هي " طفلة "، محفورٌ اسمُها في ثنَايا صَفحاتْ ذِكرِياتْ الطفولة، مَا إن تُمعن النَظر بصفحاتها، تَرى طيفُ طِفلةً مُعجزة، تظهر على " شاشة التلفزيون الأردني"، تتراقص وتتمايل على المسرح، فتَذكُر نفسك تُقلدها، وتُردد معها أغانيها.

طفلة ترقص مثل ورد الربيع وفراشاته الصغار على المسرح، وتتغزل بالقمر، لتطلب منه أن يُغسل وجهه بالصابون والحَجر، لتسأله " وينك؟ " فنرد عليها " بغسل وجي، وتارةً أخرى بمشط شعري"! الطفلة التي طيرتْ الحمام فوق سطوح بيوتنا، ووصل إلى شبابيكه، مع ثلج العيد وبابا نويل، ونطقت بأول كلمة حلوة بالتم فغنت فكانت الأم. غنت للعيد والحرب، والسلام والطفولة، كثيرة هي الأغاني الجميلة التي رددناها لها، " تدرون " من هي؟ ومن غيرها، صاحبة الأيدي الصغيرة الكبيرة، ري مي بندلي.

ري- مي بندلي، الطفلة التي كبُرتْ وصارت اليوم امرأة..

في يوم الطفولة العالمي، نقول للعالم " أعطونا الطفولة، وردوا لنا السلام"، فلا مُمكن أن يمُر هذا اليوم دون سماع هذه الأغنية بصوت ري مي بندلي، التي غابت عن الساحة الفنية منذ العام 1993 تقريبًا، والتي اشتهرت في سنوات الثمانينات من القرن الماضي، بتأديتها للكثير من أغاني الأطفال الناجحة، كانت أولى أغنياتها " إيماني أحلى إيمان.. الله ومحبة لبنان"، واشتهرت بأغاني أُخرى مثل " غسل وجهك يا قمر"، " أعطونا الطفولة"، " طير وعلّي يا حمام"، " نحنا الربيع"، وغيرهم الكثير من الأغاني، كما وفي رصيدها الفني فيلم سينمائي اسمه " أماني تحت قوس قُزح"، ومسرحيات غنائية.

وتنتمي ري مي بندلي إلى عائلة بندلي الفنيّة، وأطلق عليها والديها اسم ري -مي نسبة الى نوتة الموسيقية الثانية والثالثة، في السلّم الموسيقي ( RE- MI) . ودرست الموسيقى في جامعة الكسليك اللبنانية، بالإضافة إلى مدارس أخرى خاصة في دراسة الموسيقى، داخل لبنان وخارجه.

ري مي بندلي، الطفلة التي تعيش في ذاكرة الطفولة، هي اليوم شابة يافعة متزوجة، وأصبحت كُنيتُها سلامة، وانتقلت مع زوجها للعيش في ستوكهولم – السويد لتستقر هُناك.

مُراسلة موقع بُــكرا، تحدثت مع الفنانة اللبنانية ري- مي بندلي، وكان لهما الحوار التالي:

بُــكرا: اليوم بعد أكثر من عشرين عامًا من اختفاءك عن الساحة الفنية، هل تشتاقين إلى ري مي بندلي الطفلة الصغيرة التي كانت تُغني وترقص على المسرح؟

ري مي: كلا، لا أشتاق إلى "ري مي" الصغيرة، أنا لا أشتاق لشيء لم يعد موجودًا، لأني أحب أن أعيش كُل لحظةُ بلحظتها، حاليًا أنا مسرورة بـ " ري مي بندلي اليوم"، ولا أنظُر إلى الخلف. يمتلكني الحنين إلى الماضي والأُغنيات التي كنت أنشُدها على المسرح، أتذكر أني كنت " مبسوطة " في وقتها، عندما كنت أعتلي المسرح.

بُـكرا: كيف تتذكر "ري- مي بندلي" الشابة، طفولتها؟

ري- مي: أعتقد أن طفولة كانت مُميزة وفريدة، كان المسرح بالنسبة لي شيئًا مُسليًا ومُمتعًا، وكان " أحلى لُعبة بالنسبة إللي"، مع كُل المسؤولية المُلقاة عليّ، حينها، لا يمل ولا يتعب الطفل من اللعب، لا أتذكر الأمور التي كانت تُتعبني حينها.

وتابعت، أذكر في اليوم الذي كان يُصادف، أن يكون لدي حفلة، كان والداي يُجبراني، على النوم في ساعات ما بعد الظهر، من أجل عدم شعوري في التعب على المسرح خلال الحفل. وبالتأكيد لم نكن أنا وأخي نُحب هذا الشيء.

مؤكدة أن الشيء الذي لا تقدر أن تنساه من طفولتها، هو اليوم الأول الذي دخلت فيه إلى المدرسة، أتذكر أني كُنت حينها فرحةٌ جدًا، وأصحو مُبكرًا.

بُـكرا: هل ساهمت ري مي بندلي، حسب رأيك، بصقل شخصية الطفل العربي خلال تلك الفترة؟ وكم أثرت بهم؟

ري- مي: لم أكُن أُدرك حينها هذا الشيء، لكن اليوم من خلال الرسائل التي أستقبلها من الأصدقاء، وعبر الفيسبوك، أدركتُ أني كُنت قد منحت الأمل للكثيرين، وكثيرين من أحبوا لبنان من خلال أُغنياتي، و " يلي عنجد بعئد" – حسب قولها، أن الأشخاص الذين كانوا يسمعوا أُغنياتي من أبناء جيلي، اليوم لديهم عائلة وأطفالهم يستمعون إلى أُغنياتي ويرددونها.

بُـكرا: ماذا كان يُميز فن الأطفال بالفترة التي كنتِ تُغنين بها، عَنْ اليوم؟ وما مدى قُربها من الواقع الذي كُنا ونعيشه حتى هذه اللحظة، وخاصةً أُغنية " أعطونا الطفولة"، بما أنه الطفل العربي، ما زال يعيش الحروبات والاحتلال وانتهاك لطفولته؟

ري- مي؛ تَختَلفُ الطفولة اليوم عن الأمسِ، وبتْنا في عَصرِ التكنولوجيا المُتقدمة، والمتوفرة، من أجهزة ووسائل الاتصال، الأمر الذي أثر على نهج حياتنا، وحياتنا الاجتماعية.

وفيما يخص أغنية، " أعطونا الطفولة"، الظروف التي كُتبت من أجلها، ليست بعيدة كثيرة عن واقع اليوم، فما زال الاحتلال قائمًا، وأجواء الحرب، بين الذهاب والإياب، ستصبح هذه الأغنية وأغنية " طفي النار كِلا كِلا"، فقط عندما يعُم السلام.

بُـكرا: هل تشتاقين للغناء؟ التمثيل، الظهور على المسرح، وهل لديك مشاريع مُستقبلية- حدثينا عنها؟

ري- مي: أكيد، وبشدّة، وأفكر كثيرًا في الموضوع، بين الحين والآخر يقدم لي أصدقائي كلمات لأغاني أقوم بتلحينها، لكن لستُ متأكدة، إذا كانت هذه الأُغنيات، ستكون السبب في عودتي إلى المسرح، أو من أجل حُبي للموسيقى.

وتابعت؛ " إن شاء الله خير"، لا استطيع نُكران أن الموسيقى تجري في دمي، أرغب كثيرًا في أن يكون لي أعمال فنية تليق بيَّ، وفي المستوى الذي أتمناه لنفسي، و بكل من يحب ري- مي بندلي. وبالنسبة للإنتاج الفني، لم أقم بعرض أعمال على الشركات الإنتاجية والعكس صحيح.

كلمة شُـكر ..

وفي نهاية اللقاء، تقدمت ري-مي بالشكر إلى الشبان والشابات أبناء جيلها، وخاصة الذين يقوموا بتحفيظ أبناءهم أغانيها، وأتمنى من كُل قلبي أن يأتي السلام، وأتمكن من المجيء لزيارة كل من يُحبني في فلسطين.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]