بريشته وألوانه يرسم محمد سباعنة كاريكاتيرا حول التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة والثورات الشعبية ضد الاحتلال والاستيطان والتي يطلق عليها الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة بالربيع الفلسطيني، ويؤكد سباعنة أن فن الكاريكاتير لعب دورا كبيرا في ثورات الربيع العربي.
ويضيف "تعتبر الرسوم الكاريكاتيرية فن بحق وحقيقة، فهي بطريقة فنية تعبّر عن موقف ما، سياسيا كان أم اجتماعيا، أو حتى إنسانيا! يسود الاعتقاد ان الرسوم الكاريكاتيرية تعبّر عن رأي الشارع في أي دولة كانت، إذ يستمد الرسام إيحائه له من نبض الشارع، ومن مواقف أصدقاءه وأقرباءه وأبناء شعبه، ليعبّر عنها عبر ريشته الفنيّة، وقد تكون لهذه الريشة دورا هاما في إقناع الآخرين بالموقف الذي يعبّر عنه هذا الفنان".
الكاريكاتير وفلسطين
ويشير سباعنة أن "رسوم الكاريكاتير تعكس مدى نهضة هذا الشعب ووعيه وقدرته على استيعاب الرأي الآخر ومدى اتساع هامش الحرية عند هذا الشعب وهذه الأمة، والتوجه العام للشعب نفسه، هل يميل الشعب للعنف، أم متحضر ومثقف وما شابه، الكاريكاتير يعكس للشعوب الأخرى جزء كبي رمن هذه الصورة، وأن هناك العديد من القضايا التي يمر بها الوطن العربي كالثورات العربية والقضية الفلسطينية، المواقع والصحف الأجنبية تتناول الكاريكاتير الأجنبي بمدى دعم الشارع أو الشعب لأي قضية كانت، فقضية إعلان استحقاق أيلول على سبيل المثال، الكثير من الصحف الأمريكية كواشنطن بوست ونيويورك تايمز كانت تعرض كيفية تناول الكاريكاتير الفلسطيني لهذا الموضوع هل هي تؤيد أو تعارض، حتى المواقع الإسرائيلية كانت تحاول التركيز على ذلك لتتحدث عن رأي الشعب الفلسطيني في استحقاق ايلول، ومنها أنهم أخذوا رسوماتي وحللوها".
ويؤكد سباعنة أن هناك جدلية كبرى هل يمثل الكاريكاتير رأي الشارع أم رأي الرسام الذي قد يتوافق أو يعارض الشارع فحسب. مؤكدا: "هذه جدلية كبيرة لا يمكننا أن نبت فيها"!
ويحدثنا عن دور رسّامو الكاريكاتيرات المصرية في الثورة المصرية والإطاحة بنظام مبارك ويقول: "الكاريكاتير المصري، كان جزء من الرسامين معارضين للثورة ويدعمون الرئيس مبارك، هذه الأصوات انتهت فيما بعد الثورة! وبعض رسامي الكاريكاتير في مصر كانوا معارضين لنظام مبارك حتى من قبل الثورة، ونحن في زمن الإعلام المفتوح والشبكات الاجتماعية، فبات لرسام الكاريكاتير قدرة أن يصل لجمهوره بسهولة أكبر، وأن يؤثر أكثر على الجماهير عامة. ومدى تأييد الشارع لرأي الرسام يحدد مدى شهرته. فكانت الكاريكاتيرات المؤيدة للثورة والمحفزة لها، تنتشر بشكل أكبر من الكاريكاتيرات المؤيدة لنظام مبارك"!
الكاريكاتير والثورات العربية
ويشير سباعنة أن كاريكاتيرات رسّامي الكاريكاتير المصريين كدعاء العدل وعمرو عكاجة ومحمد السعيد، الذين عارضوا النظام حتى قبل الثورة، وواصلوا بهذا الخط خلال الثورة، كان لهم دور كبير في نجاحها وتجنيد المواطنين لدعم هذه الثورة والإطاحة بنظام مبارك مؤكدا: " الدور الأكبر كان لرسامي الكاريكاتير في مصر".
أما في سوريا فيقول سباعنة أن الوضع يختلف، ويحدثنا عن طريقة تعامل النظام السوري مع رسّامي الكاريكاتير السوريين، أمثال علي فرزات، وهو أحد أشهر رسامي الكاريكاتير العرب عامة، فيقول: "علي فرزات هو رسام كاريكاتير من المعارضين للنظام السوري حتى قبل الثورة وعمل على التحريض أيضا أثناء الثورة، فتم اختطافه وتكسير أطرافه (يديه ورجليه) لأنه كان يرسم ضد النظام السوري، هذا كمثال لرسام كاريكاتير يعارض! وكذلك في اليمن تم اعتقال كمال شرف لكونه معارضا للنظام اليمني، وأطلق سراحه فيما بعد. والآن يتماثل علي فرزات للشفاء وعاد الى الرسم، علما أنه من ابرز رسامي الكاريكاتير العرب على المستوى العالمي".
اما حول مشاهد في الأيام الأخيرة لاعتقال ومقتل الرئيس الليبي معمر القذافي على أيدي الثوّار، وتجليها في رسوم الكاريكاتير فيقول سباعنة: "ما يحدث حاليا في ليبيا هو موازاة لسلوك القذافي وهذا أرفضه".
الكاريكاتير والأسرى
أما بما يخص كاريكاتير قضية إطلاق سراح الأسرى وقضية شاليط واستحقاق أيلول، فتبدو جميع هذه القضايا بارزة في رسوماته، بحيث يظهر في أعماله الأخيرة موقفه المؤيد لمعركة الأمعاء الخاوية التي خاضها الأسرى الفلسطينيون في السجون الاسرائيلية، وكذلك موقفه الذي يعبّر عن رغبة الشعب بتحرير جميع الأسرى الفلسطينيين الباقين في السجون الإسرائيلية، في حين يبدو استحقاق أيلول كخطوة هامة وضع فيها الشعب الفلسطيني الضمير العالمي عند نقطة تحوّل هامة".
ويحدثنا سباعنة عن ذلك قائلا: "لدينا مشكلة بالقضية الفلسطينية أنها لم تعد محور القضايا العربية، حاليا هناك قضايا عربية أخرى، فكل بلد عربي فيه حراك داخلي، فبات الكاريكاتير العربي موجه لقضايا قطرية تخص كل دولة ودولة عربية".
ويتابع حديثه قائلا: "نحن شعب من واجبه أن ينتصر، ولكن ليس من حقنا أن نفرح بانتصاراتنا، فإذا كان البعض قد دعاها (صفقة شاليط) انتصارا، فلا يزال 5000 أسير في السجون ويجب علينا تناول قضاياهم هم أيضا، وتناولت قضية شاليط وإضراب الأسرى عن الطعام كشرارة لقضية المعتقلين لزيادة تفاعل الناس معها. ففي إضراب الأسرى كنت كل يوم أرسم لوحة أو اثنتين عن الموضوع.... علينا أن نعمل على رفع الوعي بما يخص الأسرى الذين سيبقون في السجون!! فقضية الأسرى الذين لم تشملهم الصفقة، هذا أمر يؤخذ علينا! في محصلة كل الموضوع، إذا تناولنا الصفقة بمعزل عن باقي القضايا فهي نصر للفلسطينيين".
الكاريكاتير تاريخ...
ويستذكر سباعنة تاريخ الكاريكاتير ويقول إن ناجي العلي، يعتبر أكبر رسّام كاريكاتير فلسطيني دون أدنى شك، وهو علامة فارقة في تاريخ الشعب الفلسطيني، والذي جعل من حنظلة علامة ورمز لشعب فلسطين أجمع... ومنذ استشهاد ناجي العلي، يستخدم العديد من رسامي الكاريكاتير "حنظلة" في لوحاتهم وقد يكون ذلك في محاولة لتنصيب أنفسهم ربما كخلفاء للعلي، وهذا ما يرفضه سباعنة قائلا: "ما قدمه ناجي العلي، وثمنا بروحه وشخصه، إيمانا بقضيته، لم يقدمه أحد إيمانا للقضية التي يرسم عنها! من وجهة نظري كل فنان ورسام وكاتب وشاعر قد يكون خليفة لناجي العلي، ولكن لا يوجد خليفة واحد! بالتالي لا يمكنني القول أن فلان هو خليفة لناجي العلي، أو أن أنصب نفسي خليفة له، الجمهور هو الذي يحدد خليفة هذا الرمز".
ويردف: "قد أكون أعارض الكثير من رسامي الكاريكاتير الذين يستخدمون حنظلة في رسومهم لأنه لا يمكن أن تنصب نفسك خليفة له أو أنك ستواصل مسيرة هذا الانسان الذي قدم روحه فداء لهذه القضية".
وينهي سباعنة حديثه لموقع "بكرا" بالقول: "أتمنى أن نرسم كاريكاتيرات بفرحة إطلاق بقية الـ5000 أسير وعودة كل اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم وأتمنى أن تبقى رسومي تمثل رأي يتطابق مع رأي الشارع والشعب"…
[email protected]
أضف تعليق
التعليقات
مساء الورد وكمان انتي كل فلسطين فلسطين بوجودكم
محمد سباعنة الذي يتحفنا بهذا الفن العربي\ الفلسطيني \العالمي الكبير, ليست هناك كلمات تصف شكري وتقديري لعمله الرائع , قدما يا محمد والى الامام الموسيقية وفاء يونس شكر خاص للاخ نصار على هذا التقرير