سؤال: أنا ( 20 عاما) حامل وللمرة الأولى. أتمنى أن أعطي لمولودي القادم أفضل تربية. أعلم بأن الاعتناء بصحته حاجة هامة. أعرف بأن القصة ضرورية ولكنني أشعر بالحرج عندما أفكر بأنني سوف أسرد لرضيعي قصة من كتاب. هل يحتاج الرضيع لقصة؟

الجواب:

أحترم سؤالك وأقدر اهتمامك بمولودك القادم عن قريب. لا شك بأن من أهم حاجات الوليد في تلك المرحلة، هو العناية الصحية . لا شك بأن تزويد الرضيع بالغذاء، الاهتمام بنظافة جسمه وسلامته حاجة أساسية، ولكن التحدث إليه، مداعبته الشفاهية وسرد قصة له من كتاب لا تقل أهمية عن حاجاته الفسيولوجية.

لماذا يغلبني الحرج عند التفكير بسرد قصة للرضيع؟

هناك كثير من الأمهات اللواتي تشعرن بالحرج أو تعتقدن بأنه من المضحك أن تسرد قصة من كتاب أو تقوم برواية قصة شفاهية لرضيع. من أهم الأسباب هو عدم تجاوب الرضيع الجسماني معهن. هو لا يظهر أية إشارة تدل على تواصله بهن. نعم إن الرضيع في الأيام والأسابيع الأولى من مولده لا يبدي رد فعل ظاهر لمثل تلك الفعالية، ولا يحاور أو يناقش، ولكنه مخلوق كامل المقدرات، له مزاجه، بمقدوره الاصغاء، الانفعال... من اليوم الأول من مولد الطفل يتميز بحب الاستطلاع واللهفة على التعلم عن محيطه وبيئته القريبة بواسطة حواسه المختلفة. حاسة سمعه يقظة مترقبة وتطلب الاشباع.

لماذا سرد قصة للرضيع؟

كل صوت يحدث من حول الرضيع يستفز انتباهه. صوت أحد الوالدين له وقعه الخاص على مشاعره. إثارة حاسة سمعه برواية قصصية أو مداعبة ترقيصية، إيقاعية، سجعية، شفاهية وقصيرة تدغدغ مشاعره وتثير حاسته السمعية. التحدث إليه، السرد والمداعبة الشفاهية، بلغة عربية راقية وجميلة يجعله يشعر بالاطمئنان والسكينة. هذا عدا عن أهمية دور القصة في إثراء معجمه اللغوي وزيادة مفرداته وتنوع مرادفاته.

إستماع الرضيع لأصوات أفراد العائلة حين يتحدثون إليه يعمل على توثيق روابطه الاجتماعية. أما عند التحدث إليه أو سرد قصة له يعمل على توثيق علاقاته العاطفية بالراوي أو بالمتحدث إليه.

لا حاجة لتغيير نبرة الصوت عند التحدث للطفل أو التكلف بنبرة مغايرة لطبيعة صوت الوالدين عند السرد. من المريح لسمع الرضيع الصوت السردي، الطبيعي، اللطيف والتلقائي. لا مانع من أن يعتمد الراوي تقليد بعض أصوات لحيوانات لها علاقة بالمضمون السردي، ولكن لا حاجة للمبالغة أو الخروج عن الصوت الأصلي. إن الحاسة السمعية عند الرضيع تتميز بيقظتها وسهولة إثارتها، فالمداعبة الشفاهية الغنائية والقصيرة أو السرد القصصي الجميل حاجة عاطفية مطمئنة.

هل من أبحاث تثبت فوائد السرد القصصي المبكر؟

لقد أثبتت الأبحاث والدراسات التربوية الحديثة، بأن الطفل الذي اعتاد الاستماع لسرد القصص والمداعبات الشفاهية المغناة، في مراحل طفولته المبكرة، قد سبق أترابه من الأطفال في السنوات المتقدمة، وأظهر تفوقا لغويا وقدرة على التعبير عن آرائه وأفكاره بصورة متميزة عن باقي أطفال جيله. إن استماعه لسرد القصص أغنى قاموسه اللغوي وزوده بأنواع تجارب حياتية أثرت خبراته الاجتماعية والعاطفية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]