سؤال:

إبنتي جيل 13.5 عاما. بينما كانت تكتب في دفترها خواطر يومية فاجأها أبوها بوقوفه فوق رأسها يقرأ ما تكتب. إختطف منها الدفتر غاضبا.

قلّب صفحاته ورأى تسجيلات أسماء جميع أبناء صفها. كتبت بجانب كل اسم فتى وصفا. سجلت ببعض الصفحات تجربة لنزهة لها في الطبيعة مع أحد الفتيان. وصفت خلجات قلبيهما أثناء النزهة.

علا حنق أبوها فمزّق لها الدفتر وضربها ضربا مبرحا عقابا لها على ما كتبت. توعّدها مهددا بأقصى العقوبات إذا عادت لكتابة "مهاتراتها المشينة وغير الأخلاقية" – حسب وصفه-. أخذ منها وعدا بتحريم كتابة خواطرها على أي نوع من أنواع المذكرات.

سؤالي هو هل بمقدورنا منعها من الكتابة؟ هوايتها المفضلة هي التعبير والكتابة. ماذا يمكنني أن أفعل؟

الجواب:

عزيزتي الأم. إن ما استفزك للاستشارة هو حسك بدورك الهام. الظاهر بأن أباها لا يعرف عن تلك المرحلة الحساسة من عمر الفتيان والفتيات. ما يهم الآن هو توسيع معرفتك عن تلك المرحلة لاستدراك تبعات ما حدث لزوجك ولابنتك. يمكنك المساعدة بعد فهمك خصائص تطور ابنتك المراهقة.

ما هو سبب انفعال الأب وغضبه؟

لا شك بأن ما قرأه الأب من عواطف في دفتر مذكرات ابنته أقلقه وفاجأه. هو لا يزال يرى بابنته الطفلة الوديعة التي لا تفهم من أمور الحياة أو الحب والعواطف أي شيء. هو منهمك بانشغالاته ولم يلاحظ التغييرات التي تمر بها ابنته المراهقة. صدمته كتابتها ودخل في دوامة خوفه على سمعتها وقلقه عليها من الانزلاق العاطفي الذي يمكن أن يشكّل على مستقبلها خطرا. لم يشاركها تقلبات مراحل نموها ليتعرف على حقيقة مرحلة المراهقة العاطفية الطبيعية. تقربه منها كان سيساعدها على مشاركته، مصارحته وأيضا مكاشفته. الاتصال الدائم يساعد على فهم واحترام تقلباتها العمرية المرحلية.

هل يتميّز المراهق بيقظة عاطفية نحو الجنس الآخر؟

بالطبع نعم. تلك هي مميزات خصائص فترة سنوات المراهقة. الاهتمام العاطفي بالجنس الآخر والميل للتقرب منه. نيل استحسانه بمظهره، أناقته، جاذبيته... هي من المسائل التي تشغل باله وتهمه. هناك مجتمعات تسمح للمراهق بالاختلاط، التعلم، والمشاركة الاجتماعية بالجنس الآخر والتعامل معه بأسلوب طبيعي عادي وهناك مجتمعات تمنع الاختلاط وتحرّمه. لا شك بأن التربية المتفهمة لمميزات خصائص مرحلة المراهقة والمتغيرات التي يمكن أن يمر بها المراهق لها دور هام في مسألة عبور المراهق مرحلته العمرية بوعي من غير الوقوع بمشاكل مصيرية غير مستحبة. تقبّل المربي لبعض أنماط سلوك جديدة يتميز بها المراهق مسألة إيجابية تساعده على وعيه الذاتي الانفعالي. أما منعه، نقده السلبي، فرض تعليمات قسرية وقهرية... يزيد من انفعالاته السلبية، يدفعه للانشغال بكذبات أو بتجنيد معظم طاقاته للمحاربته وكسر الآخر وليس بالتعامل الإيجابي معه.

هل بمقدور الوالدين منع المراهق من التخيل أو التوقف عن الاحساس؟

بالطبع لا. إن الأب الذي قام بتمزيق دفتر الفتاة المراهقة وفرض عليها عقوبة تحريم التعبير الكتابي أظهر سلطة تربوية جاهلة وغير متروية. إن الفتاة المراهقة كانت تمر بتجربة عاطفية طبيعية وقد وثّقتها بكتابة أدبية ابداعية. الكتابة هي عملية تنفيس للمشاعر وتفريغ عاطفي إيجابي.

ليس باستطاعة أي انسان أن يتحكم بخيال المراهق وبما يدور في خلده أو يشعر به. ضربه لها لا يوقف حاجاته العاطفية الطبيعية وإنما يسيء لرؤيته نحو ذاته الانسانية السامية ويضعف من ثقته بنفسه. لو أن الفتاة شعرت بأمان واطمئنان نحو أبيها|أمها لشاركته|ها تجربتها العاطفية التي كانت تمر بها بحرية من غير خوف أو قلق. الكتابة الذاتية وتسجيل الخواطر لا تمس بشرف البنت أو بأخلاقها. من المسموح للمراهق التعبير عن مشاعره شفاهيا أو كتابيا.

التربية الإيجابية هدفها منح المراهق الشعور بالثقة بالنفس واحترام حاجاته العاطفية لتدريبه على كيفية التعامل معها. ضرب المراهق وقمعه بسبب سلوك بشري طبيعي يجعله مسلوب الارادة، يعمل ما يحتاجه بالخفية والسرقة، يحاول قهر المسؤول التربوي والكذب عليه. ربما في فترة متأخرة لاحقة يشعر بعذاب تأنيب الضمير فيعمل على جلد ذاته بسبب طبيعة انسانية تلقائية يمر بها كل انسان في جميع أنحاء العالم ومن أي جنس كان.
تتمة البحث بالسؤال يتبع في الأسبوع القادم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]