تناقلت وسائل الإعلام المحلية نبأ مقتل المخرج والممثل الفرنسي الجنسية المقدسي النشأة فرانسوا أبو سالم، وكان لذلك النبأ وقع كبير على الحركة الثقافية الفلسطينية، لاسيما أن المخرج أبو سالم كان من مؤسسي المسرح الوطني الفلسطيني "الحكواتي، وأحد أهم رجالات الأسرة الثقافية.
الممثل والمخرج عامر خليل.. يتحدث عن نصفه الآخر
الممثل والمخرج عامر خليل الذي تتلمذ على يد أبو سالم الذي كان بالنسبة اليه "الأب والاستاذ والأخ والصديق.. فقال :"هو نصفي الآخر وعلاقتي به كانت متينة ومميزة تمتعنا بها على مدار 31 عاما".
ويقول :"لقد كان خبر وفاته قاس جداً عليّ، فقد اتصل بي واخبرني بأنه متعب فتوجهت فورا الى منزله في مدينة رام الله لكنه للأسف لم يكن موجودا وفتشت عنه لعدة ساعات ثم وجد ميتاً".
وأضاف :"هو من قام بتربيتي على الاعمال المسرحية منذ أن كان عمري 16 عاما، وكنت اشاركه في العروض والجولات، كما عشت معه بفرنسا وهو من علمني اللغة الفرنسية ودرست المسرح هناك".
آخر اعماله...
وقال :"من آخر أعماله كانت "ذاكرة للنسيان" عام 2008 هو الممثل وأنا المخرج، و"في ظل الشهيد" التي عرضت منتصف السنة الجارية وكان العرض الأخير لها بتاريخ 28-6، أما ما بين عام 1984 وحتى 1994 كان له 15 عملاً مسرحياً، كما عملنا سويا في مئات العروض في فلسطين والخارج ومنها "كفر شما"،" العين والسن"، "البحث عن عمر الخيام"، "أريحا عام الصفر".
الايام الأخيرة لفرنسوا..
وعن الايام الأخيرة لفرنسوا اوضح المخرج خليل انه سافر بتاريخ 29-6 ولمدة ثلاثة شهور(حتى 29-9) الى اليونان في اجازة ترفيهيه، وخلال هذه المدة كنت انسق له لعرض "ذاكرة النسيان" بالمدارس الفلسطينية الثانوية بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم".
فرانسوا الإنسان..
أما عن المخرج أبو سالم الإنسان فقال خليل :"هو معطاء وخجول، ويحب عمله بشده ويغار عليه، ولديه ارتباط رهيب بمدينة القدس والمسرح، هو انسان عملي وجدي، ومهني لدرجة عالية فلا يرضى بالحلول الوسط، يحب الدقة بالأشياء، مرتب، ومنظم، وصاحب ذوق رفيع".
المخرج فرانسوا ولد لأبوين فرنسيين، كان متزوجاً من السيدة جاكي لوبك وهي امريكية ومن مؤسسي الحكواتي، ثم تزوج بالسيدة "سليفا فيك" وهي سويسرية، وانجب منها ابنه "جميل "20 عاماً" ويدرس السينما في بلجيكا، حيث سمى ابنه بهذا الاسم العربي لارتباطه بالقدس..فقد ولد وترعرع فيها، ويصفه المخرج خليل بأنه مقدسي بالاطباع واللهجة والألفاظ فهو ابن باب الساهرة.
غياب المخرج فرانسوا عن الحياة المسرحية الفلسطينية
وقال : غياب المخرج فرانسوا سيخلق فراغا للعمل الجاد والانسان والشخص الفنان، وفراغا للانسان المشاكس الذي يحب المسرح... فهو يفهم المسرح بعمق ووعي وادراك... ويدرك ما هو دور المسرح في حياة الإنسان وبأنه ليس مجرد ترفيه أو دراما .. ويعتبر أن المسرح له دور مهم في خلق حالة ثقافية مميزة بالمجتمع ويلعب دور في تربية الانسان.
العمل المسرحي" عملية ولادة"...
ويضيف:" فرانسوا لا يعوض لأنه صاحب فكر في عالم المسرح والثقافة وليس انسانا سطحيا ، وكان يعتبر العمل المسرحي" عملية ولادة" ويجب ان تمر بكافة المراحل الرعاية والاهتمام، ولا يهتم بالكم...وكان دائما يرغب في أعماله أن "يتعب" المشاهد ليسأل كيف ولماذا ومتى.
فرانسوا ينتمى لزمن لا يحتاج إلى دعم المانحين...
ويقول فرانسوا ينتمى لزمن لا يحتاج إلى دعم المانحين ، حيث كانت الحركة المسرحية الناشئة تعتمد على جهود أفرادها وعلى دعم الجمهور، وكانت تمثل حالة موضوعية لحركة كان لا بد لها من الظهور، ونزوعاً أصيلاً لدفاع الشعب عن ذاته بمختلف الوسائل والأشكال
عتبي على فرانسوا أنه تركنا في وقت ونحن باشد الحاجة اليه!!!
ويقول الفنان والمخرج "نحب فرانسوا لكني عتبي عليه أنه تركنا في وقت ونحن باشد الحاجة اليه ، فهو من وضع حدا لحياته .
ويقول يوم وصوله الى الاراضي الفلسطينية بتاريخ 29-9-2011، بقي عندي ببيت حنينا وبقينا سويا طوال النهار ثم أوصلته يوم السبت الى رام الله، وبقينا على اتصال عبر الهاتف وجهاز الحاسوب، وكنت اشعر انا ومن حوله بتعبه لكنه(انسان لا يحب أن يقوده أحد).
اجراءات وترتيبات الدفن والجنازة
وعن اجراءات وترتيبات الدفن والجنازة يوضح ان الليلة ستحضر والدته وأخته الى الاراضي الفلسطينية، وسيتم متابعة اجراءات الدفن، وقراءة الوصية التي كتبها قبل وفاته وهي مع الشرطة الفلسطينية.
وقد اجريت اتصالاً بأحد أصدقاء العمل للمخرج أبو سالم، الأستاذ جمال غوشة مدير المسرح الوطني الفلسطيني"الحكواتي" حيث قال :"ان المخرج فرانسوا أبو سالم يعتبر أحد وأهم رواد ومؤسسي الحركة المسرحية في الأراضي الفلسطينية، فهو من بادر بتأسيس المسرح الوطني عام 1984 من قبل فرقة الحكواتي..والتي كانت تضم ستة أشخاص من الداخل والخارج....وبسبب القوانين المدنية الاسرائيلية في ذلك الوقت التي كانت تمنع التجمع في مناطق الضفة الغربية المحتلة كان وجود المسرح هو المتنفس الثقافي والحضاري الوحيد في الضفة والقدس، وبهذا اصبح المسرح الوطني الفلسطيني هو أول مؤسسة ثقافية فلسطينية تحت الاحتلال الاسرائيلي".
خدمات جليلة قدمها فرنسوا للعمل المسرحي الفلسطيني
وأكد غوشة على الخدمات الجليلة التي قدمها فرنسوا للعمل المسرحي الفلسطيني من خلال العلاقات مع أوروبا، حيث هو من أدخل النظرة البصرية (الألوان والديكورات الكبيرة) للعمل المسرحي، كما كان هو من بادر بنقل تجربة "المسرح الجديد" الأوروبية الى الأراضي الفلسطينية، ووصفه بالجسر الذي عَرَف الشارع الأوروبي بالتجربية المسرحية الفلسطينية.
وأضاف :"لقد ترك أبو سالم العمل في المسرح الوطني عام 1989 وبقي على اتصال مع القائمين به وكان يقوم بعرض اعماله باستمرار على خشبته".
وبقي اسم "الحكواتي" هذه الفرقة المتجولة والتي أسست المسرح راسخا حتى يومنا هذا في ذهن كبار وصغار المقدسيين ولعل السبب في ذلك كما يرجح غوشة الى التراث الذي يحمله الأسم، وتعبر اول فرقة تتأسس تحت الاحتلال وملاذ لأهالي الضفة والقطاع لعرض ما يريدونه في وقتها، كما كانت للحكواتي الاجهزة والتقنيات التي تساعده على ذلك.
ينتمي فرانسوا لعائلة مثقفة كما يقول غوشة..فوالده كان شاعراً اضافة لعمله كمدير للمستشفى الفرنسي بالقدس، ووالدته كانت تعمل في مجال الديكورات.
غوشة: لماذا يتم تكريم الفنان بعد وفاته فقط؟!
واعرب غوشة عن أسفه لعدم الاهتمام بالحياة الثقافية بالأراضي الفلسطينية، وتكريم الفنان فقط بعد وفاته، متسائلا :"هل تكريم الفنان يكون بعد وفاته فقط؟؟؟ فالفنان فرانسوا عمل جاهدا للحفاظ على المشهد المسرحي الفلسطيني رغم الامكانيات الضعيفة وكانت أعماله بجهد فردي".
وقال غوشة :"رغم غياب أبو سالم الا أنه سيترك بصمته على الحياة المسرحية".
وأضاف غوشة :"تقدمت وزارة الثقافة الفلسطينية وكافة أعضاء المسرح عزائها بوفاته، كما اعلن اتحاد المسرحيين الفلسطينيين في القدس عن استقبال المعزين بوفاه الزميل والصديق فرانسوا ابو سالم وذلك في مركز الموسيقى العربية – مصطفى الكرد الواقع بجانب المسرح الوطني الفلسطيني (الحكواتي) يوم غد الأثنين ابتداءاً من الساعة الرابعة بعد الظهر".
ينعى مسرح الرواد في مخيم عايدة الفنان المسرحي المبدع الأصيل
فرنسوا ابو سالم الذي عاش عمودا من اعمدة الثقافة والحركة المسرحية الفلسطينية، وعضوا مؤسسا لمسرح الحكواتي - المسرح الوطني الفلسطيني في القدس المحتلة.
لعائلته واصدقائه واحبائه، ولعائلتنا المسرحية الفلسطينية كل العزاء، وله ارث نحافظ عليه في زمن الغياب.
[email protected]
أضف تعليق