يوم الجمعة تتصاعد موجة الحر ووطأته الى حد كبير، وتبلغ هذه الموجة ذروتها يوم السبت("سبت اللهب") ثم تتراجع قليلاً يوم الأحد، لكن الحر يبقى عاليًا، وكذلك الحال أيام الاثنين والثلاثاء والاربعاء، حين تعود درجات الحرارة الى ذروتها، لتبدأ بالتراجع الطفيف يوم الخميس، دون أن تظهر في الأفق بوادر انحسار ملموس في درجات الحرارة.

ولعل أفضل وأنسب ملاذ من هذه الموجة اللاهبة بحيرة طبريا، أسفل منحدرات الجولان السوري المحتل، وهي المنطقة التي سماها الاسرائيليون "بارك هيردين"، وتبعد عن طبريا مسافة سفر عشرين دقيقة، على الأكثر.

الماء والخضراء.. والظلال الوارفة

تمتد الحديقة الطبيعية المسماة "بارك هيردين" على مساحة ألف دونم، بجوار المجرى الشرقي لنهر الاردن، قبل ان يصب في بحيرة طبريا.
ويكمن سحر وجاذبية هذا الموقع في الطبيعة الغنية المتنوعة التي حباه الله بها، مضافًا إليها الامكانيات والمقومات والمقدرات المتوفرة، من منام ومبيت، منظم أو غير منظم، ومن مسارات ومساحات عشبية ومنشآت تتيح الراحة والمتعة وكافة احتياجات الرحلات الجماعية المنظمة للصغار(التلاميذ) والكبار، وللعائلات والأفراد – على حد سواء.

وتتمثل "روح الحياة" في هذا المكان بالمياه الوفيرة المتدفقة، الجارية بهدوء تارة، وبصخب وخرير مدو، تارة أخرى، مستمدة من جداول تصنيع- جُزُرًا صغيرة، مغطاة بأصناف من الأعشاب والنباتات والشجيرات الكثيفة، ابرزها القصب والصفصاف، بالاضافة الى الملّ السوري ذات الأوراق الحادة، وتزدان أصناف من الشجيرات بأزهارها الجميلة الوردية وألوان اوراقها الزاهية التي تتبدل تبعًا للمواسم- ناهيك عن الكرز البري والعادي والخوخ والسفرجل، وتطغى على جميعها أشجار الكينا(البوكاليبتوس) التي تحتل مساحات واسعة من الموقع، مانحة ظلالها الوارفة للمكان والانسان، وللطيور المتنوعة "السائحة" والمقيمة والمهاجرة، بينما تسبح في المياه سلاحف المستنقعات وأصناف من السمك.

على الطاحونة...

تنكسر الرتابة والملل في طبيعة الموقع(وهل يُعقل ان يكون موقع غني بالماء والخضراء – مملاً؟!) بطواحين المياه القديمة الكائنة شمالي هذا المنتزه (البارك)، الذي يعتبر اكبر تجمع لاكبر أنواع الطواحين في البلاد – وفي أوج عزها وانتاجها بلغ عدها في أزمنة الخير ومواسم السّعد (12) طاحونة تدار بقوة المياه، وقد دام عزّها طيلة قرون، لتبقى شواهد على أزمنة تبدلت، لا بدّ ستعقبها أزمنة أفضل وأزهى وأجمل...

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]