سؤال:

إبنتي عمرها 2.5 عاما. هي متقلبة المزاج ولا تثبت على حال. إعتادت أن تطلب فألبي. تعترض فألبي إلى أن أفقد أعصابي. أنا لا أعرف كيف أتعامل معها. لماذا وكيف أعاملها؟

جواب:

سلوك طفلتك يفاجئك. أنت لم تتوقعي منها هذا التغيير السريع. لقد كانت طفلة مطيعة ووديعة. تقدمين لها خدماتها، تلعب قليلا ومن ثم تنام. أما اليوم وبعد أن تطورت شخصيتها ونضج جسمها لم تعد تلك الطفلة المتلقية، الساكنة والوديعة. هي ليست الوحيدة بين الأطفال التي تتميز بتلك الحالة التي تصفينها بالمزاجية. كل طفل وعند انتقاله من السنة الأولى للسنة الثانية لا بد لكثير من تغييرات في سلوكه وتحركاته.

ما هو هذا التغيير؟

أصبحت لغته غنية بمفردات تساعده على التواصل. أصبح بمقدوره استخدام صيغة السؤال، الأمر والنهي كما الكبار. هو بمقدوره اليوم تقليد سلوك ولغة النماذج العاطفية المحيطة به، مثل أمه، أبيه، جده وجدته... لقد تطور جسمه ولم يعد اتكاليا أو بحاجة لمساعدة الغير. أصبح بمقدوره التحرك والتنقل بحرية وبكثير من استقلالية وثقة بالنفس. أما عقله فيحتاج لكثير من استكشاف ومعرفة. بسبب تطوره أصبح بمقدوره الاستطلاع والتعلم. هو يسأل كثيرا ويحتاج لأن يعرف عن محيطه أكثر.

جميع تلك المتغيرات لم يتوقعها محيطه الاجتماعي ولم يتعلم عنها أبواه. كثير من الآباء يصفونها بالمزاجية وغيرهم يصفها بالعناد وآخرين يصفونها بالأنوية وهو تغيير طبيعي. كل ما يحتاجه هو تغيير أساليب تعامل اآخرين معه ليتناسب مع خصائص تلك المرحلة العمرية الهامة في تطوير شخصيته وتقديره لذاته.

هل التوتر بين الطرفين حتمي؟

بالطبع نعم. كثيرة هي حالات التوتر بين الطفل والوالدين. أهم أسبابها هي تضارب جدول أعمالهما. الطفل يحتاج لكثير من تحرك واستكشاف والأهل غير مستعدين لمثل ذلك النشاط غير المتوقع. هو يحتاج وقته والأبوين لا وقت لديهما لتضييعه عليه. هو يحتاج لأن يسأل ويكرر والأبوان لديهما انشغالاتهما التي لا تنتهي. يضيق صبرهم من جشع ذلك المخلوق المحب للمعرفة والتحرك المتواصل. هذا التضارب يسبب للطرفين الكثير من التوتر والغضب. ذلك التغيير يحتاج لكثير من طاقة. ثقل أجسام الكبار للتحرك الدائم والسريع من جهة ونشاط الطفل وخفة جسمه من جهة ثانية. هو يريد أن يمسك، يركض، يصعد، ينزل... وهم يريدونه مطيعا، مستجيبا وأحيانا كثيرة الجلوس ساكنا.

ما هو الأسلوب التربوي المناسب؟

أول تلك الأساليب هو توقع ذلك التغيير واتخاذ القرار بتغيير التوجه التربية الماضي. التعامل التربوي المناسب في تلك المرحلة هو بالتركيز على امتداح وتشجيع على كل سلوك مستحب يقوم به الطفل وتجاهل- لا للانتقاد، المنع غير الواقعي، الانفعال السلبي والعصبية- كل سلوك غير مستحب.

نعم للسماح له بالتحرك والبحث الحر لاكتساب خبرات ومعرفة. من الضروري مداومة مراقبته وذلك فقط لأجل وقايته من المخاطر. نعم للتحدث إليه عن كل ما يقع بين يديه- تسميته، وظيفته، مخاطره...-. لا للتأفف ونعم للمنع فقط عند الخطر. المنع هنا يعمل على تدريبه على عدم النق حين لا لزوم للنق.

يستنتج ذلك لأنه ومن تجاربه الماضية كان قد حصل على كل شيء طالما هو بحاجة إليه. لا لتكرار (لا) لأنها تجعل الطفل يستهتر بها أو تزيد من عصبيته ونفوره من أهله. لكي يميز بين المنع الحازم والضروري يلزمه الكثير من المسموحات التي هي حاجة مثل، المعرفة عن طريق التحرك المستمر، الإمساك بكل شيء يقع تحت يديه لاستكشافه، النشاط الرياضي بمساحات واسعة للتنفيس عن ضغوط الممنوعات.

وأخيرا ومن الضروري التركيز على سرد القصص المناسبة له. هو يحتاج لبطل قصصي يشبهه كي يتمتع بأحداث قصته. أهمية البطل القصصي هو بأنه نموذجه العاطفي الإيجابي الذي يتعلم منه الكثير ويكتسب من تجاربه الخبرات. كثيرا ما تقوي القصة مناعته وتزيد معرفته.
وأخيرا أتمنى لجميع قرائي من عائلات الطائفة الشرقية عيد ميلاد مليئ براحة البال والفرح.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]