بجمال بنائها وعلو أسوارها وشموخ مئذنتها غدت "قلعة القدس" حصنًا منيعًا ومعلمًا أثريًا ، ذات طابع جمالي رائع تُجسد تاريخ القدس في حقب مختلفة، الاسلامية والعربية منها، فهي تقع في موقع استراتيجي هام بالجهة الشمالية الغربية للبلدة القديمة، ملاصقة لسور القدس القديم، يُحيطها من جميع الجهات خندق كبير يشكل حماية لها.
وتمتلك القلعة مكانة عظيمة في تاريخ المدينة والدفاع عنها وإدارتها، وتشكل أبراجها الضخمة القوة الضاربة الرئيسة في حمايتها، وتعتبر بشكلها الحالي مملوكية بامتياز- وأن سبقها لمسات أيوبية- مع إضافات عثمانية فريدة ومميزة.
وعند درجات مدخلها وقف الجنرال ألِنبي عام 1917 يُعلن سقوط القدس وفلسطين بيد الاحتلال البريطاني ،وقد سقطت القلعة بيد الاحتلال الاسرائيلي عام 1967م، حيث بدأ بعمليات حفريات واسعة جرى خلالها تدمير جزء منها، وعدد كبير من الآثار الإسلامية العريقة فيها، وفي عام 1980م حولها إلى متحف تهويدي باسم " قلعة داوود" – متحف أورشليم القدس- ، يحكي قصة الهيكل المزعوم، ويعرض الرواية التلمودية الباطلة.
ويعرض المتحف- الذي زرناه عدة مرات- بقايا صخور مُدعاة من فترة الهيكل، وصور ومعروضات ومجسمات ولوحات وأنظمة صوتية متقدمة تتحدث عن تاريخ عبري موهوم، خاصة فيما يُروى من تفاصيل تلمودية عن الهيكل الأول والثاني المزعومين.
ويسعى الاحتلال إلى إخفاء حقيقة إسلامية القلعة وتاريخها عبر تقديم تاريخ المدينة من وجهة نظر أيديولوجية "صهيونية" وبأحدث الوسائل الإلكترونية، وإجراء عملية غسيل مخ دائم ، ينفي الحضارة الإسلامية العريقة، او يهمّشها الى أبعد الحدود، وفي الوقت نفسه يضع بصمات وابتكارات يدعي من خلالها وجود تاريخ عبري موهوم.
موجودات أثرية:
وتوضح "مؤسسة الأقصى للوقف والتراث": بأن الاحتلال الاسرائيلي حول القلعة ومسجدها إلى صالة عرض تعرض فيها موجودات أثرية يدعي أنها من فترة الهيكل الأول والثاني المزعومين، ومن الفترة البيزنطية.
وتضيف أن الاحتلال بدأ في السنوات الأخيرة بوضع صخور كبيرة في القلعة، وهناك صالة عرض إلكترونية يتم فيها عرض فيلم يحكي قصة "أورشليم اليهودية"، ويتحدث عن الهيكل الأول والثاني المزعومين.
وحوّل الاحتلال مبنى "القشلة" بالقلعة إلى مقر ومركز للشرطة الإسرائيلية والمخابرات، لاعتقال المقدسيين والتحقيق معهم خلال أحداث المسجد الأقصى المبارك والقدس، وقد جرى تسليم جزء من المبنى لإدارة "متحف القدس" الإسرائيلية، وتجري في المبنى حفريات عميقة وصلت لـ20 مترًا، وكذلك عمليات تدمير لطبقات كبيرة من الآثار الإسلامية بهدف تحويله إلى مركز ثقافي يهودي تابع إلى موقع ما يسمى بـ"متحف قلعة داوود.
وتشير المؤسسة إلى أن القلعة نُصبت فيها الكراسي، ويجري تنظيم حفلات موسيقية ليلية صاخبة، وتستخدم في موسم ما يُسمى بمهرجان نور القدس، وذلك كجزء من محطات هذا المهرجان التهويدي، وبيّنت المؤسسة أن الاحتلال يريد تهويد القلعة، كونها موقع استراتيجي هام، وتُعطي رمزية كبيرة للموقع، فهو يريد ادعاء تاريخ عبري موهوم، مما يخالف حقائق التاريخ، معتبرةً إجراءات الاحتلال بشأن القلعة تشكل انتهاكًا صارخًا لهذا الوقف الإسلامي، ولحرمة المسجد ومنبره.
ويحاول الاحتلال عبر المتحف وضع بصمات يدعي من خلالها وجود تاريخ عبري، وينسب الموقع لما يسمى "بالفترة العبرية للقدس"، حيث استجلب حجارة ووضعها بالقلعة، ويحاول أن يربط كل موقع بالمدينة بأسطورة الهيكل.
وتقول "مؤسسة الأقصى" إن الاحتلال يجري عمليات غسيل دماغ خطيرة للذين يزورون القلعة من يهود وسياح أجانب، وكأن الموقع عبري يهودي، فهو يريد تمرير الرواية التلمودية حول القدس والأقصى، في حين لا يذكر بالقلعة التاريخ العربي الإسلامي اليابوسي الكنعاني إلا في الهوامش فقط، وهذا شيء خطير.
ولفتت المؤسسة إلى أن الاحتلال يخصص ميزانيات هائلة لدعوة العرب والمسلمين لزيارة المتحف في محاولة لتجهيل وتزييف التاريخ، والتأثير على العقل والوعي الفلسطيني، وكذلك إلغاء الهوية الفلسطينية،وبهذا الشأن، نوهت المؤسسة إلى أنه يتم تشغيل مرشدين عرب في الموقع لتحقيق هذا الهدف، ولكنها أكدت أن الشعب الفلسطيني، وخاصة المقدسيين يمتلكون وعيًا أكبر ويعرفون حقيقة تاريخهم.
[email protected]
أضف تعليق