غزا تجار السلاح في اليمن مؤخراً الشبكة الإلكترونية عبر الصفحات الخاصة بهم على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، التي باتت بمثابة متاجر لبيع الأسلحة، بعدما كانت تُباع في الأسواق بصورة علنية، وتلقى ازدهاراً ورواجاً كبيرين.
ويهدف باعة السلاح من وراء هذه الخطوة -التي حظيت بإعجاب البعض وانتقدها آخرون- إلى استغلال شبكات التواصل الاجتماعي للترويج للأسلحة بمختلف أنواعها الخفيفة والمتوسطة عبر عرض قطع مختلفة منها وأسعارها بغرض البيع.
قبول ورفض
ويري أحد تجار السلاح- فضل خلال حديث للجزيرة نت عدم ذكر اسمه- أن هذه الخطوة ليست ذات أهمية من حيث ميزان الربح والخسارة باعتبارها تجارة 'افتراضية' وغير واقعية.
على أن أحد المشرفين على صفحة خاصة تحمل عنوان "أسعار السلاح في اليمن"، ويتجاوز عدد المعجبين بها أكثر من ثلاثين ألف متصفح، يرى خلاف ذلك، فهي في نظره وسيلة مهمة وفكرة ناجحة.
وقال -في حديث للجزيرة نت- إن الصفحة لقيت نجاحاً وتفاعلاً كبيرين، وإن العديد من طلبات شراء السلاح التي تقدم بها المشتركون عبر الصفحة ركزت في معظمها على أنواع معينة كسلاح "كلاشينكوف" الروسي.
وأضاف "نحن لا نقوم بعملية البيع عبر هذه الصفحة، وإنما نمارس دور الوسيط بين الأطراف التي ترغب في شراء السلاح وبين أصحاب محلات بيع هذه الأنواع من الأسلحة التي نقوم بعرضها على صفحات فيسبوك".
ويعزو ناشطون يمنيون بروز هذه الظاهرة على مواقع التواصل الاجتماعي إلى ارتفاع نسبة المستخدمين اليمنيين لهذه المواقع بشكل كبير خلال السنتين الماضيتين، لا سيما عقب الاحتجاجات الشعبية التي قادها الشباب في 2011، للإطاحة بالرئيس السابق علي عبد الله صالح.
عامل إغراء
ويرى الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي مراد السعيدي أن الإقبال الجماهيري على هذه المواقع -التي أصبحت تستوعب جميع فئات المجتمع- يمثل عامل إغراء للترويج للسلاح طمعاً في تحقيق أرباح إضافية نتيجة المزادات التي يقومون بها.
وانتقد السعيدي -في حديث للجزيرة نت- استغلال شبكات التواصل الاجتماعي للترويج للأسلحة من قبل البعض، واصفاً هذه الظاهرة بأنها فكرة سلبية وأداة هدم وعنف يتوجب على الجميع رفضها.
وقال إن مثل هذه المواقع أصبحت مؤثرة في حياة الفرد بشكل كبير، واستخدامها في الترويج للسلاح والمتاجرة به "أمر خطير" يشجع على انتشار السلاح بشكل أوسع في المرحلة القادمة، ويفاقم من المشكلة التي أضرت باليمن كثيراً.
حزام تحدث عن عوامل داخلية وخارجية ساعدت على انتشار السلاح (الجزيرة)
ويشكل انتشار السلاح في اليمن معضلة كبيرة للسلم والأمن العام في البلاد، إذ بسبب وفرته تنتشر الجريمة من قطع للطرق وتخريب المنشآت العامة، فضلا عن تكريس عادات الثأر والاغتيالات والإرهاب والصراعات المسلحة.
غياب القانون
وبالرغم من أن السلطات اليمنية كثفت مؤخراً من حملتها الأمنية لجمع الأسلحة غير المرخصة من المواطنين في أنحاء البلاد، في إطار مبادرة الحوار الوطني، فإن الظاهرة لا تزال تشكل أبرز التحديات التي تواجهها الحكومة الانتقالية في اليمن.
واعتبر نائب مدير عام التوجيه المعنوي والعلاقات بوزارة الداخلية اليمنية ورئيس تحرير صحيفة الحارس الأمنية العقيد محمد حزام أن الظروف الراهنة التي تمر بها اليمن، وما رافقها من صراع سياسي، ضاعف من أثر هذه التحديات في ظل تدفق الأسلحة المهربة عبر المنافذ البحرية.
وقال -في حديث للجزيرة نت- إن قوى وجماعات محلية تحاول فرض نفسها بالقوة من خلال الأسلحة التي بحوزتها، وإن دولاً وأطرافاً خارجية لا تزال تتدخل في الشأن المحلى من خلال دعم هذه الجماعات بالسلاح والمال بهدف تقويض الاستقرار الأمني في البلاد.
وأكد أن استمرار الجدل بشأن مشروع قانون تنظيم حمل وحيازة الأسلحة الذي تقدمت به الحكومة اليمنية إلى البرلمان، وتدخل قوى نافذة لمنع إقراره، يعد من أبرز التحديات التي تواجه عمل الأجهزة الأمنية للحد من ظاهرة السلاح في ظل غياب القانون.
[email protected]
أضف تعليق