عكا تاريخ وحضارة، داخل اسوارها هنالك مئات الحارات والأزقة، بتسميات عديدة ومتعددة. موقع "بكرا" ومن خلال المربي والكاتب نظير شمالي يعرض اهم حارات وساحات عكا، ويخوض في تعريفها وتسمياتها، حيث غدت هذه التسميات تراثا عكيا خصبا في ذاكرة ابائنا وأجدادنا، وحق علينا معرفة هذا الجانب من تراثنا وإلقاء بعض الاضواء عليه قبل ان يضيع ويطويه النسيان الى غير رجعة..

التسميات، الدوافع والجذور

تكون الحاجة ملحة لايجاد السبل المختلفة التي تؤمن للسائل دقة اكبر في تحديد المواقع المختلفة المراد تحديها، اما اختيار الاسماء فقد تعددت فيه دوافع الناس ومشاربهم، فمن جهة شرقية او شمالية او جنوبية او غربية ضمت هذه الحارة، ومن تيمن بشخصية من الشخصيات، ومن ملامح ومميزات صبغت هذا الموقع او ذاك، ومن دوافع اخرى لا حصر لها. أما جذور هذه التسميات على السنة العكيين ومن تعامل معهم، فقد نمت جذورها في عهد الحكم العثماني على بلادنا، مثل "حارة المجادلة"؛ "حارة الرمل"؛ "حارة ذراع الواوي"؛ "حارة الشيخ غانم"؛ "حارة الرشادية" ومن هذه الحارات قد حملت اسمها ايام الانتداب البريطاني على فلسطين مثل "حارة الشعار"؛ "حارة الخمامير" وغيرها..

الساحات

*ساحة الكراكون: تقع في الجهة الشمالية- الشرقية من مسجد "ظاهر العمر"،ولها مدخل شمالي الى "حارة اليهود"، ومدخل شمالي – شرقي الى السوق العمومي، ومدخل ثالث شرقي يؤدي الى"خان الافرنج" ،ومدخل رابع جنوبي يمر امام مدخل"جامع ظاهر العمر، مع تفرع شرقي يؤدي الى"ساحة الجرينة" .وقد جاءت تسمية ساحة الكراكون من كلمة كراكون وهي تركية وتعني مركز الشرطة، فقد كان المقهى المعروف اليوم مركزا للشرطة، وما زلنا حتى يومنا هذا نلحظ القضبان الحديدية الغليظة المتشابكة التي تغطي النوافذ، وورد ذكر ساحة الكراكون في دليل التجارة والصناعة والحرف والمهن العربية في فلسطين وشرقي الاردن

*ساحة اللومان: وهي في نهاية الطرف الغربي لشارع صلاح الدين الايوبي ويقع"السوق الابيض"، في جهتها الشمالية وفي جهتها الجنوبية يقع "خان الشاه وردة"(الشاوردة)، وتعرف اليوم "بساحة فارحي" على اسم حاييم فارحي اليهودي الدمشقي الأصل الذي تولى شؤون المالية في عهد احمد باشا الجزار وكذلك في اثناء ولاية خليفته سليمان باشا، ثم قتل خنقا في عهد ولاية عبد الله باشا،وقد جاءت تسمية الحارة"اللومان" وهي كلمة تركية تعني السجن، وفي هذه الساحة يقع السجن ومدخله اسفل الدرجات المؤدية الى جامع البرج وسينما البرج(سينما البستان)،وقد سمي قبل ذلك"القشلة" وتعني مكان نزول العسكرية البريطانية وهي كلمة ايطالية، وقيل انها مأخوذه من لفظة"قشلاق" التركية وتعني"مشتى" .

*ساحة عبود: تقع في الجهة الشرقية من "قصر عبود" وفي جهتها الشرقية تقع"كنيسة سانت جورج " للاورثوذكس، وفي جهتها الجنوبية يقع "قصر حبيب حوا" المطل بأعمدته الرخامية والذي سقطت زخارف أسقفه الجميلة ولم يبق الا سقفا واحدا مزخرفا قد عبث به السوس وأنهكته مياه الامطار، اما بلاطه الارضي فقد سرق ونهب،ساحة عبود لها مدخل في الجهة الجنوبية – الشرقية يؤدي الى"حارة الشعار" ومن ثم الى " حارة النمرود"،ومدخل في زاويتها الغربية – الجنوبية يتجه غربا ويؤدي إلى حارة الفاخورة"، ومدخل منخفض في جهتها الغربية يتجه بضع خطوات غربا ثم ينعطف شمالا ويسمى"حارة المعاليق"،اما المدخل الشمالي والمغطى بساباط طويل جدا فيؤدي الى"حارة الشيخ عبد الله" ومدخل في جهتها الشرقية الشمالية ويؤدي الى "حارة المبلطة". وسميت الحارة بساحة عبود على اسم احد الاثرياء من وجهاء عكا وهو الياس عبود،وقد ورد اسم حارة عبود في دليل التجارة والصناعة والحرف في فلسطين.

الأزقة

*زقاق دار فضة:هو زقاق ضيق يقع ضمن"حارة القلعة"، ويتجه غربا ثم لا يلبث ان يتفرع الى فرعين الاول جنوبي والآخر شمالي، وله مدخل واحد من السوق العمومي مقابل مدخل"حارة الدبسة" ويقع من الجهة الشرقية من" دير اللاتين" . وجاءت تسمية الزاروب بهذا الاسم لأن عائلة فضة التي سكنت عكا حتى عام 1948 قد امتلكت فيه العديد من بيوته،بالإضافة الى المقهى الذي امتلكوه ويدعى" قهوة فضة"،وتظهر من السوق العمومي الواجهة الغربية لإحدى دورهم العالية ذات الطبقتين والواقعة فوق المقهى بالأعمدة الرخامية "والقمريات" ذات الزخارف الجميلة

*زاروب الراهبات: يقع ضمن "حارة الشيخ عبد الله" باتجاه الشرق والغرب حيث يؤدي مدخله الغربي الى "حارة الفاخورة"،مارا بدير الراهبات،اما مدخله الشرقي فيبدأ من "دار ابو الهدى" التي يقع في اسفلها سبيل ماء يحضنه الركن الشمالي – الغربي من "خان الشونة"،ويعود تسمية الزاروب نسبة لدير راهبات الناصرة الموجود فيه.

الحارات

*حارة الرشادية: هي عبارة عن حي كبير يقع خارج الاسوار،وقد صممت شوارعها واسعة ومستقيمة،وقد ابتدئ البناء فيها منذ عام 1908 في منطقة تدعى"طوب الطي" حيث منعت السلطات العثمانية البناء فيها لأنها كانت تقع في مرمى المدافع حتى لا يتخذها الاعداء ملجأ لهم،ولكي لا تتعرض لدمار القصف المدفعي،ويقع جامع اللبابيدي في جهتها الجنوبية – الغربية وكذلك مركز الشرطة،اما "شارع الرشادية"(بن عامي اليوم) فهو يقطعها شرقا وغربا،وجاءت تسميتها بعد اعلان الدستور العثماني عام 1908 حيث سمح للأهالي البناء خارج السور،فبدأوا ينشئون مساكن اصبحت فيما بعد ضاحية جميلة سميت"عكا الجديدة"،وقد اطلقوا على هذه الضاحية الكبيرة اسم" الرشادية" تيمنا بالسلطان العثماني محمد رشاد الخامس

*حارة الشيخ غانم: تقع في الجهة الجنوبية من المدينة،وفيها "مقام الشيخ غانم" وخارجه مقبرة صغيرة،كما يقع"الميناء البيزاني"في سورها الجنوبي،ومن الجهة الشمالية في طرفها الغربي يوجد "قصر حوا" ويستخدم اليوم بيتا للشبية،وسميت الحارة بهذا الاسم لان مقام الشيخ غانم يتوسطها،اما تسميتها" بحارة الشخوص" وهي تسمية لا يعرفها سوى كبار السن فهي تسمية قديمة قيل انه قتل فيها بعد الشخوص من المجاهدين،وهناك غموض في معرفة من هؤلاء الذين استشهدوا عند فتح عكا،بعض الروايات تشير الى الاشرف خليل الذي فتح عكا عام 1291 واستردادها من الصليبيين،ورواية اخرى تقول تلك المعركة على يد ابراهيم باشا في زمن والي عكا عبد الله باشا عام 1831

*حارة الكنايس: تتوزع على عدة حارات وتضم منطقة بعض الكنائس مثل"كنيسة سانت جورج" للاورثوذوكس والكنيسة "المارونية" وكنيسة" راهبات الناصرة"للكاثوليك،ويقال ان تسميتها جاءت على لسان قلة من النصارى فقط،اما حارة الكنايس في حيفا فهي حارة مشهورة بسبب وجود عدد من الكنائس في الحارة

*حارة اليهود: لها مخرجان،الاول شرقي ويؤدي الى "حارة المبلطة"(العبيد) بعد ان ينتهي بساباط طويل،والثاني في طرفها الشرقي ويؤدي الى "حارة الشيخ عبد الله"،وساحة الكراكون والسوق العمومي،وقد سكنها بعض اليهود ايام الانتداب البريطاني على فلسطين وبعده،وكانوا مستأجرين وغير ملاكين سوى عائلة"محرز"

*حارة الفاخورة: تمتد طولا في الجهة الغربية من عكا،ويتوسطها"برج الحديد" في سورها الغربي "وبرج الكشاشف"،وفي طرفها الجنوبي"برج السنجق"و "الفنار"،وفي طرفها الجنوبي – الشرقي يقع "قصر البوتاجي" كما يقع في جهتها الشرقية:قصر عبد السلام الأسود" و "قصر عبود"،وجاءت تسميتها بهذا الاسم لأن في طرفها الجنوبي – الشرقي"فاخورة" لصنع الأواني الفخارية

*حارة الرمل: تقع في الجهة الشمالية – الغربية من "جامع الرمل"،ولها مدخل قبالة"قهوة الدلالين"،وطرفها الغربي يلاصق"حارة الجديدة" اما مدخل "السوق العتم" الجنوبي فيحدها شمالا،كما ان السوق التركي يفصل بينها وبين"جامع الانوار"(الجزار) في جهتها الشمالية.وقيل انها سميت بذلك لبنائها فوق منطقة رملية كرمال شاطئ البحر

حارة ذراع الواوي: تقع في الجهة الجنوبية والغربية من "جامع الرمل"،ولها مدخل واحد ضيق من السوق العمومي تطل عليه النافذتان الجنوبيتان لجامع الرمل، وهذا المدخل دون مخرج،اما "حارة الدبسة" فتحدها من الجهة الجنوبية الغربية لحارة ذراع الواوي،وقد سميت بذلك نسبة الى "عبد الله ذراع الواوي" الذي كان مواليا لعلي بن ظاهر العمر،فبعد موت محمد بن ابي الذهب على ابواب عكا عام 1775 سعى عبد الله ذراع الواوي لاستخلاص مدينة عكا من ايدي "احمد اغا الدنكزلي" واعتصم كل فريق نت الفريقين بناحية داخل الاسوار وجعل يطلق نيرانه على الاخر. اما بعض العكيين الذين غابت عنهم هذه الاحداث من التاريخ العكي فقد نشط خيالهم للكشف عن سبب التسمية ولم يتركوها دون جواب، فقالوا انها سميت بذلك لضيقها والتوائها كذراع الواوي،وقيا ايضا ان واوي دخل الحارة فضربه اهل الحي وكسروا ذراعه

حارة المعاليق:هي عبارة عن زقاق طويل ضيق على جانبيه بيوت تتألف من طبقتين،وكثيرا ما نجد مستوى الزقاق اعلى من مستوى مداخل بعض البيوت فيها،وهذا ما يتضح بصورة واضحة اذا ما سرنا في مواجهة بيوتها المطلة على"شارع الفاخورة". لها مدخل من"ساحة عبود" بمحاذاة"قصر عبود" الذي يحدها جنوبا،وفي المقابل لها مدخل اخر يؤدي الى "حارة الفاخورة" وشرقا الى "حارة المجادلة" وتحدها شمالا "سراي عبد الله باشا".اما تسميتها فقد كانت فيها حوانيت للقصابين منهم: ابو علي المعالقجي،والحاج مصطفى الحاج عبده وفيها فرن لشي"المعاليق"،وهو مقفل منذ عشرات السنين،وكنت تسمع من يقول"بدك معاليق؟ روح على حارة المعاليق

حارة القلعة:تحاذي السور الشرقي البحري،كما ان قلعة السلطان وخان الشواردة يحداها شمالا وشرقا والميناء جنوبا ودير اللاتين وخان الافرنج ومدرسة التيراسنطة. لها اربعة مداخل: الاول محاذ للبوابة الشرقية لدير اللاتين ويؤدي الى السوق العمومي،والثاني شمالي يمكر عبر زقاق ضيق يغطيه اكثر من ساباط ثم ينتهي الى ساحة يحدها خان الشوارده شمالا ودار عبد الفتاح السعدي شرقا ثم يؤدي الى السوق العمومي مقابل مدخل حارة ذراع الواوي. ومدخل شرقي- شمالي يؤدي الى خان الشوارده وشارع صلاح الدين.اما المدخل الرابع فهو يقع في جهتها الجنوبية ويؤدي الى جامع الميناء.وسميت بهذا الاسم لأنها محاذية للسور الشرقي وملاصقة لبرج السلطان في الشمال الشرقي منها،وهناك بعض البيوت فيها ملاصقة للسور الشرقي المحاذي لمدخل الميناء،فتبدو قلعة حصينة يطوقها السور الشرقي وبرج السلطان وخان الشوارده،وتطل بفوهات مدافعها من خلال منافذ في السور حيث يطلق اهل هذه الحارة اسم" البناجر" على سورها الشرقي

حارة المجادلة: يحدها الحمام الشعبي والزاوية الشاذلية اليشرطية من جهتها الشرقية،ومن جهتها الغربية والجنوبية حارة المعاليق وسراي عبد الله باشا،ومن جهتها الشمالية والشرقية يقع فيها جامع المجادلة كما يقع قصر عودة الخمار في جهتها الجنوبية. وسميت بذلك لان بعض سكان مجدل عسقلان قد سكنوها،وقد ذكر اسمها في وقفية والي عكا سليمان باشا العادل لعبد الله باشا،تلك الوقفية المحررة في الحادي عشر من محرم سنة ثمانية وعشرين ومائتين والف(1228 هجري) 1813 ميلادي. وقد بيعت هذه الاوقاف عام 1973 .وقيل ايضا ان اهلها اكثروا من الجدل ولعل هذا سبب اخر لتسميتها بحارة المجادلة

حارة الخمامير: يقع مدخل "خان الشونة" في جهتها الغربية – الجنوبية وخان العمدان في جهتها الشرقية والحمام الشعبي في جهتها الشمالية – الغربية.وقد اطلق عليها البعض اسم ساحة الخمامير،اما ايام الحكم الصليبي فقد اطلق عليها اسم"حارة بيزا"،اما تسميتها فيقال ان بعض النصارى في عهد الانتداب البريطاني افتتحوا فيها عدة خمارات،ومنهم حبيب الشاغوري والياس عوض،لذا فقد ترددت بعض العكيات المرور امام هذه الخمارات

حارة البصة: تقع ضمن دائرة صغيرة المساحة تحيك بنادي"الكويكرز"(الاميريكان ،الفنار)،ولها ثلاثة مداخل،مدخل غربي ذو انحدار مغطى بساباط،ومدخل جنوبي يؤدي الى حارة الشيخ غانم ومدخل ثالث شرقي – شمالي يؤدي الى عيادة الراهبات ويفرع في الركن الشمالي – الغربي من خان الشونة الى حارة الخمامير والى حارة الشيخ عبد الله وحارة الشعار وحارة النمرود

حارة المبلطة(العبيد): لها مدخل من جهتها الشمالية ابتداء من الركن الجنوبي الشرقي من الزاوية الشاذلية اليشرطية،تلك الزاوية المحاذية لحمام الباشا ولها مدخل اخر من الجهة الغربية واخر من الجهة الجنوبية يؤدي الى ساحة عبود وحارة الشيخ عبد الله،ويقطعها زقاق الحمص باتجاه غربي – شرقي تقريبا،كما يقع جامع الزيتونة في جهتها الشرقية والشمالية،اما في طرفها الشرقي فتقع دار العكي التي هدمت في الستينات من القرن الماضي وصارت اثرا بعد عين. وقيل انها اول حارة عكية فرشت بالبلاط الجولسي(قرية جولس)،اما تسميتها المتأخرة "بحارة العبيد" فقد جاءت بعد ان نزح اليها بعض اللاجئين ذوي البشرة السوداء بعد نكبة 1948

حارة الشيخ عبد الله:وهي من اكبر الحارات العكية ان لم تكن اكبرها مساحة،ويقع فيها جامع ظاهر العمر والحمام الشعبي وخان الشونة وساحة الكراكون وخان العمدان وزاروب دار فضة حتى تصل الى ساحة عبود.وقد سميت بذلك نسبة الى المفتي الشيخ عبد الله الجزار(لا قرابة مع احمد باشا الجزار)،وولد في عكا عام 1885 ،واتبع الطريقة الشاذلية اليشرطية منذ شبابه عن الشيخ علي نور الدين اليشرطي الذي ارسله الى الازهر الشريف للدراسة،وقد عين خطيبا في جامع الجزار ومدرسا في المدرسة الاحمدية في عكا ثم رئيسا لها وقاضيا شرعيا في محكمة عكا،ثم مفتيا للمدينة والجبل والساحل في شمال فلسطين،ووافته المنية عام 1939. وما زالت للشيخ عبد الله حتى ايامنا هذه دار فخمة في الحارة ذاتها،وهي عبارة عن قصر شاهق متميز البناء ذي سقف خشبي مغطى بالقرميد الاحمر،وكل نافذة فيه ذات اطار حجري يضم العديد من الزنابق الحجرية الكبيرة،وهذا القصر ما زال يعرف حتى اليوم بدار المفتي،وهو يلاصق الجدار الجنوبي من جامع ظاهر العمر ،وهو يعاني من الاهمال المزري وقد سقط سقفه ذو الزخارف الجميلة

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]