سؤال:

أنا أم لأربعة أطفال. إبني البكر يبلغ من العمر 9 سنوات. الإبنة الثانية 7 سنوات، أما الثالثة فتبلغ سنة ونصف. قبل 3 أيام رزقنا بمولود جديد. إبنتي الصغيرة متعلقة بي جدا من قبل الولادة. في فترة مكوثي في المستشفى بقيت عند أهلي. عند رجوعي للبيت لم تقترب مني وطوال الوقت كانت تبكي ولا تريد أن ترى الطفل. اخذتها أمي مرة ثانية لتبقى معها في بيتها. إنني متعبة نفسيا جدا. لا أعرف ما الأفضل لها لأني لم اتوقع منها بتاتا ذلك. هل من الأفضل أن تكون بجانبي طوال الوقت أم ماذا؟ أرجو مساعدتك وشكرا .

الجواب:

عزيزتي،

تحياتي ومبروك لكم المولود الجديد.

هل بكاء الطفلة الصغيرة ورفضها الرضيع حالة طبيعية ومتوقعة؟

بالطبع تلك حالة طبيعية ولا للقلق. لا تستعجلي على التنظيم وعودة الحياة لما كانت عليه من قبل. تشعر طفلتك بغيرة وقهر. هي تمر بمرحلة غير مريحة. لقد كانت الطفلة الصغيرة المدللة وإذا برضيع يأخذ منها أمها ويجعلها تبعد عنها لتنام معه في المستشفى وتعود للبيت أيضا معه. شعور بغيرة من ضرة تدخل بيتها لتنافسها على أمها. رد فعلها طبيعي وتلقائي. التعبير عن مشاعر سلبية هو حاجة ملحة لتخفيف بعض من ضغوطها الجديدة المرحلية. لا لإلزامها أو الضغط عليها للتقرّب في المرحلة الحالية. نعم للسماح لها بالتعبير عما تشعر به من غيرة وقهر. لا لانتقاد مشاعرها أو سلوكها الحالي. كلما تجاهلت العائلة رد فعلها السلبي الذي يعكس غيرتها كلما خف تراكم ضغوطها. تصحيح ردود فعلها أو تأنيبها يجعل من غيرتها نار كاوية لها ولمحيطها.

ماذا تحتاج طفلتك الآن؟

عدا عن التنفيس العاطفي والتعبير عن مشاعرها السلبية تحتاج لاستعادة شعورها بالطمأنينة بحضنك الدافئ. كلما كان جسمك مرتاحا أكثر كلما استعادت طفلتك أمانها. ارتياحك الجسدي يجعلك أكثر صبرا وعطاء. هي تحتاج لغمر وضم كلما سنحت لك الفرصة بضمها وتغنيجها.

من المهم أيضا لها توفير بيئة آمنة لفعاليات حركية وأنشطة رياضية. كلما تحركت وتفعلت كلما خفت تراكمات مشاعرها من الغيرة الضاغطة.
المهم ألا تشعر طفلتك بقلقك أو بعصبيتك. خصصي لها بعض الوقت ولوحدها -من غير وجود الرضيع- كي لا تشعر بغيرة سلبية. والدتك تعتني بالرضيع أثناء تواجدك معها تلعبان، تسردي لها قصة، تتنزهان، تتعاونان على عمل فطيرة تحبها-. من المهم أن تشعر بأنك ما زلت لها وبأن حضنك ما زال كما كان دافئا ومريحا. ما يساعدها أيضا هو مشاركتها لك ببعض خدمات للرضيع تقوم بها معك عند استحمامه مثلا أو عند رضاعته تقص له قصة أو تغني له...

هل يفيدها وجودها مع والدتك في المرحلة الحالية المؤقتة وماذا عن رعايتك لذاتك؟

أنت تمرين بحالة جسدية غير مريحة. تعب الولادة في المرحلة الحالية له تأثير كبير على مستوى قدرتك على العطاء وتقديم الخدمات لجميع أفراد عائلتك. هذا عدا عن ضغوط مشاعرك. قلقك على طفلتك، مسؤولياتك العائلية وواجباتك الخدماتية... ما يهم الآن هو توفير الراحة الجسدية لك لتتمكني من تحمل مصاعب ومسؤوليات المرحلة الحالية. إن كان وجود طفلتك الصغيرة عند الوالدة يساعدك على التوفيق بين جميع تلك الصعاب فلا ضرر عليها. كلما شعرت براحة جسدية وعدم قلق – بوجود طفلتك عند والدتك- كلما كان بمقدورك مضاعفة عطائك لجميع أفراد عائلتك ولطفلتك الصغيرة خصوصا.

تحتاج طفلتك لرعاية واهتمام ووالدتك غير مقصرة بهذا. تحتاج لأمان واطمئنان بحضنك الدافئ- يخفف من غيرتها- فلا تحرميها ذلك عند شعورك بالارتياح جسديا. قلقك لا يساعد بل يضر. فلتسمحي لتلك المرحلة المؤقتة بالمرور ولتتقبلي انفعالات طفلتك الطبيعية المرحلية كي تعود حياة عائلتك لاستقرارها الطبيعي. من المهم أيضا لك بعض الاعتناء بذاتك التي تحتاج أيضا لدلال واهتمام. لا تقصري بالجانب العاطفي الذي يخص احترامك وتقديرك لذاتك. كلما راعيت ذاتك كلما انعكس على عائلتك بالخير والحب.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]