أعزائي القراء،
كنت قد بحثت معكم في الأسبوع الفائت عن أسباب حالة الأب الانفعالية السلبية نحو ابنته المراهقة حين صدمه كتابتها. تطرقت أيضا لمميزات مرحلة المراهقة العاطفية الطبيعية وأنهيت بسؤال استنكاري يبحث بإستحالة قدرة الوالدين على منع المراهق من التخيل أو التوقف عن الاحساس.
ما هو دور كتابة يوميات واقعية يتخللها صور خيالية وإبداعية في مرحلة المراهقة؟
المشاعر والأحاسيس في تلك المرحلة في حالة تأجج. التقلبات العاطفية والميل الشعوري للجنس الآخر تجعل المراهق يدخل أحيانا في حالات من السعادة والاسترخاء وفي حالات كثيرة أخرى في ضغوط انفعالية سلبية تؤثر على نشاطه الفكري والجسماني معا. في كثير من الأحيان يحتاج المراهق للتنفيس عن تلك الأحاسيس والتقلبات العاطفية غير المتوازنة. للرياضة المحببة دور في تفريغها وتنفيسها للتخفيف من حدة تأثيرها العنيف على ذاته الشعورية المتقلبة. للهوايات والميول أيضا دور إيجابي في عملية التفريغ العاطفي. كتابة يوميات واختلاق صور ابداعية حالة علاجية راقية تعطي المراهق فرصة للتنفيس عما يجيش به صدره بمفردات تناسب حالته الانفعالية الآنية. التعبير الكتابي يساعده على فهم ما يثيره من أحاسيس وانفعالات. يترجم المراهق حالته العاطفية بكتابة ذاتية، ربما ومن خلال تلك التجارب العاطفية تتفجر لديه موهبة التأليف والابداع الكتابي. عاطفة المراهق هي المثير والدافع للكتابة وليس العكس. تحريم المراهق الكتابة لا يمنعه من الشعور بالاثارة العاطفية الطبيعية والتلقائية ولا يتوقف عن التفكير فيها.
المذكرات اليومية هي ملك لصاحبها وليس من حق أي أحد كان اقتحام خصوصياتها
إن المراهق يحتاج لمسافة من الخصوصيات والحرية الفردية. عادة يلجأ للتضامن العاطفي خارج عائلته. فالمذكرات هي من الوسائل الشرعية التي تساعد المراهق على التطهير العاطفي وعبور تلك المرحلة المعقدة في المجتمعات المحافظة التقليدية بسلام وأمان. دور المربين تشجيعه على الكتابة الحرة بإهدائه في مناسبة احتفالية سعيدة تخصه دفتر مذكرات خاص مزخرف وجميل. تشجيع المراهق على اختزان أسراره في داخل صفحات ذلك الدفتر والتكتم عليها من الأساليب التربوية التي تجعل المراهق يتقرب من مربيه ويشعر نحوه بأمان واطمئنان. المربي المتفهم يحرص على توضيح مسألة سرية دفتر المذكرات والخصوصية الفردية. على الآباء أن يتوقعوا مضمون ما يستفيض به المراهق من أفكار وأحاسيس في دفتر مذكراته. مسألة التوقع تساعد الآباء على احترام السرية بشأن محتوى ما يضم طيّات مذكراته.
رد سريع على سؤال إحدى القارئات:
س: ابني جيل 20 سنة اتفق مع صديقة له على الزواج. خطوة الارتباط غير ممكنة لأنه ما زال يتكل بمصروفه على أبيه. وفتاة أحلامه ما تزال تدرس في إحدى الكليات. يريدنا أن نذهب معه إلى بيتها كي نطلب يدها من أهلها. أم الفتاة تلح عليه بالقيام بتلك الزيارة. أبو الفتاة يرفض التسرع وزوجي كذلك. إبني في حالة قلق دائم، سريع الانفعال والغضب. لا أدري كيف أتصرف معه أو أقنعه بالتأجيل.
ج: ابنك سيدتي، يمر بمرحلة عاطفية طبيعية. مسؤوليتك احترام حاجاته العاطفية، طمأنته، تفهم حالته وامتداح أخلاقه كخطوة أولى، وذلك بالقول الثابت والمتكرر: " وعدك الفتاة التي تحب بالارتباط الشرعي دليل على شرف أخلاقك، أبارك لك هذه العلاقة السامية والجميلة. أنا بانتظار ذلك اليوم الذي نذهب به لخطبتها...".
أما الخطوة اللاحقة فهي إثارة الفتى لدفعه نحو عمل ما أو تخطيط عملي للتخلص من الاتكالية. إن الدافع الذي عليك الاعتماد عليه هو ذلك الحب. عبارة لطيفة تشجعه وتثير حماسته للاعتماد على نفسه:" التحدث إلى والدك وإقناعه مسألة ضرورية ولكنك تحتاج لحجة قوية تقنعه كي تجعله يوافق. إنني أرى، يا بني، بأن هذه الخطوة من مسؤوليتك. أليس كذلك؟".
وليكن معلوما لديك بأن كل سلوك يحقق للفرد رغبة، لا بد له من أن يكرره. فرغبة الفتى هنا هي الارتباط بمحبوبته. تلك الرغبة هي التي سوف تدفعه للقيام بعمل مفيد بهدف تحقيقها. وطالما دورك هو داعم ومتفهم سوف يعمل ابنك على التوفيق بين رغبته واثبات نفسه لوالده ووالد محبوبته. وبعد مرور فترة من الزمن لتحقيق الهدف، يكون قد نضج وثبت على قراره أو غيّرا ( هو والفتاة) رأيهما. التدريب يحتاج لوقت، وللزمن تأثير كبير في نضوج آراء المراهق وبلوغه سن الرشد.
[email protected]
أضف تعليق
التعليقات
شكرا كثيرا على هده المعلومات
شكرا كثيرا على هده المعلومات