اقل ما يمكن أن يوصف به محمود نصير الجوهري الذي انتقل الى جوار ربه, انه حدوتة الكرة المصرية, كتاب دونت فيه الكرة المصرية افراحها واتراحها منذ اقترن اسمه بها قبل نصف قرن من الزمان، عرف الجوهري كرة القدم في سن مبكرة مع اترابه في ضاحية حلوان جنوب القاهرة ولفتت موهبته المبكرة الانظار مبكرا واهتم به اساتذته في المرحلتين الابتدائية والاعدادية وكان ابرز لاعبي فريق مدرسته الى ان اصطحبه احد اساتذته الى النادي الاهلي اواخر الاربعينيات وانضم الى صفوفه وعمره دون السابعة عشرة من عمره ليبدأ رحلته مع الكرة والشهرة والتاريخ, وبفضل موهبته بات الجوهري واحدا من التشكيلة الاساسية للاهلي رغم وجود عناصر يصفها التاريخ الكروي المصري بالعمالقة مثل احمد مكاوي وصالح سليم.

وفي زمن قصير بزغ نجم الجوهري الذي تخرج في الكلية الحربية ضابطا منتصف الخمسينيات وانضم للمنتخب المصري في اول بطولة لكأس الامم الافريقية وكان هداف البطولة الثانية عام 57 برصيد ثلاثة اهداف واستمر تألق الجوهري لكن الاصابة التي لحقت به مبكرا حالت دون استمراره رغم انه سافر الى النمسا للعلاج وكان اول لاعب مصري يعالج في الخارج ليعتزل اللعب منتصف اوائل الستينيات ويشجعه اللواء علي زيوار مدير الكرة السابق في الاهلي وقائده في الجيش المصري على الانخراط في عالم التدريب الذي سرعان ما اثبت تفوقه فيه ليجد في التدريب العوض عن اللعب ويحقق فيه ما لم يكمله في اللعب من نجومية.

وبدأ الجوهري رحلته مع التدريب بالاشراف على فريق احد فروع الجيش في دوري القوات المسلحة ومنه الى فريق دون 20 سنه في الاهلي لكن اندلاع حرب 67 بين مصر واسرائيل حالت دون تفرغ الجوهري للتدريب لكونه ضابطا في الجيش وانشغل في وظيفته الاساسية حتى تحقق النصر في حرب السادس من تشرين الاول/اكتوبر 73 ليطلب الجوهري بعدها التقاعد بعد ان ادى دوره في خدمة بلده ليتفرغ للعمل في المجال الذي يعشقه وهو التدريب، وشق الجوهري طريقه مبكرا في عالم التدريب وبعد سنوات قليلة من العمل في مصر سافر الى السعودية للعمل في نادي الاتحاد لعدة سنوات عاد بعدها الى مصر مطلع الثمانينيات ليتولى تدريب الفريق الاول بالنادي الاهلي ويحقق معه الفوز بعدد من البطولات المحلية توجها بالفوز ببطولة كاس افريقيا للاندية ابطال الدوري عام 83.

وتواصلت مسيرة الجوهري مع النجاح وتولى تدريب المنتخب المصري العام 88 وبدأ رسم خطة العودة للمونديال بعد غياب استمر 56 عاما حيث نجح الجوهري في تحقيق الحلم للكرة المصرية وتحول الى بطل قومي تهتف الجماهير باسمه قبل اللاعبين، لكن مسيرة الجوهري لم تخل من محطات الاخفاق فبعد العودة من المونديال بدأ المنتخب المصري الاستعداد لتصفيات كأس الامم الافريقية ولعب مع اليونان وخسر 1-6 فأقيل من منصبه بعدها لكنه سرعان ما عاد بقرار رئاسي وكان في طريقه لتدريب النادي المصري البورسعيدي لكنه عاد لتدريب المنتخب للمرة الثانية وقاده للفوز بكأس العرب عام 92 في سوريا بعدما تغلب على المنتخب السعودي في ختام البطولة 3-2 وهي المرة الاولى والوحيدة التي فاز فيها المنتخب المصري باللقب العربي.

وبسبب حجر القى بها احد المتفرجين على الالماني فابيتش مدرب زيمبابوي في ملعب القاهرة عام 93 ضمن تصفيات كأس العالم, امر الاتحاد الدولي باعادة المباراة وخوضها على ملعب محايد وتحديدا في فرنسا ليتعادل الفريقان سلبا وتخرج مصر من التصفيات ويترك الجوهري المنتخب، لكنه عاد للمرة الثالثة عام 98 ليقود المنتخب المصري الى تحقيق انجاز كبير بعد رحلة عمل قضاها مع نادي الوحدة الاماراتي ومنتخب عمان وكان المدرب العربي وربما العالمي الوحيد الذي قاد فريقين في تصفيات كأس العالم 98 هما سلطنة عمان ومصر ولم يترك العام 98 يمر من دون ان يحقق فيه انجازا كبيرا يعيده الى القمة من جديد وتحقق له مااراد بفوزه بكأس الامم الافريقية التي استضافتها بوركينا فاسو ولم يمض العام قبل ان يختاره الاتحاد الدولي ضمن افضل 20 مدربا في العالم.

لكن العام 99 شهد انتكاسة لم يكن يتوقعها اكثر المتشائمين ففي بطولة العالم للقارات مني المنتخب المصري بخسارة ثقيلة امام شقيقه السعودي 1-5 ليقال الجوهري بعد ان حملته الجماهير مسؤولية ما حدث, فاحتجب عن الانظار حتى عاد ليقود المنتخب المصري من جديد في تصفيات كأس العالم 2002 لكن التوفيق لم يحالفه فتعرض لحملة اعلامية عنيفة طالبته بالاعتزال.

ويبقى للجوهري انه المدرب الافريقي الوحيد الذي فاز بكأس الامم الافريقية لاعبا ومدربا عامي 57 و98 وقاد الزمالك المنافس التقليدي لناديه الاهلي للفوز بكأس افريقيا للاندية ابطال الدوري عام 93 وكأس السوبر الافريقي عام 94 .

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]