دير السيدة العذراء ينبوع الحياة في الاردن، ذاك المكان الذي يأسر كل زائر يبحث عن راحة لروحه وتنقية فكره وليشعر بحضور الخالق، في مكان قرر الكثير من أبناء وبنات هذا الوطن نذر حياتهم إلى الرب، تركوا صخب الحياة واختاروا النسك والصلوات والصوم والجهد والأعمال الانسانية، ينعمون بالأمن والسلام ويطلبونه لنا ليكونوا لنا كملاك حارس يصلون بأن يحفظ الله الوطن والناس جميعاً.
مدينة دبين احتضنت في منطقتها الحرجية، على بعد 3 كم من منتزه دبين، أول دير أرثوذكسي أردني على أرض مساحتها عشرون دونماً لتكون واحة سلام بحكم أنها تتصف بالهدوء والصفاء كعناصر اساسية للحياة الرهبانية.
رئيس دير السيدة العذراء «ينبوع الحياة» ومن قام ببناء هذا الدير الأرشمندريت خريستوفوروس عطالله «إنه بعد مرور أكثر من ستمائة سنة على غياب الحياة الرهبانية في الأردن؛ رغم أنها كانت تعم بالأديرة الأرثوذكسية والمناسك الرهبانية شاءت العناية الالهية بتأسيس أول دير أرثوذكسي في الأردن».
وأضاف إن «قرار بناء هذا الدير جاء في عهد مثلث الرحمات البطريرك ذيوذوروس حيث وضع حجر الأساس لكنسية الدير بتاريخ 15-4-1999. وتابع أنه تم افتتاحه رسمياً في شهر أيار عام 2005 من قبل صاحب الغبطة البطريرك ايرينيوس، وقام مطران الأردن الحالي وهو فنيدكتوس بتلبيس ثلاث راهبات مبتدئات معلنين بذلك ابتداء الحياة الرهبانية في الدير وفي الأردن تحت إشرافي» حسب الاب خريستوفوروس.
مستدركاً أنه تم اختيار اسم دير السيدة العذراء (ينبوع الحياة) شارحاً سبب التسمية أنه يعود إلى ينبوع الماء المحيي والشافي لكافة الأمراض الذي كان في القسطنطينية. متابعاً أنه تكريماً لمريم العذراء تم وضع نسخة عن أيقونة الجسمانية أي صورة العذراء الأورشليمية الموجودة في القدس والتي لم ترسم بيد لتكون بركة للدير وللكنيسة ولكافة المؤمنين من أبناء وطننا والبلاد العربية وكل زوار الدير للتبرك والدعاء.
تذوق الحياة الرهبانية
تم بناء كنسية الدير الرئيسية على مساحة 230 متراً مربعاً وتجهيزها بالأثاث المرحلة الثانية «مبنى الراهبات» بمساحة 3100 متر مربع حيث بناء طابقين للمبنى والتسوية بالكامل، بما فيهم من 24 قلاية للراهبات والصالة الرئيسية للطعام مع مرافقها قاعة للمؤتمرات، مكتبة للدير ومشاغل للعمل اليدوي (الشمع والبخور والتطريز الكنسي ورسم الايقونات وغيرها).
ويضم الدير «طابقاً هو بمثابة مضيفة للدير؛ يشمل 8 قاعات للضيوف ومطبخاً وصالة طعام، وقاعة لاستقبال المؤمنين الذين يرغبون في الاشتراك في الخدم الالهية اليومية وممارسة الرياضة الروحية وتذوق الحياة الرهبانية».
وحول إقبال الفتيات والشباب للكنيسة الأرثوذكسية في الأردن لنذر حياتهم إلى الرب بالرهبنية يقول الأب خريستوفوروس «نعم هناك الكثير، لكن لدينا مشكلة حقيقية بأن البطريرك الحالي يرفض رهبنة الرهبان والراهبات العرب مما يدفع بهم إلى هجرتهم إلى دول عربية وأجنبية لتحقيق ذلك، ما يعني ترك وطنهم الأردن، رغم أن الملك عبدالله الثاني أكد على تثبيت المسيحيين في وطنهم والمنطقة العربية. وجلالته أول من أطلق رسالة عمان ونهجه المعتدل والتسامح والتعايش المعروف عن جلالته، وينادي بتثبيت المسيحيين العرب في المنطقة العربية والأردن والحد من هجرتهم والمحافظة على هويتهم الوطنية والعروبية».
ويؤكد أن وجود فكر الرهبنة عند فئة الشباب والفتيات هو فكر روحي وحضاري يعمل على تثبيتهم في اراضيهم. لافتاً إلى أن ما يحدث الآن هو حالة عدم الاعتراف الرسمي بالدير وموقف البطريرك يزيد من هجرتهم إلى الخارج وهذا ما حدث خلال الفترة الماضية الى دول العالم المختلفة.
وفيما يتعلق بعدم إتمام المرحلة الرابعة في الدير المتعلق ببناء مدرسة إكليريكية يعزو الأب خريستوفوروس ما يمنع إقامة هذا الصرح العلمي هو غبطة البطريرك الحالي ثيوفيلوس تم الطلب منه منذ زمن لكنه يرفض الفكرة أو إعطاؤنا جواباً بالقبول أو الرفض وترك الأمر معلقاً. ويؤكد أن هذه المدرسة سيكون لها دور مهم في تثقيف جيل ينتمي للكنيسة من أجل خدمة الكنسية والمجتمع الأردني وتزويده بكهنة روحانيين مثقفين يحبون الخدمة والعمل من اجل نهضة الكنيسة ورفعتها؛ وفق ما يقول الاب خريستوفوروس. ويعتقد الأب خريستوفوروس أن وجود مثل هذه المدارس الوطنية الدينية تخدم المجتمع في خلق جيل جديد.
إن هذه المدرسة الدينية العظيمة تساهم بغرس قيم المواطنة والتسامح والعطاء والانتماء لأجيال مسؤولية واعية تدرك معني الايمان وخدمة الوطن بعيداً عن التطرف او التعصب.
وكما يلفت أن الدير يستقبل الكثير من أبناء الوطن وخارجه وكل زوار الأردن أيام الأسبوع الخميس والجمعة والسبت والأحد من الساعة العاشرة بأوقات صباحية من العاشرة إلى 12 والنصف، ومن الساعة 4 إلى السابعة مساء.
ويذكر أن هناك احتفالات دينية رئيسية في الدير وهي عيد الدير في 25 نيسان الشهر الحالي ويحضره الآلاف، أي يقام في أول يوم جمعة بعد الفصح المجيد، وكذلك خدمة عيد الشعانين في كل عام وكذلك في يوم الجمعة العظيم.
[email protected]
أضف تعليق