خلال العامين الأخيرين، شهد البلاد، سلسلة متفرقة من الاحتجاجات الاجتماعية، وكان أبرزها احتجاجات الخيام الاجتماعية التي، نُصبت في شوارع تل أبيب صيف العام الماضي، ربما كان للعام الماضي تأثيرًا كبيرًا وملموسًا مقارنة بالعام، التي بالطبع كان متأثرة بموجة الاحتجاجات في العالم العربي وما يُسمى " الربيع" العربي.
لكن هذا الصيف مضى دون خيّام وكان صدى الاحتجاجات الاجتماعية خافةً مقارنةً بالعام الماضي، الذي شهد حراكًا شبابيًا وطلابيًا، وعلى المستويات الاجتماعية الأخرى المختلفة.
ومع التلاعب والتزايد في ارتفاع الأسعار، وضريبة القيمة المضافة، والبنزين " اللي ممكن ينقطع بهاليومين"- حسب مقولة زيّاد الرحباني، زادت أوضاع الناس الاقتصادية سوءً، وزادت ضيقًا، الأمر الذي دفع الكثيرين في التفكير في العودة إلى مظاهرات الاحتجاج المختلفة، التي في الكثير من الأحيان- أو بمعظمها، كانت بتنظيم من جهاتٍ يسارية، أو بمبادرة في الحزب الشيوعي، والجبهة الديمقراطية، وبالأخص التي جرت في شوارع تل أبيب العام الماضي.
السبت شعارات الاحتجاج تصل إلى الناصرة...
ونتيجة لهذه الظروف الاقتصادية الصعبة، دعتْ جبهة الناصرة الديمقراطية والحزب الشيوعي والشبيبة الشيوعية في الناصرة إلى مظاهرة ضد موجة الغلاء التي ضربت أرجاء البلاد، لرفع الشعارات المناهضة لسياسة الحكومة الإسرائيلية، اليوم السبت (8.9) عند الساعة الرابعة في ساحة المدينة، احتجاجًا على هذه السياسة التي فرضت على المواطنين جُملة واسعة من الارتفاعات في الأسعار، التي بالتأكيد تأتي بالفائدة على أصحاب رؤوس الأموال، وبالضرر على أصحاب الدخل المحدود ومتوسطي الحال!
الوضع الاقتصادي المزري هو السبب..
وفي حديثٍ لمراسلتنا مع سكرتير الشبيبة الشيوعية في الناصرة- ورد قبطي، قال: " تأتي المبادرة لهذه المظاهرة نتيجة للوضع الاقتصادي المزري والصعب، لوضع العمال والطلاب وتحول الدولة من نظام اجتماعي إلى نظام رأس مالي، وتحويل الميزانيات الحكومية من أجل التدبير للحرب مع إيران وقصف قطاع غزة، ومن أجل دعم الاستيطان وبناء المستوطنات! دون استثمارها من أجل تحسين البنية التحتية لتطوير المجتمع والتعليم.
بالإضافة إلى منصبه سكرتير الشبيبة الشيوعية في الناصرة، يعمل ورد مالك قبطي، في قسم الأشعة في حيفا، وقال أن الوضع الاقتصادي طال كل فئات المجتمع، مُشيرًا أن كُل شيء ارتفع دون ارتفاع المعاشات، إذ بالكاد يكفي المعاش، لمصاريف السفر والتنقل من الناصرة إلى حيفا يوميًا، إذ تصل تكلفة السفر يوميًا (50) شيكل " مصروف بنزين"، والمصروف اليومي، وتناول وجبة الغذاء أثناء العمل! وفي الكثير من الأحيان يعتمد الشبان على مساندة من أهلهم وخاصة طلاب الجامعات، وفي الكثير من الأحيان الأهل لا يستطيعون تقديم المساعدات لأبنائهم لأن الوضع المادي لا يسمح!
وتابع: من الصعب أن يوفر الشاب اليوم جزءً من معاشه، بهدف المبادرة لمشروع، أو حتى للتفكير في بناء منزل لحياته المستقبلية، الأوضاع الاقتصادية صعبة.. صعبة جدًا، وهذا الوضع الاقتصادي الصعب يشمل الشابات والشبان.
الجماهير العربية والاحتجاجات..
كما هو معلوم للجميع أن الأحزاب اليسارية والجبهة والحزب الشيوعي، هم من المبادرين في معظم الوقت لتنظيم الاحتجاجات الاجتماعية، ماذا تقول للجهات العربية الأخرى التي لا تشارك بهذا النوع من الاحتجاجات؟
ورد: " لقد جاء الوقت لأن يكون للمجتمع العربي جزء كبير من هذه الاحتجاجات، نحن جزء من المجتمع العام، هذه الاحتجاجات ليست حصر على فئة اجتماعية أو سياسية، إنما يجب أن تكون فرصة للمجتمع العربي بجميع أحزابه وحركاته السياسية للتعبير عن ضائقته وأزمته السياسية، ما يُميز الحزب الشيوعي، أنه يناضل من أجل فكر أُممي وطبقي، يشمل الفئات الاجتماعية المختلفة، بينما باقي الأحزاب تناضل من أجل الفكر القومي فقط، أعتقد في حال اجتمع هذه الفئات على المستوى الجماهيري من الاحزاب والفئات المختلفة ستهاب الدولة من الصوت الموحد.
شعارات..
وعن الشعارات قال أنها ستحمل فقط همّ الناس الاقتصادي والمادي، لن يكون هناك شعاراتٍ سياسية أو قومية، فقط شعارات تنادي بخفض الأسعار، بالإضافة إلى الشعارات تنادي ضد الحرب على إيران والهجوم على غزة وبناء المستوطنات، لأنه كما هو معلوم لدينا أن ميزانية الحرب كبيرة، وتكون على حساب الرفاهية الاجتماعية..
الطلاب يتظاهرون وينادوا من أجل قسط الجامعة والسكن..
ولطلاب الجامعات قسط كبير في دعم المظاهرات والاحتجاجات ضد غلاء المعيشة المستشري في مجتمعنا، ومن بين الطلاب المشاركين غدًا في المظاهرة، الطالب أمير عيساوي- وهو طالب سنة ثانية في موضوع علم النفس في جامعة حيفا.
ويقول أمير أن الغلاء في المعيشة طال فئات كثيرة من المجتمع، وهذا الغلاء أثر بالتأكيد وبشكل كبير على الطلاب الجامعيين، من خلال القسط الجامعي، ارتفاع الإيجار والسكن، المواصلات والتنقل من مكان سكن الطالب إلى الجامعة.
التعليم العالي... غالي..
كما هو واضح أن دائرة التعليم، متعلقة ومرتبطة بكل ما يحدث من تغيرات اقتصادية وارتفاع في الأسعار، الأمر الذي يسبق توجه الطالب إلى الجامعة.
وأشار الطالب أمير عيساوي، منذ اللحظة التي يُفكر فيها الطالب في الدخول إلى التعليم الجامعي، تواجهه المشاكل الاقتصادية، بدءً من التسجيل إلى امتحان البسيخومتري الذي هو بطبيعة الحال مُكلف، وفي حال أراد أن يُسجل إلى دورات تعليم البسيخومتري، فهي مُكلفة أيضًا، ناهيك عن قسط الجامعة، ومصاريف المواصلات، والسكن. أصبحت الدراسة مُكلفة، وشمل ذلك الكثير من الدورات التعليمية.
يعمل أمير في فندق جولدن كراون الناصرة، حتى يُعيل نفسه على مصاريف التعليم، ويقول أنها بالكاد تكفي لتغطية قسط الجامعة ومصاريف السفر، بالإضافة أن التوفيق بين التعليم والعمل يطلب منه جهدًا اضافيًا، فلو كان فقط يتعلم، لخصص جُل وقته من أجل الدراسة. إذ تصل تكلفة السفر من الناصرة إلى حيفا يوميًا إلى (40) شيكل من خلال السفر في الحافلة، إضافة أن المنح التعليمية التي يحصل عليها الطالب لا تسد شيئًا.
المشاركة في احتجاجات يوم غد
وعن مشاركته غدًا قال: " أنا أُؤمن كإنسان، أن التغيير لا يأتي من الفرد نفسه، إنما يأتي عن طريق مجموعات تناضل من أجل قضيتها، وخاصة الأشخاص الذين يحملون الفكر اليساري، يجب أن نعمل من أجل تحقيق مطالبنا، ومن أجل تحسين الوضع الاقتصادي في البلاد.
مطالب طالب الجامعة...
رسالتي إلى طلاب الجامعات، أن لا يصمتوا عن حقهم، وتخذوا من هذا الحراك الشبابي منفذًا للتعبير عن أنفسهم، والمطالبة في خفض القسط الجامعي وإيجار السكن والمواصلات، كل ما يدور في المجتمع العام من غلاء في المعيشة ينعكس بالتأكيد على الجانب التعليمي والأكاديمي، لهذا يجب أن نضم صوتنا لصوت الشارع، ورفع الشعارات التي تناضل من أجل مستوى تعليمي وأكاديمي أفضل.
[email protected]
أضف تعليق