووحشية.
قداسة الحبر الأعظم،
ان مسألة الحريات الأساسية كالوصول إلى الأماكن الدينية مثل كنيسة القيامة والمسجد الأقصى المبارك مكفولة عند جميع الأمم الحرة باستثناء بلادنا المقدسة، فنحن المسيحيون ممنوعون من الوصول إلى كنيستنا الأم في القدس، وكذلك المسلمون لا يسمح لهم بالصلاة في مسجدهم الأقصى، وتحدد سلطات الاحتلال سن الذين يدخلون للصلاة من 40 او 50 سنة الأمر الذي يتطلب موقفاً حازماً من هذه القضية.
وتعتقل إسرائيل آلاف السجناء داخل زنازين وسجون لا تصلح للاستخدام الآدمي وتصدر عليهم أحكاماً لم يعرفها تاريخ المحاكم من قبل، حيث يحكم على المئات بعشرات المؤبدات ومئات السنوات، هذا بالإضافة إلى احتجاز مئات الجثامين وعدم تسليمها إلى ذويهم. وقد بلغ عدد السجناء الذين ادخلوا منذ العام 1967 أكثر من مليون وخمسين ألف سجين، وهناك 360 طفلاً قد جرى اعتقالهم خلال العام 2013 وحده ما زالوا يقبعون في ظلمات السجون، حيث التفتيش العاري والإهانات والتعذيب الشديد الذي تسبب في موت (204) سجناء حتى الآن.
قداسة الحبر الأعظم،
لقد شهدت هذه الأرض المقدسة ولادة أمير السلام للعالم، السيد المسيح، كما شهدت إسراء الرسول محمد ومعراجه من القدس الشريف إلى السماوات، وقد عاش هذا الشعب الفلسطيني وما زال بأروع علاقات على وجه الأرض منذ الحضور العربي الإسلامي لهذه الأرض عام 638 بموجب العهدة العمرية التي وقعها خليفة المسلمين عمر بن الخطاب مع بطريرك القدس صفرونيوس.
وإننا نتوقع من خلال زيارتكم أن تعملوا كعهدنا بكم على الانتصار لمبادئ العدالة وحقوق الإنسان والمتمثلة في:
- العمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي هو الأخير في العالم من أجل خلاصنا من هذا الظلم التاريخي الفظيع، واقامة الدولة الفلسطينية وان تكون القدس عاصمة ابدية لها.
- ضمان حرية العبادة ووصول المسيحيين والمسلمين إلى أماكن عبادتهم دون قيود.
- إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين السياسيين وتغيير ظروف اعتقالهم ونقلهم من السجون الموجودة في داخل إسرائيل إلى المناطق المحتلة وتطبيق قوانين جنيف لأسرى الحرب عليهم.
- العمل على ضمان حق عودة اللاجئين والتعويض عليهم بموجب القرارات الدولية وبخاصة القرار (194).
- وقف الاعتداءات على أماكن العبادة المسيحية والإسلامية ومحاولة تهويدها ووقف نبش المقابر ومصادرتها وتحويلها إلى مرافق عامة أو فنادق.
إن الموقعين على هذه الرسالة من العلماء ورجال الدين والسياسة والشخصيات الاعتبارية والجمعيات والمؤسسات المجتمعية والمدنية والنقابات واثقون من ان قداستكم ستستمرون بالوقوف إلى جانب العدالة ومبادئ حقوق الإنسان التي تؤمن بها كنيستكم، سائلين العلي القدير أن تقوم كنيستكم الكاثوليكية والكنيسة الجامعة اضافة الى الصلاة من اجل العدل والسلام ان تقوموا مع جميع المؤمنين بمطالبة الحكام وممثلي الشعوب بالضغط على رؤساء حكوماتهم ودولهم للعمل الجاد على انهاء الاحتلال الاسرائيلي وتحقيق العدل حتى تنعم ارضنا المقدسة بالسلام والعيش بكرامة. إنكم تظلون في نظرنا رمزاً لتحقيق الأمن والسلام القائمين على العدل والإنصاف، وبخاصة للشعوب المظلومة مثل الشعب الفلسطيني، الذي يشرف بحضوركم وإننا لنأمل من هذه الزيارة أن تكون سبباً في تدحرج صخرة الاحتلال الباطلة عن جلجلات هذه الأرض المقدسة لينهض الحق من بين القبور.
[email protected]
أضف تعليق