سؤال:

أنا أم لطفل وحيد يبلغ من العمر سنتان ونصف. لعبه عنيف وعنيد. الحاضنات يشتكون من ضربه للأولاد في الفترة الأخيرة. 

أنا بحاجة للمساعدة كيف أجعله يستمع إليّ دون الصراخ أو التعنيف مع العلم بأنني كنت أعمل في التربية الخاصة وقد توقفت بعد الانجاب. أنا وزوجي أحيانا نلجأ للضرب الخفيف مثل على اليد أو الرجل بعد أن ننبّه أكثر من مرة. هو لا يستمع لتنبهاتنا الا اذا صرخنا عليه. هو قليل النوم وكثير الحركة. يبقى يقظا ١٢ ساعة متواصلة بدون تعب. 

يرفض تغيير حفاظاته ويركل بقدمه.أصفع له رجله علخفيف لأنه لا يتوقف مهما نبهت وحاولت ترغيبه. أحاول أن أغني له وأشجعه بكلمات مثل، (مين البطل الي بدو يغير، أو لازم نغير عشان نلعب). أحيانا ألجأ للآيفون أثناء الغيار وفي معظم الأحيان لا يستجيب.

عندما أطعمه يلعب بالأكل ويلقي بالطعام مع أنني لا أجبره أبدا.أنبهه كثيرا ولا مستجيب حتى يقع الصحن أو الحليب على الأرض فأصفعه على يده أو أعقابه. يذهب مرة بالأسبوع للسباحة من جيل 8 أشهر. آخذه لأماكن مخصصة للأطفال في المجمعات التجارية كما وأشركه بكل أعمال المنزل وأستشيره بكل شيء فهو يختار لباسه ولا أفرض عليه شيئا. أحيانا لا يوجد وقت للمشاورات فألجأ للصراخ والتهديد. 

جواب:

طفلك طبيعي وتلك هي مميزات مرحلته العمرية. كثرة حركة ونشاط دائم لأنه بحاجة للتطور والاستكشاف. هو يحتاج لتدريب لاكتساب عادات سلوكية إيجابية.

ماذا يكتسب طفلك عند ضربه أو الصراخ عليه؟

الطفل يحتاج لنموذج عاطفي يقلده بتصرفاته، لغته، عاداته وقيمه. هو كما الاسفنج يمتص كل شاردة وواردة تتحرك من حوله. أنت وأبوه نموذجه. معالجتك كل صعوبة تواجهك معه هي بالضرب والتخويف. إكتسب طفلك أسلوب العنف لأن نموذجه العاطفي الذي يعيش معه يتعامل معه بتلك الأساليب. 

الضرب - لا يوجد ضرب خفيف وثقيل- مهين ووسيلة تقليد طالما تستعينان به. طفلك جاهز لاقتباس أسلوب تعاملك لمواجهة صعوباته- كما تتعاملان معه -. 

ماذا عن الوعظ وتكرار التنبيه في جيل الطفولة؟

أسلوب المحاضرة، الوعظ، التوبيخ، النقد السلبي، رؤية غير المستحب من سلوكه... جميعها وسائل تربوية باردة تستفز انفعالاته السلبية ولا تناسب مرحلة جيل طفلك. مثل هذا الأسلوب لا يثير رغبته للاستجابة بل على العكس يثير غريزته للاستفزاز. تكرار الوعظ، والتركيز على غير المستحب بسلوكه يضر بثقته بنفسه ويزيده توترا ولا يعلمه السلوك المستحب. تكرار التوجيه والوعظ بجيله الصغير لا يؤثر به لأنه منطق مجرد وغير مربوط بالمحسوس المثير للرغبة الطفولية.

هل تلاحظين بأنك لم تذكري أي سلوك مستحب لطفلك؟

إعتاد طفلك الساماع لشكواك الدائم من سلوكه. لم يعتد سماع أية عبارة تمتدح سلوكه المستحب. أنت لا تلاحظين ذلك ولكن طفلك يشعر بذلك ويعرف بأنه غير مقدر بنظرك. أسلوبك الانتقادي والجاف يضر بتطور شخصيته وتقديره الذاتي. هو اعتاد أن يسمع منك فقط انتقادات وتنبيهات منطقية غير مفهومة- هو يفهم بالمحسوس والدراما الخيالية- . طفلك يحتاج لترغيب دائم وثابت بأسلوب يناسب جيله. لا لتجريبه مرة والعودة لأسلوب المنطق المجرد الذي يبعده عن تحفيزه للاستجابة والطاعة. 

من المعروف بأنه كلما حقق الانسان رغبة من سلوكه سوف يكرره. 

ما سبب زيادة عنفه؟

المزيد من الانتقاد والتوبيخ على كل سلوك طبيعي يقوم به يزيده عنفا. تركيزك وانتباهك على سلوكه غير المستحب والمزيد من التعنيف والصراخ يحقق له رغبة بزيادة عنفه. 

من المهم أن تعرفي بأن الطفل بطبيعته يحاول الاعتراض بشتى طرقه الطفولية عند وقوعه في حالة تنظيمية، مثل، تغيير حفاظاته، جلوسه على مائدة الطعام والالتزام بنظافة تناوله أكله، لبس الطقم الذي اخترته، الخلود للنوم بساعات منتظمة وغيرها وغيرها من القوانين والالتزامات.

اعتراضه طبيعي وهو من صفات كل انسان له مشاعره الفردية ومن حقه التعبير عنها. تلك هي أدواته وهذا هو التطور الطبيعي. دور الأهل احترامه وتقبل طبيعة مرحلته العمرية. هذا لا يعني الانفلات بل يعني خلق أساليب تربوية مناسبة لكل مرحلة عمرية متغيرة. أي من الضروري تغيير أسلوبك القاهر والمهين لطبيعته وتبديله بأساليب تكسبه ثقة وتقديرا ذاتيا. 

هل تغيير أسلوب تعاملك معه يمنع تطور عنف طفلك؟ 

بالطبع نعم. حتى وإن كان طفلك يتميز بالنشاط هذا سبب وجيه لاختيار أسلوب مناسب يساعده على التعلم. جيل طفلك يتميز بالخيال وحب الدراما. استخدام أسلوب الخيال لترغيبه على طاعتك والتزامه بالتظيم، مثل، ( تعال يا بابا شوف نظافة فلان كيف الطاولة حول صحنو نضيفة، إسا بعدما يلبس فلان الحفاظ النظيف إحنا بدنا نطلع نشوف الكلب في الساحة وغيرها من الأساليب المناسبة...). كلما أبدعت بالأسلوب الدرامي- الخيالي الترغيبي كلما اندفع طفلك لخوض تجارب جديدة... الدراما هي ابداع فردي خاص بكل أم يتناسب مع طفلها. 

من المهم تركيز ملاحظاتك حول سلوكه المستحب وتجاهل أي سلوك غير مستحب يقوم به. امتداح سلوكه المستحب يثير طفلك على تكراره. الامتداح المتكرر يزيده رغبة بالطاعة. يحتاج طفلك الخروج من مكان التأزم للانتقال إلى حالة أخرى جديدة مثيرة لحب استكشافها، بالقول مثلا، ( ياي شو هادا الصوت إللي في الساحة؟ أنا بدي أطلع أشوف. آه هاي الطابة بدها تلعب معي... هاي الدراجة بتناديني...).

كيف تساعدينه على الخلود بنوم هادئ؟

طفلك يحتاج لكثير من فعاليات حركية وأنشطة رياضية- ليس بالمجمعات التجارية المزعجة-. الخروج بالطبيعة للتنفيس عن ضغوطه ولارهاق جسده كي يحتاج للنوم والاستراحة. هو يحتاج للتحرك، مشوار مشي، ركض وسباق، لعب ببستان ألعاب، تويستر، ترامبولينا، دراجة، طابة... خاصة في ساعات المساء -قبل النوم-. الحركة تتعب جسده ومن بعدها استحمام بالماء الدافئ ومن ثم تناول وجبة عشاء مغذية وبعدها سرد قصة مناسبة له تجعله يخلد لنوم هادئ، عميق ولطيف. هذا الأسلوب هو الذي يلزم الثبات عليه يوميا كي يصبح عادة مستحبة ودائمة. الثبات على مثل هذا الأسلوب يجعل طفلك يتمسك به وفي مدة أقصاها 21 يوما سوف تلاحظين الفرق وبالتوفيق.

----------------------------------------------------------

إنضموا الى صفحتي على الفيسبوك "الهام دويري تابري "لتلقّي أسئلتكم وللمزيد من التواصل. 
عنوان موقعي الاكتروني: www.darelham.com
عنوان بريدي الإلكتروني: [email protected]
لتعيين موعد زيارة للاستشارة التربوية الفردية، الاتصال على رقم هاتف: 6014425-04
 

أحببت الخبر ؟ شارك اصحابك
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]