هل بالإمكان فطام طفلتي من مصاصتها بدون عذاب لي ولها؟

سؤال:

أنا أم لطفلة بجيل 25 شهرا. هي ذكية وكثيرة الحركة وتشغلني معظم الوقت. هل هي اليوم بجيل يلزم أن أفطمها عن المصاصة؟ قلبي لا يطاوعني فكلما حاولت انتزاع المصاصة منها أضعف أمامها وأتعذب لأجل عذابها فأعيدها لفمها. ما هي نصيحتك التربوية لفطامها من غير آلام؟

جواب:

إنني أتفهم صعوبة ما تشعرين به. خاصة بالنسبة لعذابك لأجل عذاب طفلتك. تلك هي التربية لاستبدال عادة كانت في مرحلة عمرية حاجة عاطفية.

لماذا المصاصة؟

تلك هي المرحلة الفمية. من مرحلة الجنين وحتى مرحلة الرضيع. مص الطفل الرضيع هو استمرارية لعادة سلوك الجنين في رحم أمه. بعد الولادة يستمر الرضيع بتناول وجبته مصا وهو يستمتع بدفء أحضان أمه. أتت المصاصة لتعمل على تعزيته ولاستمرار شعوره باللذة من فعالية المص.

مع مر الأيام والشهور وبعد نبت الأسنان والذي يصبح حينها بمقدوره تناول طعامه بلا مص يزداد تعلّقه بالمصاصة فتصبح عادة عاطفية مهدئة خاصة عند شعوره بالتعب، النعاس أو المرض. مع مر الوقت يتعلق الطفل بها ويصعب عليه الاستغناء عنها خاصة قبل النوم.

كيف الفطام منها وفي أي جيل؟

في نهاية السنة الأولى وأثناء السنة الثانية يبدأ الطفل بتناول طعامه من غير حاجته للمص وذلك بعد نبت أسنانه. يأتي قرار الفطام من الأهل لأنه ليس بمقدور الطفل اتخاذه لنفسه. قرار انتزاع عادة عادة المص بالمصاصة يتخذه الأبوان في وقت يرياه له مناسبا. كلما طال زمن تعلقه بالمصاصة كلما زادت صعوبة فطامه. عند استعداد الطفل للنوم هو وقت الفطام الأصعب وأيضا عند توعكه الصحي.

لفطامه يمكن اختلاق بعض قصص درامية تتناسب مع مرحلته العمرية التي تتميز بالخيال. ربما يفضل بعض الأهل إعلامه مباشرة بفقدان المصاصة ويمكن أيضا اختلاق أي سبب درامي لفقدانها، مثل، ضاعت هيا نفتش عليها، ذهبت إلى بيت طفل صغير ليس لديه مصاصة، تعبت من المص وتريد أن ترتاح، تركت البيت لأنها لاحظت بأن صاحبها قد كبر ويمكنه الاستغناء عنها أو أرادت من صاحبها أن يتماثل بالماما التي لا تمص بالمصاصة أو أية شخصية عاطفية أخرى يفضلها...

هل يمكن فطامه من غير ألم وهل التراجع عن قرار الفطام يخفف من ألمه؟

بالطبع لا. ألم الفطام طبيعي ولا فرار منه. يصعب على الطفل تحمّل صعوبة الفطام لأن المص بالمصاصة هو عادة ممتعة له. ترك العادة هو كما الشعور بفقدان عزيز والافتراق عنه. فالتعبير عن وجع الفقدان هو سلوك طبيعي وضروري. البكاء وربما النواح لفترة زمنية قصيرة هو سلوك حتمي ولا بد منه. معاناة الطفل وفترة الصمود تتعلق بالفروق الفردية بين الأطفال. من الطبيعي شعور الأهل بالشفقة على الطفل ولكن الرجوع عن قرار الفطام هو عبارة عن وسيلة تعذيب إضافية وغير ضرورية. الحرمان من المصاصة في فترة لاحقة يصبح أصعب لأن احتمال استرجاعها يبقى واردا في ذهن الطفل وذلك بسبب تنازل أهله له أثناء تجربته الفطام السابقة.

هل من وسيلة تربوية إيجابية لتحمل صعوبة الفطام؟

التخلص من أية عادة سلوكية لا بد من أن يرافقها عذاب. على الأهل استخدام أساليب ترغيبية إيجابية لتشجيعه على التحمل والصمود خاصة في الفترة الأولى. لا بد من تعزيته ببعض تغنيج، غمر ودلال لاستمرار صموده. يستحسن الترغيب المشروط. أي وعده بمكافأة عند طلوع كل صباح طالما نام بلا مصاصة. أنصح بالتعبير له عن مشاعر تقدير وذلك لتمكّنه من تحمل صعوبة الفطام. يمكن أيضا مخاطبة دمية كُشْكُشْ القصصية على مسمع من طفلتك لترغيبها على الصمود: ( أنا مبسوطة من طفلتي كثيرا. أتعرف يا كُشْكُشْ لماذا؟ أصبحت تنام بسريرها مثلك من دون مصاصة. طفلتي كبرت وهي لا تمص بالمصاصة مثل الأطفال الصغار؟! أتعلم يا كُشْكُشْ بأنني أحضرت لها مكافأة ويوم غد أيضا سأحضر لها مكافأة أخرى و...).

دمية كُشْكُشْ القصصية تعمل على تعزيتها لأنها نموذجها العاطفي الذي تحب أن تقلد سلوكه وذلك لأنها تحبه. هي تحتاج لتنفيس عاطفي أثناء فطامها والدمية القصصية هي المتنفس والملجأ العاطفي.

إن الأنشطة المسلية تساعدها على الصمود على الفطام. أما الفعاليات الرياضية والأنشطة الحركية تشغلها فتنسيها عادة المص وذلك بسبب لهوها الممتع. الجهد الحركي والنشاط الرياضي يتعب جسمها أيضا فيجعلها تغرق بنوم عميق وبسرعة فيقصر من زمن معاناتها.

ملاحظة: في كتابي (نعم للتربية الإيجابية) المزيد من المعلومات وبعض نصائح إضافية.

تحياتي

إلهام

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]