يطل الإعلامي محمد أبو عبيد يوميًا على المشاهدين في العالم العربي عبر برنامج "صباح العربية" دون ربطة عنق وإبتسامة دائمة جعلته يكسب ، خلال زمن قياسي، إعجاب ومحبة المشاهدين، كما تميّز أبو عبيد كونه المذيع الشاب صاحب الشعر الأبيض والذي يظهر بمظهر الإعلامي المثقف والرزين أمام الكاميرا .
محمد يكتب الشعر ويعتبر المرأة واللغة هما قضيتيه اللتين يناضل من أجلهما، ويكافح من أجل تحرير النساء من شريعة "ذكورابي".
مراسلنا التقى الفلسطيني المميز محمد أبو عبيد في منزل عائلته في محافظة جنين وعاد لكم منه بالأتِ:
محمد أبو عبيد ملقب بنصير "المرأة واللغة"، كيف تنتصر للمرأة واللغة في وقت نجد أن المرأة نفسها لا تعرف أن تنتصر لنفسها واللغة في خبر كان وخصوصا لدى الجيل الجديد، بمعنى أن قضيتك خاسرة؟
ابو عبيد: إذا كانت المرأة تعرف أن تنتصر لنفسها فهي ليست في حاجة إلى محمد أبوعبيد ولا إلى أمثاله . إنها ,إذنْ في أحسن حال .وثمة نساء نجحن في ذلك . أما أنا فأناصر المرأة المظلومة المقهورة المقموعة وسأبقى مناضلا مكافحا في سبيل عتق المرأة من شريعة"ذكورابي" ولا يهمني ما يتهمني البعض به، أما بخصوص اللغة فسأبرهن لك ان قضيتي غير خاسرة، والدليل اني عبر صفحتي على الفيس بوك اواظب على توظيف اللغة في كثير من كتاباتي وردودي لدرجة ان الكثير من اصدقائي على صفحتي يتجاوبون معي ويكتبون لي باللغة الجميلة..هذا مجرد مثال بسيط، عموما اللغة العربية هي قضيتي الثانية من بعد المرأة .
أعتمد على خطة مدروسة في مسيرتي الإعلامية...
عن وصوله إلى قناة العربية بسرعة "البرق" ورحلته الإعلامية التي انطلقت من شاشة "وطن" الفلسطينية واستقرت اليوم في "صباح العربية" قال:"المشوار لم يكن سهلاً والفرصة بإطلالتي عبر شاشة العربية لم يكن صدفة كما يبدو للبعض ، فإنني أعتمد على خطة مدروسة منذ بدايتي وقد مارست العمل الإعلامي عبر شاشة وطن الفلسطينية بالفعل لكن اتصالاً من صديق قديم غير مسارها ، فقد طلب مني هذا الصديق أن أسافر إلى دبي لأعمل في إذاعة "العربية" وهي إحدى الإذاعات التابعة لحكومة دبي ، وقد أبديت قلقي من السفر إلى هناك لأن دبي حينها ، عام 2000 ، لم تكن كما اليوم ، لكنني قررت السفر لأجرب العمل هناك لمدة عام واحد وإن لم أجد الأمر مناسبًا أعود إلى قواعدي بلا خسائر ، ولكنني ، بحمد الله ، أحببتُ العمل هناك وتطورت الأمور حتى نقلت شبكة قنوات "إم بي سي" مكاتبها من لندن إلى دبي وأطلقت من هناك قناة "العربية" التي ما أن طُلبت لأكون بين صفوف العاملين فيها حتى قبلت فورًا ، وها أنا اليوم ، أقدم برنامج "صباح العربية" منذ سبع سنوات بالإضافة إلى بعض نشرات الأخبار أيضًا..
بين تقديم نشرة أخبار وتقديم برنامج صباحي منوع، ما الفرق؟
ابو عبيد: في نشرة الأخبار لا تظهر شخصية المذيع الحقيقية. إنما كفاءته الأدائية واللغوية والحوارية لذلك ينجو من أحد حُكْميْن:خفيف الظل أو ثقيل الدم، بينما في البرامج الصباحية وغير الصباحية المنوعة لا ينجو المذيع منهما نظرا لظهوره بشخصيته الحقيقية، لكن ذلك لا يعني ان الكفاءات سالفة الذكر غير مطلوبة..ناهيك عن أن الابتسامة تظل رفيقة المذيع في البرامج المنوعة ومتحررا من ربطة العنق، في المقابل لا يجور لمذيع الاخبار ان يبتسم على وقع اخبار التفجيرات والضحايا والمآسي.
عادة يطمح مذيع نشرة الأخبار ان يكون لديه برنامج سياسي خاص به. كأنك اكتفيت بتقديم "صباح العربية"؟
ابو عبيد: هناك فرق بين اكتفيت به واكتفيت منه. لذلك أنا اكتفيت به حالياً لاني لم اكتف ِ منه بعد، أي لم اشبع منه حتى اللحظة، وأنا صراحة لا أميل إلى ما أسميه بالمذيع الموسمي...أي الذي نراه كل فترة في برنامج مختلف، في الغرب نرى المذيع يقدم برنامجه لأكثر من عشرين سنة، مع ذلك ارغب منذ عقد من الزمن في تقديم برنامج سياسي اجتماعي ساخر.
مناداتك بحقوق المرأة وتصريحاتك النارية، أهي محاولة للفت الأنظار إليك ارتكازًا على مبدأ "خالف تُعرف"؟
ابو عبيد: قطعًا لا، فأنا معروف بأنني جريء وغير مبالٍ بما ينسجه المجتمع من عقد وقيود حول الأشياء والقضايا ، ومناداتي بحقوق المرأة هو سعي للفت الأنظار اليها لا إلى نفسي..لكن التحصيل الحاصل هو التفات الناس إلى من يسعى الى لفت انظارهم نحو مسألة ما، وفي حالتي هي مسألة المرأة بالمحصلة لا يهمني من يشكك في مسعاي ما دمت مخلصا فيه ومؤمنا، أما فيما يخص تصريحاتي التي وصفتها بالناريّة أنا لا أجد بها أي مشكلة وأعتبرها جريئة لا نارية وتعبر عني وعن مكنوناتي بشكل أساسي.
اليوم، وبعد وصولك لمصاف الإعلاميون النجوم كيف تقيّم تجربة الإعلام الفلسطيني..؟
ابو عبيد: برأيي، هناك إعلاميون فلسطينيون لكن لا إعلام فلسطيني بالمعنى الصحيح ، فكوادرنا وطاقاتنا لا تجد نفسها أو تحقق ذاتها خارج حدود الوطن ، كما أن لي عتب كبير على الجهات المسؤولة في البلاد لأنها لا تهتم بأبنائها ، فكل زملائي الإعلاميين من الدول العربية المختلفة تجدهم يكرمون ببلدانهم وتجد الصحف الخاصة ببلدانهم تضمهم و"تنجّمهم" أيضًا، لكنني مثلاً أعتبر نفسي قد رفعت رأس فلسطين بأدائي الإعلامي لكنني قلما أجد أي تقدير من الجهات المخولة لذلك ، حتى أنني ما أن وصلت إلى البلاد هذه المرة حتى كتبت على صفحتي في الفيسبوك :"إنها بحق المرة الأولى التي أشعر بها أن بلادي تحتضنني"، نظرًا للتحسن الكبير الذي طرأ في هذا المجال حيث تلقيت هذه المرة الكثير من الدعوات لإلقاء محاضرات في مجال الإعلام أو حتى دعوات للتكريم وهذا أمر يثلج الصدر حقًا...!
هل تشتاقُ فلسطين خلال وجودك في دبي...؟
ابو عبيد: صدقني عندما أقول أنني كلما ابتعدت عن فلسطين رأيتها أجمل فإنني أحب فلسطين بمعناها الوجداني والوطني ، لكنني لا أزال على صدام مع العلاقة الفكرية مع اهل هذا الوطن، فإنني اطمح دوما ان نبدأ بتأسيس مجتمع مدني يبمارس الحرية ويحترم الآخر على هذه الأرض، واطمح نحو انقلاب اجتماعي يحولنا إلى مجتمع أنضج حضاريًا، فأنا طبعًا أشتاق فلسطين كما أحب أن أراها ، وجرحي يزداد على ان الوطن لا يزال سليبًا والاحتلال الفكري يطغى على عقول الكثيرين هنا، وإنني آمل أن يفهم القراء أنني لا أقول هذا الكلام إلا من منطلق أن العتب على قدر المحبة..
ها قد شارفت على بلوغ العقد الخامس من عمرك ، هل سيشهد هذا العقد ديوانك الشعري الأول...؟
ضحك ابو عبيد وقال:"إنني آمل وأتوقع أن يكون عقدي الخامس هو عقدي الأدبي ، لكنني أعمل على أن أقرأ وأطالع كثيرًا حتى أتأكد من اختمار لغتي الشعرية فقد بتُّ ألاحظ أن كل من هبّ ودبّ صار يكتب جملة أو أثنتين غير مفهومتين ويلقب نفسه شاعرًا ويعيش معتقدًا أنه "درويش الجديد"...! ، بالنسية لي فإنني لا أود أن أكون واحدًا من ضمن هؤلاء وأسعى إلى أن أكون مميزًا كشاعر وأن أضيف إلى مسيرتي في الحياة خطوة أكون فخورًا بها..
[email protected]
أضف تعليق