أحدث فيلم “نوح” ضجة كبيرة بين الأوساط الدينية حول العالم، إذ تلقى الفيلم انتقادات حادة بين رجال الدين المسيحيين بقولهم إن صناع الفيلم سمحوا لأنفسهم بأخذ “منعطف فني” بالقصة المذكورة بالإنجيل، في الوقت الذي منعت فيه عدد من الدول الإسلامية عرض الفيلم، لمعارضة الإسلام فكرة تجسيد الأنبياء.

كما ستطلق شركة سوني فيلم “Heaven is For Real” أي “الجنة موجودة بالفعل” والمستوحى من الكتاب الأكثر مبيعاً من تأليف القسيس تي دي جيكس، الذي يعمل في مجال الإعلام أيضاً.

كما يتوقع أن يصدر فيلم “Exodus” في ديسمبر/كانون أول القادم من إخراج رايدلي سكوت وكريستيان بيل بدور الرسول موسى، كما سيصدر فيلم “Mary, Mother of Christ” أي “مريم، أم المسيح” كجزء متمم للفيلم الذي أخرجه ميل غيبسون بعنوان “Passion of the Christ” أو ما يعرف باسم “آلام المسيح”.

كما يعمل ستيفن سبيلبرغ على إخراج فيلم آخر عن الرسول موسى، هذا بالإضافة إلى فيلم “God is Not Dead”، أي “الرب ليس ميتاً” والذي صدر الأسبوع الماضي محققاً مبيعات بلغت 8.5 مليون دولار.

ولكن السؤال يبقى .. لماذا تصر هوليود على إخراج الأفلام الدينية؟

إن العامل الأكبر في هذا يعود إلى النمو الديناميكي في سوق شباك التذاكر العالمي، وفقاً لما أشار إليه روب مور، نائب رئيس شركة باراماونت، التي تعد أحد القوى الإنتاجية في صنع فيلم “Noah” أو “نوح”.

وهنالك سبب آخر يدفع هوليود لصنع الأفلام الدينية وذلك بسبب كثرة الأفلام المتمحورة حول أبطال القصص المصورة، إذ أن الكتب السماوية تأتي بحبكة وأبطال معروفين للمليارات حول العالم، كما أن أبطال القصص السماوية وأشرارها معروفون في كل قارة تقريباً، وتحوي حبكات أخلاقية بالإضافة إلى المؤثرات الخاصة التي تصلح لتوظيفها في صنع أي فيلم عالمي، مثل لعنة الجراد والفيضانات الملحمية والحمير الناطقة.

أجل هنالك جمهور جاهز يحب هذه الكتب السماوية، ولكن هل يمكنه تحمل خروج الفيلم عن سياق القصة المذكورة فيها؟ فيلم “نوح” بالذات هذه القضية على الأرجح، وهي التي أثارت الجدل بين الأوساط الدينية.

يقول جيكس إن “المراحل الأولى التي بدأت فيها الأفلام الدينية بالظهور تمثلت بالتضحية بجودة الفيلم مقابل وصول الرسالة إلى الجمهور”، وأضاف “لكنه من الخطير أن تفرق بين التبشير وبين الاستمتاع، إذ لا يمكنك أن توصل رسالتك وأن تتواصل مع جمهورك إن لم توفر لهم محتوى جيد.”

أما مخرج الفيلم دارين أرونفسكي يبدو وكأنه خارج من ساحة للمعركة، بدا عليه التعب والإرهاق برأسه الحليق ليقول: “لقد حاولنا بجد ألا نتعارض بالفيلم مع أي مما ذكر بالإنجيل”، مضيفاً بأن “ما كان ينقص بالخلاف حول الفيلم هو مدى شغفي الشخصي بصنعه .. لقد فكرت بعمل هذا الفيلم على مدى 30 عاماً.”

وقد عمل أرونفسكي مع كاتبه المساعد إيري هاندل على مدى عشر سنوات في دراسة سفر التكوين وكتاب “مدراش تنحوما” الذي يدمج ما بين المسيحية واليهودية، بالإضافة إلى دراسة القصص التي رواها القساوسة حول العالم لتفسير القصص المنقولة عن الكتب السماوية عن الرسول نوح، كما اطلعا على مخطوطات البحر الميت وغيرها من الكتابات المقدسة الأخرى.

وأشار أرونفسكي إلى أن عدداً من رجال الدين أرسلوا تغريدات على تويتر انتقدوا فيها فيلمه دون مشاهدته بالأصل.

لكن أحد رجال الدين، جيري جونسون، المسؤول عن الشبكة الوطنية للقنوات الدينية قال إنه الإنجيل يصف نوح بالرجل “العادل” لكن الشخصية التي يظهرها الفيلم أكثر تعليقاً، وأضاف بقوله: “أنا أتفهم حاجة الكتاب إلى وجود عقدة وحل في حبكة القصة، لكن إن شاهدت الفيلم دون قراءة سفر التكوين فإنك لن تستطيع أن تميز فيما لو كان نوح مؤمناً بالفعل أم لا.”

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]