ما يزال النقاش حول شبكات الاتصالات الخلوية، وتأثيرها المحتمل على الصحة، دائرا على عدة مستويات، فتاره نراه ونسمع أنه طفا على السطح وبات الشغل الشاغل لأوساط واسعة، وطورا نكاد ننسى أن نقاشا من هذا القبيل مطروحا أصلا. من باب الشفافية المطلقة، ومن باب حق الجمهور بالمعرفة، ارتئينا في موقع "بكرا" ان نساهم بتوضيح الأمور ولو قليلا، فكانت لنا هذه المقابلة مع السيد "جاي يوم طوف"، الناطق بلسان منتدى الشركات الخلوية، وسألناه خلالها عن كل المواضيع التي تهم الجمهور الواسع، والتي لا بد أن يتلقى الناس إجابات صريحة وواضحة عليها.

"بكرا": ما هو منتدى الشركات الخلوية، ولماذا أقيم؟

يوم طوف: "أقيم المنتدى بمبادرة من الشركات الخلوية الثلاث الكبرى في البلاد، ووظيفته هي إمداد الجمهور بالمعلومات الآنية والدقيقة المتعلقة بأمان الشبكات الخلوية (الهواتف والهوائيات). أقصد بالمعلومات كل المعلومات العلمية المحتلنة التي تنشر في البلاد وحول العالم. كل ذلك من اجل أن نسهل على الجمهور عملية اتخاذ القرار عند استخدام الهواتف الخلوية".

"بكرا": إذا، ما هو المبدأ الذي يحرك هذا المنتدى، مصلحة الشركات الخلوية أن مصلحة الجمهور؟

يوم طوف: "أولا لا بد أن أشير إلى أن تمويل المنتدى يأتي من الشركات الخلوية، لكنه ينتهج الشفافية الكاملة بتزويد الجمهور بالمعلومات الموجودة بين يدينا في مختلف المواضيع.

نحن لا ننتج المعلومات ولا نصنعها، نحن ننشر فقط المعلومات التي تصدر عن وزارة الصحة وزارة حماية البيئة، ومنظمة الصحة العالمية وإتاحتها للجمهور الواسع. ومن أجل هذا نقوم بتشغيل مركز خدمات هاتفية باللغات الثلاث (العربية العبرية والروسية)، وكذلك موقع إنترنت عنوانه: www.infocell.org لتتم الإجابة على جميع الأسئلة المتعلقة بالموضوع".

هوائيات أكثر، إشعاع أقل...

"بكرا": أهم سؤال يتعلق بالهوائيات هو: عددها، انتشارها، وهل تسبب الأمراض أو لا؟ ثم ما هي معادلة "هوائيات أكثر، أشعة أقل"؟

 يوم طوف:  "المبدأ من وراء هذه المعادلة هو ليس موقف المنتدى، بل هو الموقف الرسمي لوزارة حماية البيئة ووزارة الصحة في البلاد. هذا الموضوع علمي قابل للقياس والإثبات، كلما زاد عدد الهوائيات في مكان ما يكون على الهوائية الواحدة أن تخدم عددا أقل من الناس، وبالتالي فإنها تصدر كمية وقوة أقل من الأشعة. وكذلك الهاتف يصدر كمية أقل من الأشعة.

بالنسبة لكل قضية استخدام الهواتف، توصي وزارة الصحة من يريد ذلك أن يستخدمها أن يقوم بذلك بحكمة وحذر قدر الإمكان. ففي البلاد هنالك 9 ملايين جهاز خلوي مع 7.5 مليون مواطن، أي نسبة استخدام تصل إلى 130%... كلنا نريد أن نتحدث بالهاتف الخلوي من كل مكان بأعلى جودة، لكننا يجب أن نفهم أن هذا غير ممكن دون الهوائيات. فليس من الحكمة التحدث بوجود هوائيات بعيدة، لذلك يجب نشر الهوائيات أينما أمكن ذلك. وكما تؤكد وزارة حماية البيئة، ليس هنالك أي مشكلة بالتعرض للهوائيات، فكلها خاضعة لمعايير صارمة تحددها وزارة حماية البيئة".

"بكرا": ما معنى الحذر باستخدام الهاتف الخلوي؟

يوم طوف: "أولا، دعني أوضح أن موقف وزارة الصحة الرسمي يقول إن لا خطر بالهوائيات، وأنه يجب زيادة عددها قدر الإمكان. الحديث عن الحذر يتطرق لاستخدام الهاتف نفسه.

أما بالنسبة لمعنى الحذر، فهو أن نتبع مبدأ الحذر الواقي، أي أن ننفذ توصيات وزارة الصحة التالية:

- استخدام السماعات السلكية للأذن. – استخدام مكبر الصوت في الجهاز (SPEAKER). – عدم التحدث بالخلوي من داخل المصعد وأماكن ذات تغطية منخفضة.

تظهر تقارير وزارة الصحة أن البلدات التي بها عدد أقل من الهوائيات، فيها أكبر قدر من الإشعاع. وعندما يخوض الناس معركة ضد الهوائيات ويحتفلون بإزالة إحداها، فإنهم (بناء على أقوال المختصين) يتسببون بنتيجة عكسية، ويعرضون السكان لقدر أكبر من الإشعاع".

المعايير في البلاد أكثر أمنا من بقية العالم بـ 10 أضعاف

"بكرا": لنتطرق للهواتف والهوائيات حين "تبذل جهدا أكبر"... هل هنالك احتمال أن تتجاوز الحد المسموح به من الإشعاع وفق معايير وزارة الصحة والبيئة المتشددة؟

يوم طوف: "من المهم بالنسبة لي الإشارة إلى أن المعايير في البلاد تسمح بكمية إشعاع تقل بعشر مرات عمّا توصي به منظمة الصحة العالمية (والمتبع في ألمانيا، فرنسا، الدنمارك، السويد وغيرها)... كذلك، فإن منظومة المراقبة في البلاد تشدد كثيرا، فكل هوائية يجب أن تحصل على تصريحين للأمان من وزارة حماية البيئة، كما أنها تخضع لرقابة كاملة 24/7 ولذلك فإنها لا تستطيع أن تتجاوز الحد... وإذا حصل وتجاوزت، فإن الأمر يظهر مباشرة على حواسيب وزارة حماية البيئة، وهذه بالمناسبة مخالفة جنائية".

"بكرا": ما هو المكان الأمثل للسكن فيه، تحت الهوائية مباشرة أم بقربها، أم أبعد ما يمكن عنها؟

يوم طوف: "عندما نسكن في المناطق المدنية فعلينا أن نعرف أن لهذا الأمر الكثير من الحسنات ومثلها من السيئات. ونحن معرضون لأشعة الراديو من كل مكان ممكن تقريبا (محطات الإذاعة، التلفزيون، شبكات اتصال محطات التاكسي، وغيرها)، وكذلك الكهرباء، وكلها مصادر إشعاع.

الفكرة هي أن الهوائية موجهة لخدمة بقعة ما (حي مثلا). ولكن علينا أن نعرف أننا بمجرد أن نبتعد عن الهوائية بضعة أمتار فإن أشعتها تندمج مع بقية أنواع الأشعة التي تملأ الجو وتضيع هناك. لذلك تم تحديد (مدى آمن) هو عبارة عن أمتار معدودة يمنع المكوث فيها. خارج هذا النطاق، يكون الوضع سليما. أما بالنسبة لسؤالك... فإن تحت الهوائية تماما ليس هنالك أشعة على الإطلاق، لأنها موجهة لأماكن حولها وليس تحتها تماما.
المهم ليس الهوائية، المهم الهاتف نفسه. الفرق بين من يتحدث بالهاتف على بعد 50 مترا من الهوائية، ومن يقوم بذلك على بعد 500 متر هو أن قوة الأشعة الصادرة عن جهاز الهاتف من الممكن أن تصل إلى نحو 1000 ضعف بعيدا عن الهوائية! هنالك ثمن للسكن بعيدا عن الهوائيات الخلوية... والحقيقة أنه من الأفضل التواجد بالقرب من الهوائيات وليس بعيدا عنها".

لا إثبات علميا، ولكن علينا انتهاج "الحذر الوقائي"

"بكرا": أشعة الهوائيات هي أشعة كهرومغناطيسية عادية، مثل الراديو والتلفزيون وغيرها. فلماذا الآن فقط نسمع عن أضرارها المحتملة. أم أن وجود الهاتف الخلوي بيدنا كمصدر إشعاع هو السبب؟

يوم طوف: "تعال نتفق أولا أن الأمر مشابه أيضا في الراديو والتلفزيون، فلكي تلتقط البث يجب أن تكون محاطا بالإشعاع (موجات البث).
أما بالنسبة لأمراض السرطان، فهي لم تبدأ بالظهور قبل 5 أو عشر سنوات، ولا حتى قبل 15 عاما... إنها ظاهرة عالمية قديمة. كما أن هنالك الكثير من أنواع السرطان ولها عدة أسباب، أكثرها انتشارا التدخين. بالمقابل، استخدام الهواتف الخلوية بكثافة هو ظاهرة لا يزيد عمرها عن عشر سنوات على أكثر تقدير.

ومع ذلك، واستجابة لادعاء البعض أن هذه الهواتف والهوائيات تسبب السرطان، قامت وزارة الصحة في البلاد، ونظيراتها حول العالم بفحص الموضوع من خلال عدة أبحاث. وأنا لا علم لي ببحث أو تقرير واحد استطاع إثبات صحة الادعاء أن الهوائيات تسبب السرطان.
وبالنسبة للهاتف نفسه، تقول وزارة الصحة إنه على الرغم من عدم إثبات وجود أي علاقة، فإن الهاتف الخلوي لمجرد أنه موجود بالقرب من الرأس يستدعي منا بعض الحذر الوقائي".

"بكرا": هل توافق على استخدام الأولاد والأطفال للهاتف الخلوي أو على استخدامه بالقرب منهم؟

يوم طوف: "نحن جميعا متفقون على أننا نرغب بالاستمرار بالتحدث بالهواتف الخلوية، ففيها الكثير من الفوائد. لكن السؤال الأهم هنا هو: كيف نستخدم الهاتف الخلوي بحكمة وحذر. بالنسبة للأولاد، الموضوع هو قرار من الأهل، والحقيقة أن ولدا قاصرا (أقل من 18 عاما) لا يستطيع أن يكون مشتركا في أي شركة خلوية، لذلك فإن الأمر يتعلق بالأهل: متى نعطيه الهاتف، وكيف نعلمه استخدامه بصورة صحيحة. المنتدى هنا يتبنى موقف وزارة الصحة الذي يقول إنه من المفضل تقليص مدة المكالمات والتعرض للأشعة، دون الحاجة لأخذ الهاتف منه، لكننا بالإمكان أن نعطيهم سماعة للأذن أو أن نطلب منهم استخدام مكبر الصوت وعدم التحدث من داخل المصعد أو من الأماكن التي بها إرسال ضعيف".

على الجمهور أن يطالب بنشر أكبر عدد من الهوائيات الخلوية!

"بكرا": وماذا عن كل هؤلاء الذين يرغبون بتلقي خدمة ممتازة وأفضل بث من الهاتف الخلوي، دون الاستعداد لوجود الهوائيات حولهم. ماذا تقول لهم؟!

يوم طوف: "أعتقد أن المواطنين ملزمين بأمرين أساسيين. أولا بالنسبة لاستخدام الهاتف الخلوي، فعليهم استخدامه بصورة حكيمة كما أسلفنا، ووفق توصيات وزارة الصحة.
أما بالنسبة للهوائيات نفسها، فأعتقد أن على المواطنين أن يأتوا ويطلبوا من البلديات أن تقوم بوضع تخطيط علمي وسليم لنصب هذه الهوائيات من أجل أن يكون الأمر تحت سيطرتها. إضافة إلى نشر أكبر كمية من الهوائيات بشكل مراقب.
بإمكان البلدية أن تستعين بالمستشارين والمختصين وتكون على تواصل مع وزارة الصحة ووزارة حماية البيئة. والأهم أن يكون هنالك جهد توعوي. أعتقد أن الناس اليوم لا يعرفون الكثير عن الموضوع، وعندما تصبح لديهم معلومات كافية، سيفهمون أين تكمن الحقيقة. وحتى لو بقيت لديهم بعض الشكوك، فإنهم سيعلمون أن الأمر تحت السيطرة".
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]