توصلت دراسة بحثية إلى أن ثورات الربيع العربي وانهيار النظام العراقي أدى إلى إعادة صياغة المعادلة في الشرق الأوسط، وتوجيه معادلة التوازن على خلاف ما كانت قبل عام 2011م، وصعود للدور الإيراني والتركي والإسرائيلي.
جاءت تلك الدراسة خلال مناقشة رسالة ماجستير في العلوم السياسية اليوم، للباحث أحمد سليم زعرب بعنوان، "التغيرات السياسية الإقليمية وانعكاساتها على توازن القوى في الشرق الأوسط 2003-2012" في برنامج الدراسات العليا لجامعة الأزهر بغزة، والتي بموجبها منحت له درجة الماجستير من قبل لجنة المناقشة والحكم والتي تضم كل من الأستاذ الدكتور رياض العيلة مشرفاً ورئيساً، والدكتورة عبير ثابت مشرفاً والدكتور كمال الأسطل مناقشاً داخلياً، والدكتور صلاح أبو ختلة مناقشاً خارجياً.
وهدف الباحث في دراسته إلى التعرف على التغيرات السياسية الإقليمية وانعكاسها على توازن القوى في الشرق الأوسط خلال الأعوام 2003-2012م، مشيراً إلى التغيرات السياسية الإقليمية والمتمثلة في انهيار النظام العراقي وثورات الربيع العربي وانعكاساتها على واقع توازن القوى في الشرق الأوسط من عام 2003 وحتى عام 2012م.
واستخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي والنظرية الواقعية في التفسير والتحليل للسلوك الخارجي للدول على أساس أن عامل القوة هو الأساس الذي يحكم ويوجه السياسة الخارجية، والذي تستند إليه النظرية الواقعية في بنيتها النظرية.
وتناول الباحث في دراسته مفهوم توازن القوى والنظام الدولي والشرق الأوسط والأطماع الدولية في الشرق الأوسط واطلع على التغيرات الإقليمية المتمثلة في انهيار النظام العراقي وثورات الربيع العربي بحيثياتها ومكوناتها ونتائجها وواقع تلك التغيرات على التوازن الإقليمي في الشرق الأوسط، لإثبات فرضيات الدراسة والإجابة على تساؤلاتها.
وتوصل الباحث في دراسته إلى أن التغيرات السياسية في الشرق الأوسط أثرت على توازن القوى وساهمت في إعادة رسم خارطة توازن القوى في الشرق الأوسط. لافتاً إلى أن الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار نظامه السياسي عام 2003 انعكس سلباً على واقع توازن القوى في الشرق الأوسط وخلق حالة من الضعف الإستراتيجي في هيكل النظام العربي لصالح دول إقليمية، لما كان يمثله العراق من قوة إقليمية منافسة.
وأوضح الباحث أن اندلاع ثورات الربيع العربي وسقوط العديد من الأنظمة العربية أعاد رسم خارطة توازن القوى في الشرق الأوسط. مشيراً إلى أن التغيرات السياسية الإقليمية المتمثلة في الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار نظامه السياسي والثورات العربية أدت إلى صعود قوى قومية إقليمية تحمل توجهات أو مشاريع توسعية دينية، متمثلة بتركيا وإيران بمشروعيهما القومي الديني وإسرائيل بمشروعها الديني العنصري، فيما يغيب المشروع العربي عن الساحة وتلعب القوى الإقليمية على ضرورة تغييبه واستمرار التلاعب به.
وخلصت الدراسة إلى أن التغيرات السياسية الإقليمية أوجدت حالة من التنافس ما بين القوى الفاعلة إقليمياً، بحيث يمكن وصفها حرب باردة إقليمية، مع انعدام المركزية في شبكة العلاقات الإقليمية بسبب التفاوت في القدرات الذي من شأنه أن يتيح قدراً متبايناً في التأثير في سلوك الآخرين، والتي ستعتمد على القدرات المالية والعسكرية والخبرات المتقدمة والتأثير السياسي، مما يشير إلى انعدام وجود أي دولة مركزية إقليمية في المنظور القريب.
وأوصى الباحث في دراسته بضرورة الانتباه إلى أن النظام الإقليمي على مشارف نظام لم تتحدد معالمه في الوقت الراهن، بفعل تأثير موجات ثورات الربيع العربي. داعياً النظام الإقليمي العربي في ظل هذه الموجات وما تلتها من موجة إصلاحات، لاستغلال الفرصة في إعادة بناء وتشكيل النظام الإقليمي العربي وفقاً للمصالح العربية، وتوظيف كافة مصادر الطاقة والإمكانيات العربية المتاحة في تحقيق ذلك، إضافة إلى استغلال حاجة الغرب للمصادر العربية في دفعهم إلى القبول والاعتراف بالنظام الإقليمي العربي كنظام سياسي إقليمي موحد على غرار الاتحاد الأوروبي والتعامل معه ككتلة واحدة لا ككتل أو كدول مستقلة عن بعضها.
ودعا إلى العمل على احتواء كافة الحركات والفصائل الإقليمية المختلفة التي تستغلها القوى الإقليمية غير العربية لتنفيذ إستراتيجيتها على المستوى الإقليمي للحد من نفوذها وتأثيرها.
وفي ذات السياق، أوصى الباحث بضرورة عمل دراسات تتعلق بتأثير الحركات السياسية الإقليمية كحزب الله وحركتي حماس والجهاد الإسلامي والشيعة والحوثيين في التوازن الإقليمي، والأمن الإقليمي في ظل احتوائها من قبل دول إقليمية غير عربية لتنفيذ إستراتيجيتها الإقليمية وتحقيق مصالحها.
وأثنت لجنة المناقشة والحكم على الرسالة وجهود الباحث. وحضر المناقشة لفيف من الطلبة والمهتمين وزملاء الباحث.
[email protected]
أضف تعليق