سؤال:
إبني عمره 11 عاما. البارحة وأثناء الدرس أصدر أحد طلاب صفه صفيرا مزعجا. غضبت المعلمة واتهمت ابني بافتعال الصوت بهدف إثارة طلاب صفه للسخرية ولاستفزازها. إنهالت عليه بالتوبيخ. أنكر ابني مسؤوليته عن الحادث وحاول الدفاع عن نفسه، ولكنها قطاعته مصرة على اتهامه بالكذب.
إبني مؤدب ولا يكذب أبدا. كيف أتعامل معه؟ وهل أحرّضه على التمرد عليها؟
الجواب:
لا للانفعال السلبي ولا للقلق أيضا. تلك حالات تحدث يوميا بأشكال متنوعة وأحيانا مبتكرة. يلجأ إليها الطلاب وذلك لافتعال أسباب للتسلية وتضييع وقت الدرس. هذا يلاحظ أيضا حتى في برامج استكمال المعلمين. لا بد من أن يكون بين المجموعة في غرفة الصف أحد يعمل على لهو الباقين بوسائل تهريج وفكاهة. ليس القصد من هذا هو الإهانة أو التقليل من قيمة المسؤول وإنما هو بدافع اللهو طبيعي وذلك لتغيير الجو وللإثارة فقط.
هل للأهل من تأثير على ما يحصل داخل غرفة الصف؟
يتعذر على الأهل التدخل بالظروف الآنية التي تحصل في غرفة الصف خاصة بوجود بعض طلاب يتميزون بالهضامة وسرعة البديهة. الوقائع في غرفة الصف هي دائمة التبدل ومن الصعب ضبطها أو السيطرة عليها. يوجد دوما بعض طلاب يميلون لافتعال ظروف فكاهية تثير الآخرين فتستفز المعلم. يتلذذ الطلاب بألاعيب للمازحة وللتحريض على التنفيس من جو غرفة الصف الضاغط بالشرح والتفسير. كل يوم حالة جديدة يقع بسببها ضحايا لا علاقة لهم بعنوان صاحب المشكل المهضوم أو بالعكس.
كيف يتقبل الأهل انفعالات ابنهم السلبية؟
بعد تعرض الابن لإشكال كهذا أثناء وجوده في المدرسة يلزم تقبّل انفعالاته وذلك بالاصغاء الصادق له. بالطبع لا لتحريضه على أي شخص له علاقة بالاشكال أو تشجيعه على التمرد. هدف إصغاء الأهل له هو لتوفير جو مريح يتيح له التحدث عما جرى في صفه أثناء الدرس وذلك من وجهة نظره الخاصة به والمنحازة غالبا لحاجاته الآنية. الإصغاء يبرهن له عن ميل أهله مشاركته بمتاعبه من غير استفزازه بأسئلة تنم عن تحقيق أو شك فيما ينقل.
أثناء الاصغاء يمكن إصدار بعض أصوات تعكس مشاعر تعاطف معه وتأثر من الحدث - أفف، هيك لكان!! يااه! شووو؟- أو نظرات تعبر عن تأثر لما يسمعه منه.
الاصغاء الصادق والدائم هو من الأساليب التربوية التي تساعد الطالب على الشعور بالارتياح والطمأنينة نحو ذلك النموذج التربوي الإيجابي الذي يسمعه. هذا هو الوقت المناسب لإشباع حاجة الابن بالشعور بالأمان الذي يعكس حالة من الاستقرار. الاصغاء الصادق هو عبارة عن دعم عاطفي يحترم مشاعره ويقوي ثقته بنفسه فيزيده تقرّبا من أهله وترابطا إيجابيا معهم.
لماذا يلزم الأهل الابتعاد عن أي انتقاد أو تقييم أثناء انفعال الابن السلبي؟
من المهم الابتعاد عن إصدار أحكام - صح\خطأ- على أي موقف أو حدث طالما لم يسمع الأهل حتى تلك اللحظة من الطرف الآخر. كل ملاحظة تقييم سلبية لمشاعره أو لرد فعله عما جرى في الصف تزيده تطرفا وتوترا. إفساح المجال له بعرض الحادث الصعب الذي مر به- من ناحيته- هو فاتحة صحية لمساعدته على التنفيس عن مشاعره السلبية جرّاء ذلك الظرف الصعب. توجيه أية تعليمات، انتقاد لمشاعره أو سلوكه، تقييم رد فعله أو ربما تهكم سوف يعيق عليه خروجه من حالته الصعبة. لا بل يزيد المشكلة تعقيدا.
إني أرى بأن الأزمات التي يتعرض إليها الأبناء هي عبارة عن فرصة ذهبية لتقوية روابطه العاطفية مع أهلهم وهي عبارة عن ورشة عمل تجعله يكتسب خبراته من الحياة اليومية. أسلوب رد فعل الوالدين هذا هو عبارة عن نموذج تربوي إيجابي. بعد أن يشعر الابن بالأمان العاطفي نحو والديه يسهل عليه الانتقال لمرحلة التفتيش عن طرق وقاية لاحقة أو علاج للخروج من أزمته بسلام. الارتياح العاطفي قاعدة صحية للانطلاق لإيجاد الحل المناسب له. كلما ارتاحت مشاعره كلما ارتاح جسمه فسيطر عقله وهان عليه التفعيل المنطقي.
كيف يؤثر موقف الأهل على تعقل تصرف ابنهم ورويّته؟
كما سمح الأهل للابن بالتنفيس يستحسن أيضا استئذانه باقتراح حلول لمساعدته وذلك بسؤاله مثلا:" كيف يمكنني مساعدتك وماذا تقترح؟ هل تفضّل أن...؟ هل ترى بأن المفاتحة مع... تفيد؟ هل تحتاج لتدخل والدك...؟ هل لديك اقتراح آخر؟ ما هو؟".
ما يهم أثناء اقتراحه الحلول هو عدم لومه، تصحيح مشاعره، تأنيبه أو فرض حل عليه. جعله يشعر بأنه بمركز الحدث هو عنصر هام وضروري لتعزيته ورفع سقف تقديره الذاتي. الابن الحساس يفقد ثقته بنفسه عند أول صعوبة اجتماعية تواجهه ويتأثر منها كثيرا وينحرج منها خاصة بحضور أبناء صفه. طالما هو بالمركز طيلة الجلسة وأثناء كشفه عن مضايقاته طالما استعاد أمانه وثقته. خاصة لشعوره بالاحترام عند إشرافه على نوع وأسلوب اقتراحاته للحل.
من المهم دوما وفي ساعات بعد الدوام توفير جو من الأنشطة الحركية لفسح المجال للطلاب بالتنفيس عن انفعالاتهم السلبية بفعاليات رياضية يميلون إليها. وجود سلة دائمة في ساحة البيت لضرب الطابة بداخلها. مضرب للتفريغ، بستان قريب، عضوية بناد رياضي... جميعها وسائل تنفيس حركية تعمل على تفريغ تراكماتهم الانفعالية السلبية.
_____________________________________________________
عنوان موقعي الاكتروني: www.darelham.com
عنوان بريدي الإلكتروني: [email protected]
لتعيين موعد زيارة للاستشارة التربوية الفردية، الاتصال على رقم هاتف: 6014425-04
[email protected]
أضف تعليق