لا يخفى على أحد أن حياة أجدادنا كانت تختلف بكل المقاييس عن الأسلوب الذي نتبعه في حياتنا الآن، لذا فمن الطبيعي جدًا أن يكون للشهر الفضيل الذي نعيش الآن أيامه المباركة، مذاقًا مختلفًا، لذا التقينا بالسيدة جميلة أيوب، 77 عامًا، في أحد مراكز المسنين في الرينة، حيث كانت جالسة تتسامر مع رفيقاتها في المركز وحين رأتنا ندخل المكان رحبت بنا بصوت عالٍ يضج مودة وترحاب.
جلسنا معها وحاولنا استفزاز ذاكرتها لتنضح أمامنا بأبرز ذكرياتها المتعلقة بشهر رمضان قبيل عقود، فقالت لنا وابتسامتها مرسومة على محيّاها:"رمضان زمان كان غير هالأيام، كنا كلنا نساعد بعض ونصوم نفطر سوا مسلمين ونصارى، كانت كل الحياة غير عن اليوم والناس كانت أقرب..."
تابعت بذات الصوت المطمئن وبلهجتها العامية الدافئة: "يعني اليوم صارت العيلة الوحدة بتشوفش بعض بس زمان كانت الناس متواصلة أكثر وتدير بالها على بعض أكثر..."
أما في ما يخص الحياة المشتركة بين المسلمين والمسيحيين، فقالت:"لقد كنا نعمل سويًا، نصوم سويًا ونحضر كعك العيد سويًا سواء كان عيد الفصح أو عيد الفطر فقد كنا لا نميز بين مسلم ومسيحي البتة، وها نحن كما ترون نجلس هنا في دار المسنين نساء مسلمات ومسيحيات نتحدث عن كل مشاغل الحياة وهمومها ونستذكر يوميًا جمال الحياة فيما مضى، فقد تحولت العنصرية اليوم إلى ظاهرة بات من الصعب السيطرة عليها للأسف وهذا الأمر موجع فعلاً لأننا شعب عربي واحد بأفراحه وأتراحه...".
أضافت :"حتى عند وقوع حالة وفاة بات أبناء مجتمعنا بعيدين عن بعضهم فليس هناك من يسأل عن جاره كما اعتدنا وليس هناك من يهتم بصلة الرحم أي بزيارة أقرباءه وأشقاءه كما فيما مضى، الحياة اليوم باتت حياة عملية وبات الفرد مشغولاً عن كل العادات الجميلة التي كبرنا عليها ومارسناها وإنني أتمنى أن يعود الحال إلى ما كان عليه لأن الأمان في زماننا كان أكبر لذا كثيرًا ما تسمعون من كبار السن في مجتمعنا يقولون ويكررون أن الحياة هذه الأيام لا تصلح للعيش...".
[email protected]
أضف تعليق