نظمت إدارة نادي الطلاب الجامعيين أبناء الناصرة، جوّلة في زُقاقات البلدة القديمة، والسوق القديم، إذ انطلقت الجوّلة من عتبات النادي الذي مقره، في البلدة القديمة " ساحة المطران"، بمُرافقة المرشد خالد عوض- مدير جمعية السباط للتراث الفلسطيني، الذي استهل حديثه، عن تاريخ مدينة الناصرة، والحبقات التاريخية التي مرت فيها، منذ آلاف السنين قبل الميلاد –ابتداءً من العصر الحجري الحديث، وصولاً للعهد الروماني والبيزنطي، وبشارة السيدة العذراء عند العين، والتنصُر، والحملات الصليبية والعهد المملوكي، والعُثماني، الاستعمار والنكبة، وصولاً إلى يومنا هذا.
ودلّ في حديثه أن الناصرة، قد تأثرت تاريخيًا، بهذه العهود المتبدلة، من الجانب الحضاري، والتراثي والثقافي، وحتى الجانب المعماري، الذي انعكس على البُنيان فيها، وبقايا الاثارات التي تم اكتشافها على عدة مراحل، التي بقيّت شاهدًا، على الحبقات التاريخية المختلفة لتذكرنا بها.
آبل.. الاسم الكنعاني لمدينة الناصرة، مدينة " المُغر"..
وقال خالد عوض، ان اسم مدينة الناصرة الكنعاني القديم هو "آبل" وسميت العين أيضا قديما بعين آبل وهي اليوم عين العذراء، وكانت معروفة المدينة في بكم المُغر– المغارات العديدة التي اشتهرت بها، واليوم متواجدة هذه المغارات في البلدة القديمة، التي قام سُكانها بإغلاقها، وتُعرف هذه المُغر بالعرقية وجمعُها عراق، وقام الطلاب برفقته في زيارة لإحدى أكبر العرقيات المعروفة في الناصرة، والتي باتت مزارًا، مُهمًا للسُياح من مختلف البلاد، وهي مبنية من حجر الجير، المعروف بسلاسته في الحفر، وكانت تحمي سكانها في تلك الفترة التاريخية التي تعود إلى عهد اليهود المتنصرين، أمنوا بالسيد المسيح واختبأوا فيها هربًا من الرومان، خوفًا لقتلهم بسبب تنصرهم، حضارة يعود تاريخها إلى قبل 1600 عام من اليوم.
سباط الناصرة..
وتلت هذه الزيارة، جولة في أروقة البلدة القديمة، وصولاً إلى سباط سوق الناصرة، والسباط هو عبارة عن سقيفة بين جدارين، مُشترطة بمدخلٍ ومخرجٍ منها، وفي جوانبها حوانيت، التي يعلوها منازلاً، " سقفه معقود- أي بشكل عقد"، والسُباط، يُسمى إما على اسم مالكه والعائلة التي بنته، مثل؛ " سباط الشيخ يعود نسبة لعائلة فاهوم، وكذلك قعوار، وغيرهم من العائلات"، أو على اسم الحرفيين فيه، مثل؛ "سباط النجارين، الحدادين، الإسكافيين، وغيرهم".
وبعد السباط، توجه الطلاب، في زيارةٍ، لسرايا الناصرة، التي شُيدت في عهد الظاهر عُمر، الذي قام بتشيد مثلها في مُدن مختلفة في فلسطين، وشغلت هذه السرايا، التي تعتبر تحفة معمارية في السابق، دار بلدية الناصرة، إلى أن تم نقلها للمكان المتواجدة فيه اليوم.
وللأسف السرايا اليوم باتت مبنى مهملاً من قبل المسؤولين، وهو بحاجة إلى ترميم، وعناية، ليعود إلى بهجته السابقة، كونه إثرًا معماريًا مهمًا، وشهد على عصور مختلفة مرت بها الناصرة.
كما قام الطُلاب في زيارة إلى الجامع الأبيض، الذي يعود إلى العهد الفاطمي، وهو وقف الإسلامي الوحيد الذي كان ابان الحُكم العُثماني، الذي قام ببناءه سُليمان باشا العادل، والذي أتي بالشيخ عبد الله النيني، نسبة لقريته نين، وهو أزهري، الذي سُميّ لاحقًا بعبد الله الفاهوم لفطنته وعلمه ووعينه راعيًا على الجامع الأبيض، وسلمه هذا الوقف المسمى بـ " الدُرجي"، والوقف الدُرجي، هو الذي لا يُباع ولا يُشترى، وقف عائلي، ويتوارث عبر الأجيال بين كبار العائلة، واليوم يتولى رعاية هذا الجامع الشيخ، عاطف الفاهوم.
واختتم الطلاب جولتهم في زيارتهم إلى المركز الدولي مريم بنت الناصرة، وهو عبارة عن متحف أثري، يحتوي على آثارٍ منذ العصر القديم، ويكشف هذا المبنى تلال الناصرة، المحيطة به، ومعالمه الأثرية والمعمارية.
ولخص الباحث في الآثار الفلسطينية خالد عوض هذه الجوّلة مع الطلاب المشاركين فيها، في كيفية تحويل البلدة القديمة إلى نموذج يُعيد مدينة الناصرة، إلى مدينة جذب سياحي من الدرجة الأولى، والعمل على تحسين ظروف المحال والدكاكين التجارية في الأسواق وإعادة تنشيط السوق في الجانب الاقتصادي، والتجاري. وإعادة فتح الدكاكين المغلقة لتعود إلى حيويتها من جديد، وهكذا يُمكننا إعادة الحياة السابقة لسوق الناصرة، كما كان قبل عشرات السنوات، مثل عهد آبائنا وأجدادنا، من خلال خلق أفكار ومبادرات شبابية جديدة.
الطالب عماد جرايسي: هذه الجولة أتت لتذويت البلدة القديمة بشُباننا..
وبدوره، تحدث الطالب عماد جرايسي، وهو عضو إداري في نادي الطلاب الجامعيين - أبناء الناصرة، وأحد المبادرين لهذه الجوّلة قائلاً: "اعتقد هذه الجولة الشبابية الميدانية لمنطقة السوق تُثبت مدى وفاء شابات وشباب المدينة لهذه المنطقة وإصرارهم على إحياء السوق. حيث قام بعض الطلاب والطالبات الجامعيين بطرح أفكار بإمكانها المساعدة ولو بجزء بسيط من مشروع البلدية بأحياء السوق، والمحافظة على تاريخنا الموروث. علينا نحن كنادي طلاب جامعيين التعاون مع كل الأطر الشبابية النشطة في المدينة, وبالتعاون أيضا مع البلدية تذويت الناصرة تاريخياً في جيل الشباب، لتكون وقود العطاء والتطوع المبني على أسس الانتماء ومحبة المدينة".
كما وتوجه بالشكر للطالبات والطلاب لمشاركتهم بهذه الجولة، وأثنى بالشكر لبلدية الناصرة على دعمها لهذا المشروع. هذه الجولة هي بمثابة البداية للتعرف على كل معالم المدينة في السوق وخارج السوق، لترسيخ روح الانتماء والعطاء فينا نحن الشباب.
[email protected]
أضف تعليق
التعليقات
حلو كتير -الفيلم والصور حلوه اجمل من الحقبقه
الناصرة حلوة كتير كتير