سؤال:
أنا أم لطفل يبلغ من العمر سنتان و 4 شهور. مشكلتي أني أخاف عليه كثيرا. تزعجني لا مبالاته لتنبيهاتنا – أنا وأبوه-. أرفض اختلاطه بأطفال آخرين خوفا من اكتسابه عادات سيئة وكلمات بذيئة. هو مؤخرا يكثر من استخدام الكلام البذيء. من دون انتباه أقوم بتوبيخه أمام الجميع مع العلم بأن ذلك يضرّه وينمّي به طفلا عديم الثقة بنفسه. هذا ما لا أتمناه لطفلي. فماذا بوسعي أن أفعل دون المس باستقلاليته وعدم حرمانه من اللعب مع الأطفال الآخرين؟ وكيف أمحو لديه عادة الكلام البذيء مع العلم بأن الجميع يقوم بتشجيعه؟ وشكرا لك على نصائحك الثمينة.
الجواب:
عزيزتي،
تحية ولا للقلق. أنت أم واعية وبامتياز. يا ليت كل أم تلاحظ ضرر أسلوبها التربوي السلبي –التوبيخ- كما حصل معك. ليت كل أم تطلب المعرفة والاستشارة التربوية.
كيف يتعلم الطفل لغة؟
جميع أطفال العالم تمر بتلك المرحلة من ألفاظ عشوائية لا يعرف معانيها. اكتساب اللغة هو عن طريق تقليد ألفاظ بيئته المحيطة. محيطه يشجعه حين يتلفظ بها -كما تقولين- فهذا يجعله يكررها. تلك مرحلة عمرية مؤقتة.
إنني أومن بأن البيئة ليست محمية ودفيئة. طفلك يعيش بيئة طبيعية ومتنوعة. يلتقط منها الألفاظ والتصرفات فيقوم بتقليد ما بمقدوره تقليده. حين يمارس تقليد الألفاظ هو لا يدرك معانيها البذيئة أو غير اللائقة. هو يكرر ويتلقى حاجته العاطفية من ترغيب اجتماعي. طفلك لم يصل بعد لمرحلة عمرية تميز بين المعاني المجردة عن حواسه وأحاسيسه.
هل التوبيخ يمنع بذاءة لسان الطفل؟
ألفاظه أصبحت عادة بعد أن حققت له رغبة سببها يقظتك- توبيخه، تأنيبه-. فأصبح معنى التوبيخ بالنسبة إليه هو التنبه والاهتمام. فلا فائدة من توبيخه أو إهانته أمام الجميع بل يضره. هذا عدا عن أن الجميع يقوم بتشجيعه.
لا للقلق من استمرار تلك العادة. فأنت هي نموذجه العاطفي الذي يرغب طفلك بتقليد سلوكه وألفاظه. أبوه أيضا نموذجه العاطفي القريب منه وهو مثاله الأعلى ودافعه لتقليد تصرفاته وألفاظه. التجاهل هو الحل لعلاج تلك العادة. طالما أنتما تتجاهلان سلوكه هذا ولا تتلفظان بتلك المفردات فلا بد لتلك العادة من التلاشي والاختفاء مع مرور بعض الوقت. بذاءة لسانه تصبح عادة كلما تركز اهتمامك بها بحالتين إما بالتوبيخ أو بالتشجيع وبالضحك معهه.
هل من وصفة تربوية للتخلص من عادة غير مستحبة؟
نعم وهي التربية الإيجابية. التربية الإيجابية هدفها الانتباه لكل سلوك إيجابي يقوم به الطفل والامتداح وتجاهل أي سلوك غير مستحب- بذاءة لسانه- والانشغال عنه.
امتداحه على أنواع سلوك مستحبة لترسيخها ودوامها مثل: شكره بعد تقديم خدمة ما، بعد فرك أسنانه، بعد استخدام المنديل عند الحاجة بدل كمه، غسل اليدين بعد وجبة طعام وقبلها...
دوام أية عادة هي بتركيز الانتباه عليها وبامتداحها دوما. تكرار الامتداح يعزز شخصيته ويقوي ثقته بنفسه. انتزاع عادات سلوك غير مستحبة يلزم تجاهلها -حتى وإن زادت بذاءة لسانة- عليك بتجاهلها والانشغال بأي عمل من غير الالتفات إليه أو منعه. ما يضايق هو الضغط الاجتماعي –كما ذكرت-. تلك جرعات اجتماعية سلبية قاسية. سوف تتلاشى طالما لم يجد منك الانتباه كما اعتاد سابقا- توبيخه-. من المهم وأثناء الانتزاع الاهتمام كثيرا بعاداته الإيجابية المستحبة وبامتداحه – تكرار الانتباه وتكرار الامتداح- كي يحصل الاستبدال والتوازن.
ما هي مدة التخلص من عادة؟
من المهم أيضا عدم توقع التخلص من عادة سلبية بين ليلة وضحاها. انتزاع عادة يحتاج لمدة زمنية أقصاها 21 يوما – ذات وقت ترسيخ عادة وربما أكثر قليلا-. لا تيأسي ولا تحبطي لأن النتيجة نافعة وتجعله ذا شخصية واثقة بعد أن اكتسب خبرتها.
[email protected]
أضف تعليق